مجتمع

أجيال إعلامية: زهور لمزاري.. إذاعية حاصرها انقلابيو الصخيرات بالبنادق والمسدسات لـ3 أيام

أعلامية

تقف وراء وسائل الإعلام بمختلف أشكالها، طاقات بشرية هائلة تسهر على إدارتها وتشغيلها والقيام بكل المهام الإعلامية، بهدف إيصال رسالتهم النبيلة في تبيلغ المعلومة للمجتمع عبر وظائف الإخبار والتثقيف والترفيه، وهو ما يُسهِم في تشكيل البناء الإدراكي والمعرفي للأفراد والمجتمعات.

فالإذاعة المغربية التي تعود سنة انطلاقتها إلى 1928، والتلفزة المغربية التي شرعت في بث برامجها سنة 1962، وعلى مدار تاريخهما، مرت أجيال وأجيال من الإعلاميين أثرت وتأثرت بهذا لكيان الذي ترك بصماته عليهم وعلى ذاكرتهم، وكلما احتاجوا لغفوة منه رجعوا بذاكرتهم للخلف ينهلون منها أجمل الحكايات.

وتبرز في هذا الإطار، أطقم البرامج والنشرات الإخبارية من مخططي البرامج ومذيعين ومحررين ومنشطين وفنيي الروبورتاج والتوضيب وتقنيي التصوير والصوت وعمال الصيانة ومسوقو الإعلانات التجارية الذين يقومون بتنظيم الأعمال التجارية، إلى جانب مسؤولي العلاقات العامة والأعمال الإدارية المرتبطة بإنتاج البرامج والسهر على إعداد النشرات الإخبارية من اجتماعات التحرير إلى بثها عبر الأثير.

فطيلة أشهر فصل الصيف، تسترجع معكم جريدة “العمق” من خلال مؤرخ الأجيال الإعلامية محمد الغيذاني، ذكريات رواد وأعلام بصموا تاريخ الإعلام السمعي البصري المغربي عبر مسارهم المهني والعلمي وظروف اشتغالهم وما قدموه من أعمال إبداعية ميزت مسار الإعلام الوطني، وذلك عبر حلقات يومية.

الحلقة 76: زهور لمزاري

لم يكد يمر شهران على التحاقها بالإذاعة المغربية كمذيعة، حتى وجدت نفسها محاصرة بالرشاشات والبنادق والمسدسات، عاشت ثلاثة أيام رفقة زملائها تحت هذا الحصار، قضت لياليها ونهاراتها أسفل القمطر التقني.

زهور لمزاري واحدة من صحافيي ومنشطي البرامج ومذيعي الأخبار في الإذاعة الوطنية، الذين حاصرهم منفذو انقلاب الصخيرات في السابع من يوليوز سنة 1971، وتحكي لمزاري أنها كانت أياما من أصعب الأيام، التي شهدتها في حياتها، دامت ثلاثة أيام متتالية.

وقالت “بعد أن قضينا عدة أيام في التحضير للاحتفال بعيد الشباب، وجدنا أنفسنا محاصرين داخل مقر الإذاعة الوطنية بالرباط، وأولئك الأشخاص المدججون بالأسلحة الثقيلة يحاصروننا”.

زهور لمزاري، واحدة من الأصوات النسائية المغربية التي اقتحمت مجال العمل الإذاعي في أبريل سنة 1971، بدأت تجربتها كمراسلة للقسم الرياضي، من خلال برنامج “الحياة الرياضية”، الذي كان يذاع وقتئذ.

وتعتبر أن للحسين الحياني الفضل الكبير عليها في تحديد مسارها، لكنها لا تنسى زملاءها الذين التحقت بهم في قسم الأخبار، والذين تتحدث عنهم باحترام وامتنان كبيرين.

لم تنحصر تجربة زهور الإذاعية عند تقديم الأخبار، بل تعدته إلى التمثيل، إذ شكل حضورها إلى جانب عدد من الوجوه المسرحية والتلفزيونية، التي كانت تحرص على إيلاء الاهتمام أيضا لجمهور المستمعين، عبر عدد من التمثيليات الإذاعية، ومن هؤلاء التي تقول زهور إنها استفادت من تجربتهم وحنكتهم، محمد أحمد البصري، والهاشمي بنعمرو، وحمادي التونسي، وغيرهم كثر.

وتتذكر لمزاري أنها في بداية مسارها المهني أدت دور طفلة، إذ ساعدها صوتها وهي في ريعان شبابها على محاكاة صوت طفلة في إحدى المسرحيات، وتعترف أن لأمينة السوسي الفضل في خوض هذه التجربة.

كما تتذكر مسرحية “سيدة القطار”، التي أدتها رفقة هؤلاء، الذين تعتبرهم زهور من جهابذة المسرح المغربي.

بعد تجربة 39 سنة في الإذاعة الوطنية، انتقلت للعمل في قناة محمد السادس للقرآن الكريم، ودون شك فصوتها مازال يبهر، وهي تقول في مستهل برنامجها “الحافظات” بنبرة المؤمن المبتهل “يا منزل الآيات والفرقان، بيني وبينك القرآن اشرح به صدري، لمعرفة الهدى واعصم به قلبي، ويسر به أمري…”.

لكنها تعتبر أن سنواتها التي قضتها في إذاعة ظل شعارها هو “هنا الرباط إذاعة المملكة المغربية”، كانت على قدر كبير من الغنى والفائدة.

هي امرأة مبدأ، وهي أيضا امرأة نكتة، إذ لم تشأ أن تمر فرصة لقائها ببعض الأصدقاء دون أن تعرج في نوستالجيتها، على بعض المستملحات، التي عايشتها حين كانت مذيعة للأخبار في الإذاعة الوطنية.

وتحكي لمزاري بخفة دم أنها وزملاؤها ضحكوا حد البكاء، حين كانت إحدى الزميلات تقدم زميلة من الإذاعة الجزائرية جاءت في زيارة للمغرب، في إطار برنامج لتبادل الخبرات والتعارف بين الإذاعات المغاربية.

وتقول إن زميلتها أرادت أن تخاطب الزميلة الجزائرية باسمها العائلي عوض اسمها الشخصي، في إطار آداب المجاملة، وكانت تدعى “فتيحة”، فسألتها عن اسمها العائلي فأجابتها “فتيحة تو كور”، أي فتيحة ببساطة، وحين أرادت الزميلة المغربية أن تقدم زميلتها الجزائرية ضمن برنامج مباشر يعرف بعلاقة التعاون، التي تجمع بين الإذاعات المغاربية، قالت “معنا اليوم واحدة من الأصوات النسائية المقتدرة والفاعلة في الحقل الإذاعي بالقطر الشقيق الجزائر، المذيعة فتيحة توكور…”، فاجأ الأمر الضيفة لكنها لم تعلق.

* المصدر: كتاب “للإذاعة المغربية.. أعلام”، وكتاب “للتلفزة المغربية.. أعلام” – محمد الغيداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *