منوعات

بعد أن قلصت “كورونا” عدد الحجاج.. تعرف على أحداث تاريخية عطلت الحج

يتابع العالم الإسلامي هذه السنة مشاهد غير مألوفة عن الحج، حيث بدا عدد الحجاج ضئيلا جدا بالمقارنة مع السنوات الماضية، وذلك بعد قرار المملكة العربية السعودية تقليص عدد الحجاج هذا الموسم بسبب جائحة “كورونا”، وقد لا يعلم عدد من المسلمين أن الحج سبق له التوقف عدة مرات في تاريخ الإسلام.

حرب الأمويين والزبيريين

تعطلت شعيرة الحج لأول مرة في تاريخ الإسلام بسبب الصراع السياسي بين السياسية سواء بمنطقة الحجاز وفي قلبها مكة المكرمة أو بأقاليم العالم الإسلامي الأخرى، خلال مطلع سبعينات القرن الأول هجري، حيث حال الاقتتال السائد في عدد من أقطار العالم الإسلامي من وصول المسلمين إلى مناطق المشاعر.

ومن أقوى تلك الصراعات الحرب بين الأمويين والزبيريين مطلع سبعينيات القرن الأول الهجري، حيث كان الحجاج الثقافي محاصرا لمكة المكرمة سنة 93 هجرية، وهو ما منع عبد الله بن الزبير ومن معه من الوقوف بجبل عرفة.

 ثورة العلوين

وفي سنة 145 هـ، منع  والي مصر العباسي يزيد بن حاتم المهبلي الأزدي الناس من الحج، ولم حجّ في تلك السنة أحد من مصر ولا من الشام؛ لما كان بالحجاز من الاضطراب من أمر بني الحسن” في ثورتهم على العباسيين؛ وفق ما ذكره ابن تَغْرْي بَرْدي في مؤلفه “النجوم الزاهرة”.

انقطاع طويل للعراقيين

وانقطع أهل العراق وما وراءه من مناطق خرسات وآسيا الوسطى عن الحج لأعوام عديدة، بسبب تردي لأوضاع بالعراق مركز الخلافة العباسية وسلطناتها البويهية ثم السلجوقية، حيث لم يحج أحد سنة 401 هـ من العراق، لسببين اثنين، الأول اضطراب الأوضاع الأمنية المتردية جراء الخروج على العباسيين، والثاني وقوع فيضان كبير في نهر دجلة.

وفي العام نفسه (401هـ/1011م) لم يستطع حُجَّاج مصر أداء فرائضهم بسبب الأوضاع الأمنية المتردية، والصراع الداخلي بين القوات الفاطمية وأمير فلسطين حسان بن الجراح الذي خلع طاعة الفاطميين، وبايع أشرافَ الحجاز الذين كانوا يراوحون في ولائهم السياسي بين العباسيين ببغداد والفاطميين بالقاهرة.

وفي عام 407هـ/1017م “لم يحج الناس.. من خراسان ولا العراق”، بسبب صراع على العرش البويهي وقع “بين سلطان الدولة أبي”.

صراع السلاجقة

وامتنع الناس عن الحج سنة 485 هـ، بسبب نزاع أمراء السلاجقة على العرش بعد وفاة السلطان ملكشاه، ومن حج في تلك السنة “كان ضحية لانفلات الأوضاع الأمنية واستطالة لصوص الأمراء وقُطّاع الطُّرق على المسافرين”.

وفي السنة الموالية أي سنة 486هـ، الموافق لـ 1094م الموالية “لم يحجّ ركب العراق، وحجّ ركب الشام فنهبهم صاحب مكة محمد بن أبي هاشم، ونهبتهم العُربان عشر مرات، وتوصّل مَن سَلِمَ منهم في حال عجيبة”؛ حسب الذهبي (ت 748هـ/1348م) في “العِـبَـر”.

حرب السنة والشيعة

وكما أعاقت الصراعات بين الأنظمة السياسية رعاياها عن شهود مواسم الحج؛ كانت الفتن الطائفية السنية/الشيعية بالعراق سببًا إضافيًا في خوف الناس من الإقدام على أداء فريضة الحج، فابن كثير يذكر في “البداية والنهاية”، أنه في 441هـ/1050م “اقتتل الروافض والسُّنة وجرت ببغداد فتنٌ يطُولُ ذكرها، ولم يحُجّ أحدٌ من أهل العراق”.

الصراع الأيوبي الفاطمي

وحال صراع الدولة الأيوبية والدولة الفاطمية دون حج المصريين لعامين متتاليين، وذلك سنتي 562 و563 هجرية، حيث كانت الحرب على أشدها بين أسد الدين شيركوه وابن أخيه صلاح الدين الأيوبي من جهة، وبين الدولة الفاطمية من جهة ثانية.

أولوية للمقاومة

وكما كان الصراع السياسي الدامي -من حول منطقة الحرمين وعليها- سببا في تعطيل الحج طوال القرون؛ فإن الاجتياحات الأجنبية للمنطقة كان لها من ذلك نصيب وافر.

ففي سنة 615ه بدأ خروج المغول من بلادهم بمنغوليا وشمال الصين للقضاء على الدولة الخوارزمية المتاخمة لهم في تركستان ووسط آسيا، تمهيدا لاحتلالهم كافة مناطق إيران وهجومهم على مركز الخلافة العباسية بالعراق.

وكان ذلك الخروج سببًا جوهريًا لانقطاع ركب الحاج القادم من مناطق خراسان وما وراءها سنين عددًا؛ ففي 617هـ بدأت نتائج هذا الغزو في الظهور تباعًا، حتى إنه في تلك السنة “لم يحج أحد من العجم بسبب التتار”.

وفي موسم الحج التالي سنة 1221م “لم يحج أحدٌ من بلاد الأعاجم ولا من همَذان ولا من أصبهان، لخوف الطريق من انتشار الكفرة في البلاد وما يليها”، حسبما أورده الجزري.

وطوال الأعوام التالية (615–628هـ) ظل الحج مستعصيًا على ملايين الناس في تلك المناطق؛ بل إن الإمام ابن كثير يؤرخ إلى أنه “لم يحجّ الناس بعد هذه السنة (= 628هـ/1231م) أيضًا لكثرة الحروب، والخوف من التتار والفرنج”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *