منتدى العمق

حكمة “أمزازي” في حسن تدبير المرحلة

كاتب رأي مغربي

كتبت في السنة الفارطة موضوعا بعنوان “حصيلة أمزازي.. وبوادر الاستمرار” ونشرته يوم 27 شتنبر 2019، وبالرجوع لهذا التاريخ، كنا أمام التعديل الاستثنائي للحكومة التي أُطلق عليها إسم “حكومة الكفاءات” ، وفي ذلك الوقت تداول عدد من النشطاء غياب “سعيد أمزازي” وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي عن التعديل الحكومي الجديد، بينما تنبأت في مقالتي إلى استمرار الرجل على رأس وزارة التعليم، وهو ما حصل حينما استقبله جلالة الملك من بين أعضاء الحكومة الجديدة، بل وأضيفت له حقيبتَي التعليم العالي والبحث العلمي، بعدما تم استبعاد “خالد الصمدي” كاتب الدولة المكلف بذلك سابقا، وذلك في إطار الاستغناء عن كتاب الدولة في سائر الوزارات.

أما بخصوص الموضوع الذي ذكرته أعلاه -يمكن الرجوع إليه- كنت قد تحدثت فيه عن مجموعة من الأعمال والجهود التي قام بها “أمزازي” في خدمة الكثير من الملفات، وهو ما أبان بجلاء مدى التزام الرجل بالعهود التي قطعها أمام ملك البلاد، الأمر الذي جعل صاحب الجلالة نصره الله يجدد به ثقته مرة أخرى ، حينما عيّنه ناطقا رسميا باسم الحكومة، بعدما تمّ استبعاد “حسن عبيابة” عن تلك الحقيبة، مما يبين أن كل هذه الثقات المولوية السامية التي تتجدد من حين لآخر، هي إشادة من أعلى سلطة في البلاد، بكفاءة “أمزازي” العلمية و المهنية، وتنويها بعطاءاته وإسهاماته في المهام المنوطة به.

وبالنظر إلى الإجراءات التي قامت بها وزارة “أمزازي” في سياق تدبير جائحة كوفيد19 ، فإن المتتبع لاشك أنه سيلاحظ أنها إجراءات جريئة، وقرارات شجاعة تهمّ شريحة حيوية ومهمة من التلاميذ والطلبة، فقد تم توزيع كراسات للدعم التربوي، والتعليم الذاتي، تهم اللغة العربية واللغة الفرنسية مجانا على مليون تلميذ (ة) يتابعون دراستهم بالمستويات الست لسلك التعليم الإبتدائي، بالمناطق النائية بالمجال القروي، والمناطق ذات الخصاص بجميع أنحاء التراب الوطني، حسب ما لاحظ الجميع في بلاغ الوزارة الذي صدر يوم الإثنين 11 ماي 2020 ..

كما أطلقت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، ابتداء من يوم الأحد 31 مارس 2020 منظومة معلوماتية تمكن التلميذات والتلاميذ، من الولوج المجاني إلى منصة التعليم عن بعد Telmid TICE ، وكذا تحميل الموارد الرقمية بدون ضرورة التوفر على رصيد الأنترنيت، لأجل مبدأ تكافؤ الفرص بين التلميذات والتلاميذ، وتمكينهم من الاستفادة من جميع الدروس التي تقدمها المنصة، وخاصة حصص الدعم والتقوية، والتحضير لامتحانات البكالوريا.

وفي هذا السياق، فإن أبرز هاجس كان يعيشه التلاميذ وأساتذتهم على حد سواء، هو امتحان البكالوريا لدورة 2020، بوصف الشهادة المحصّل عليها تتويجا لمسار التلاميذ، ومفتاحا لازما لولوج عالم الدراسات العليا والجامعية، وقد رأينا أن بعض الدول قامت بإلغاء الامتحان الوطني، ومنها من قامت بتأجيله حتى إشعار آخر بحكم الظروف الصحية التي يعيشها العالم أجمع مع جائحة كورونا، أما في المغرب، فقد كثرت التكهنات والإشاعات، حتى صدر البلاغ الصحفي يوم 18 يونيو 2020 ، لانعقاد اجتماع المجلس الحكومي، الذي ألقى فيه “سعيد أمزازي” عرضا شجاعا حول امتحان الباكالوريا دورة 2020 ، في ظل حالة الطوارئ الصحية.

وذكر في عرضه “أمزازي” وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، أنه رغم الوضعية الصعبة التي تعيشها البلاد، إلا أن البلاد قررت الإبقاء على تنظيم هذا الاستحقاق الوطني الهام، الذي يشكل محطة مفصلية في المسار الدراسي لمئات الآلاف من التلاميذ، وكذا حفاظا على قيمة ومصداقية هذه الشهادة الوطنية، وقد كان عرض “أمزازي” الذي تضمّن ذلك القرار الشجاع، اطمئنانا لعدد كبير من تلاميذ الباكالوريا وأولياء أمورهم، كما أنه صرّح غير ما مرة، باحتساب 75% من الدروس الحضورية فقط، بعد استشارة الأساتذة حول نسبة إنجاز المقرر، وذلك حرصا على مبدأ تكافؤ الفرص.

وعقِب هذا القرار الشجاع الذي أفاد بالإبقاء على إجراء امتحانات الباكالوريا لدورة 2020 ، صدرت مجموعة من البلاغات الصحفية التي تهمّ الأجواء التي يمرّ بها هذا الاستحقاق الوطني لهذه السنة في سياق فيروس كورونا، ومن ذلك، البلاغ الصحفي الذي أفاد أن أزيد من 441 ألف مترشحة ومترشح سيجتازون امتحانات البكالوريا دورة 2020 في ظل الإجراءات الصارمة للوقاية من تفشي جائحة كوفيد 19، وقد بلغت نسبة الإناث 49% في حين بلغت نسبة المترشحين الممدرسين نسبة 72% ..

وتعزيزا للإجراءات التنظيمية لاستحاق الباكالوريا لدورة 2020 اتّخذت وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، جملة من الإجراءات الوقائية الضرورية، المتجلية
في تعقيم القاعات والمكاتب والمرافق الصحية، وتعقيم أظرفة المواضيع و أوراق التحرير والتسويد والتصحيح وكل ما يتعلق بالوثائق، بالإضافة للتباعد المكاني و وضع الآليات اللازمة، وعليه؛ قامت كل مديرية إقليمية في المملكة، بنشر فيديوهات توعوية تحدد فيها كيفية سير هذه الخطوات الاحترازية، وتؤكد على المترشحين والمترشحات بالحرص على التزام سير الخطوات وتزكية جهود الوزارة.

وانطلاقا مما تقدم ذكره، اتضح جليا، وبما لا يدع مجالا للشك، بأن إختيار جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده لسعيد أمزازي كان اختيارا صائبا، وأن جلالته ببصره، وبصيرته، ونظرته الثاقبة كان موفقا في تعيين السيد أمزازي في هذا المنصب، وقد كان معالي الوزير في مستوى التطلعات والآمال التي عقدت عليه، بحيث استطاع أن يدير الأمور خلال هذه الجائحة الكئيبة، والظرفية العصيبة باقتدار قل نظيره، وعز مثيله، مما ينبيء بحصاد وفير، ومكسب غزير، تجنى ثماره في آخر الموسم الدراسي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *