وجهة نظر

منطقة منكوبة

في كتب أساطير الأولين التاريخية و حكاية ألف ليلة و ليلة السياسية، قد تجد معلومة أن دولة كوبا ساندت و تساند انفصالي جبهة البوليساريو، تجمع أطفال المخيمات، تجندهم ..لكن لن تجد أبدا معلومة أن نفس (الكوبا) تملك إحدى أقوى أنظمة الرعاية الصحية في العالم، و أكبر عدد أطباء نسبة لعدد السكان في العالم.

دولة عاشت الحصار الخانق لأزيد من نصف قرن، وضعت أولوياتها في الصحة و التعليم تماشيا مع دستورها الاشتراكي، الضامن لحق الصحة و التعليم لكل فرد من أفراد الشعب. عكس اشتراكية تضمن الاشتراك في تقاسم “وزيعات مليونية” أمام شعب يستعد للعودة -بكل روح وطنية- للحجر الصحي المشدد، لأنه شعب “جاهل”!

بمتوسط راتب شهري يبلغ 20 دولارا للمواطن (200 درهم) توفر كوبا طبيبا لكل 150 مواطن، و هو ضعف ما توفره بلدي المغرب؛ 8 أطباء لكل 10 آلاف نسمة، بمرات و مرات!!!

في كوبا، حتى أبسط الخدمات الطبية تقدم مجانا. في كوبا، يصل معدل العمر إلى 77 عامًا للرجال و81 عامًا للنساء، ما يقارب النسبة في المملكة المتحدة التي يبلغ فيها معدل العمر 79 عاما للرجال و83 بالنسبة للنساء.

ليست مشكلة موارد و لا أموال، بل معضلة اختيارات و أولويات. فبينما اعتبر المغرب إقامة انتخابات تشريعية و جماعية أولوية بعد سنة من الاستقلال، أخد (فيديل كاسترو) العبرة من فرار 60 ألف طبيب بعد (الثورة)، فقرر بناء منظومة قوامها شعب: واكل، شارب، قاري…معافا في بدنه!

متوسط راتب الطبيب الكوبي 60 دولارا ( أقل ب13 مرة من نظيره المغربي صاحب ال8 آلاف درهم) لكن كوبا تستثمر في الأطباء ف”تصدرهم” لعشرات الدول محولين ما يفوق المليار دولار لهافانا كل سنة.

مع فنزويلا، وقعت كوبا اتفاقية النفط مقابل الأطباء، فأرسلت 10000 طبيب مقابل حصولها على مائة ألف برميل نفط يوميا بأسعار مخفضة من كراكاس. مع الجزائر، وقعت هافانا اتفاقية الغاز مقابل الأطباء، فأوفدت الطواقم الصحية لبلد (المليون شهيد) نظير حصولها على الوقود الجزائري.

لماذا إذن لا يوقع معها السادة وزير الخارجية (بوريطة)، وزير الفلاحة (أخنوش) و مدير مكتب الفوسفات (التراب) اتفاقيات الفوسفات مقابل الأطباء، و السمك مقابل الأطباء، بنفس الحماس الذي يوقعون به اتفاقيات تسليم البحار لأوروبا مقابل ثمن بيع (نيمار) لباريس أنجرمان؟!!!

على الأقل سيرى المواطن المغربي ثرواته خدمات تفك من كربه و عسره و جحيمه، بدل رؤيتها (الثروات) عرائس بحر ترقص على اليخوت. فيا ليتنا كنا منطقة من كوبا!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *