وجهة نظر

العالم من سباق الفضاء إلى سباق اللقاح

عاشت البشرية خلال العقدين الموالين للحرب العالمية الثانية صراعا كبيرا بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة الأمريكية بخصوص تطوير الترسانة الصاروخية والتخطيط للصعود إلى القمر.

وقد يعتقد المتابع السطحي للأحداث أن هذا الأمر جاء بسبب تقدم البلدين في الأبحاث العلمية، والحقيقة أن كلاهما استغل العلماء الألمان والوثائق الحربية الألمانية، فكان نصيب الولايات المتحدة الأمريكية أوفر من حيث عدد العلماء الذين حلوا بأرض العم سام، وكان للإتحاد السوفياتي الحظ الأولى في الوثائق. وبذلك فإن كل الترسانة الصاروخية للدولتين أصلها صواريخ V1 و V2 الألمانية، والتي سميت سوڤياتيا ب: سويوز، وأمريكيا ب: ساتورن.

وكان الاتحاد السوفييتي دائما يسعى لمفاجأة غريمه الأمريكي ومفاجأة العالم بتفوقه واسبقيته، هذه “الأنا العلمية” دفعته لعدة كوارث جاءت تباعا وأهمها ما يلي:

✓ انفجار صاروخ سويوز1 بعد إقلاعه يوم 23 ابريل 1967، صاروخ علق عليه السوفييت أمنية نزول اول إنسان على سطح القمر. ويذكر أن أخطاء الصنع التي عدها المهندسون بعد الكارثة تصل إلى 203 خطأ لم يتم التدقيق فيها بسبب ضغط الوقت والتنافسية المفرطة.

✓ فشل يوري غاغارين كأول إنسان يسبح في الفضاء وأدى ذلك إلى موته.

ثم بعدها فشل إطلاق صاروخ N1 إلى الفضاء تداركا لكارثة سويوز 1.

كل هذا كان يحصل للسوفييت تحت ضغط الرغبة في الأسبقية والظهور أمام العالم بصفة الريادة والقيادة والقوة والنموذج. في حين أن الولايات المتحدة الأمريكية ظلت تراقب وتطور وتستفيد من أخطاء غريمها، وتستثمر المعلومات الإستخباراتية العسكرية والعلمية، لتعلن عن إطلاق صاروخها إلى القمر ونزول أرمسرونغ عليه يوم 20 يوليوز 1969.

إننا اليوم نتابع نفس الصراع ونفس التنافس بأدوات ووسائل جديدة لا تتطلب غزو ألمانيا او أسر واختطاف علمائها، وإنما التجسس على الأبحاث الألمانية العلمية المتعلقة بلقاح فيروس كوفيد19 والعمل على قرصنتها، ثم تبني فكرة السبق في صناعتها.

والسؤال الذي نواجهه اليوم وقد أعلنت روسيا توصلها للقاح كوفيد 19، هل سيعيد التاريخ نفسه لنكتشف كارثة هذا اللقاح بعد حين من الزمن؟ ما الذي يضمن عدم تكرار نفس الأخطاء الماضية، سيما وأن “الأنا العلمية” انضافت اليها “الأنا الإقتصادية” وحمى التسابق والاستقطاب على أشدها، والعالم كله قابلية للتصديق، وكله تشوف للخروج من جائحةهذه الأزمة.

لقد أعاد الألمان الصراع إلى مربعه الأول بعد ما أعلنوا قرب توصلهم للقاح كوفيد19، وأعلنوا أيضا أنهم سيضعونه رهن إشارة العالم ولن يضعوه في يد الشركات التجارية العملاقة.

إن من شأن هذا الإعلان أن يعيد حمى التسابق ويدفع بالروس هذه المرة إلى ارتكاب حماقات ليس في الفضاء، وإنما في الأرض وداخل جسم كل انسان في العالم.

فلا يَحمِلنَّكم اليأس والقنوط على تصديق كل شيء كالغريق الذي يحاول عبثا التعلق بخيوط الشمس المشعة في الماء، فخطأ الصواريخ والقمر قد يتحول إلى خطأ لقاح في البشر!

دمتم ودام لكم الحفظ في عقولكم قبل أجسامكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *