منتدى العمق

الحجر الصحي وإغاثة ركام الكتب

كثيرة هي التبريرات التي نستدعيها حين نفشل في الاجتهاد. نتقن فن التأجيل بشكل جيد ولا ننتبه للوقت عنوة أو ربما عن قصد مبرر.

في ظل الحجر الصحي وحالة الطوارىء التي عمت بلدان العالم بعد ظهور وتفشي فيروس كورونا، عدنا لكل تلك الأشياء القريبة جدا منا والتي لم نكن نلتفت إليها من قبل. ربما ﻷننا كنا نعتقد أن وقتها سيحين وسيكون مناسبا. الحجر الصحي هو إرغام وضرورة صحية واجتماعية. وهو أيضا فرصة لمراجعة الكيفية التي نتصرف بها وإعادة ترتيب الوقت الخاص الذي نقضيه بالبيوت.

ركام من الكتب التي تنتظر أن تقرأ، مقالات غير مكتملة الكتابة أو تحتاج إلى التنقيح والمراجعة. أغراض منزلية متفرقة بين هنا وهناك وأشياء كثيرة في غير محلها..

ظهور وباء كورونا فجأة، أعطانا وقفت واستراحة لنتأمل في أنفسنا وفي من نحن حقا! في ظل الحجر الصحي أعدنا ربط صلات التواصل مع أشخاص لم نتحدث معهم بشكل جيد منذ فترة طويلة، ربما منذ سنوات.

طال بقائي بالبيت، لا أذكر بالضبط متى جمعت كل هذه الكتب. أصناف من الكتب في مختلف المشارب الفكرية والمذاهب الفقهية. كتب لم أذكر حتى متى اشتريتها أو اقتنيتها أو استعرتها ولم أرجعها ﻷصحابها. لم أقرأ من قبل الكثير منها وﻷكون صادقا، فإن الكثير منها لم أكن أعلم بوجوده عندي. هو ركام كان ينتظر وجاء فيروس كورونا ليغيثه. كنت سعيدا وأنا أكتشف وجود بعض الكتب، التي تمنيت لو قرأتها وفهمت مضامينها. بل كنت أدرج الكثير من العناوين كل سنة ضمن قائمة المقروءات ولكني أخذل نفسي كالمعتاد فتمر السنة دون الاقتراب منها. إلا أنه في هذه السنة حان الظرف المناسب ﻹغاثة ركام الكتب هذا. قرأت ليلا ونهار وقرأت حين أتعب من القراءة وحين أكون مرتاحا وقرأت في كل حين.. أحييت صلتي بالقراءة، فتذكرت ذلك الادمان القديم الذي كنت عليه قبل أن تسرقني الحياة العملية بعيدا عنه. تجرأت على أمهات الكتب وانتقلت من مجال ﻵخر وكم كان هوسي يكبر وأنا أتغلب عن كسلي. نعم لقد حان الوثت الذي لم يكن في الانتظار أن يأتي..

التبريرات تجلب الشفقة وتدني المرء من الضعف والهزل وتحتاج إليها حين لا تملك من الخيارات إلا الشيء النزر.

أحيانا تنقذك نفسك فتهرب بك إلى أقرب الأبواب ولو علمت أن بها أقفالا صدئة وأن الزمن قد سطح الجدار بالباب حتى اصبح الباب جدارا. لكن؛ وفي لحظة عجزك التام وحين تفقد كل أمل في الأمل العجز، يصبح الجدار كله بابا.

* كاتب نصوص إبداعية ومدون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *