منتدى العمق

التطبيع خيانة للقضية

بن زايد نتنياهو

تعتبر صفقة القرن الملعونة التي رفضتها معظم الدول العالمية والعربية، هي الضربة التي قسمت ظهر العرب بين مؤيد ومعارض ومحايد لصفقة العار، بعدها جاء التطبيع الإسرائيلي الإماراتي المعلن مباشرة من طرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمام الملئ ووسائل الإعلام المحلية والعالمية . ليزيد الطين بلة ويعكر الجو السياسي والاقتصادي بالمنطقة، بين مؤيد للتطبيع الإماراتي الإسرائيلي بحجة تجميد ضم إسرائيل لأراض فلسطينية للضفة الغربية إلى وقت لاحق، أما المعارضون للتطبيع فحجتهم الايمان بعدالة وأحقية الأرض للشعب الفلسطيني .

كيف يعقل أن تكون الأرض لإسرائيل الكيان الصهيوني الذي عمره أقل من ستين سنة، في الوقت التي نجد دولة أصغر شجرة زيتون فيها عمرها مائة سنة؟ أليس هذا ظلم وحيف وعدوان في حق الشعب العربي الفلسطيني. أم أنه سيقع للحكام العرب مثل ما وقع للثور الأبيض، بعدها يقولون أُكلت يوم أكل الثور الأبيض، يوم لا ينفع مال ولا ندم ولا يبقى غاز ولا بترول ولا ذهب أو فضة .

” أمريكا هي الطاعون والطاعون أمريكا ” كما قال محمود درويش . وهي الراعية والحامية للدولة الصهيونية في الشرق الأوسط والخليج العربي؛ للحفاظ على مكانتها وهيمنتها السيادية بالمنطقة ومصالحها الاقتصادية والسياسية، إنها العدو العلني والخفي للعرب والإسلام في كل مكان .

بعد هذا التطبيع المعلن بين الإمارات وإسرائيل سيقوم العرب بردة فعل قوية في إعلامهم ومواقع تواصلهم، وتقوم الدنيا و لا تقعد بين مثقفيهم؛ ومنهم من يسحب سفيره من جمهورية الإمارات العربية ويشجب هذا التطبيع كليا، ومنهم من يسخر إعلامه لرفض هذا التطبيع ليظهر أنه من أنصار القضية الفلسطينية العربية، لكن في سره يتمنى متى يأتي دوره ليطبع العلاقة مع إسرائيل الراعية علنية وأمام الملئ وحامية كراسي الحكام العرب، وفئة أخرى تختفي عن الأنظار وتلتزم الصمت كليا في عدم تبيان رأيها في هذا التطبيع .
التطبيع خيانة للشعوب العربية التي مازالت تؤمن بالقضية الفلسطينية العربية.
التطبيع سياسة إلهائية للشعب الإماراتي خاصة التي يتخبط في مجموعة من المشاكل الداخلية والشعوب العربية عامة التي لم تشف بعد من تبعيات ومخلفات الربيع العربي، فيما أصبح عليه الوضع في كل الأقطار العربية من المحيط إلى الخليج .
التطبيع المعلن اليوم أمام الملئ من طرف الرئيس الأمريكي يوضح بجلاء الدور الريادي الذي تفعله أمريكا في الشرق الأوسط و دول الخليج .
التطبيع قد يضمن نسبيا بقاء دويلات الإمارات والخليج العربي إلى وقت لاحق قد يكون أقل من عمر الكيان الصهيوني قبل اندثارها عاجلا أم آجلا .
التطبيع يقرب إسرائيل من انجاز مشروعها من نهر النيل إلى نهر دجلة والفرات المعلن عنه عند تأسيسها .
إننا كشعوب عربية وإسلامية نؤمن بالقضية الفلسطينية العربية أكثر من أي شيء في هذا العالم ، لا لشيء إلا أن هذه القضية عادلة منذ البداية لشعب هُجر قصرا من أراضه أو كما قال محمود درويش ” شعب بلا أرض، وأرض بلا شعب ” إنها ليست قضية الشعب الفلسطيني فقط؛ بل هي قضية موت أو حياة، قضية انتصار أو هزيمة، قضية عزة أو ذل.
إذا أحصينا الدول العربية التي توجد فيها سفارة للكيان الصهيوني نجد كل من :
جمهورية مصر العربية – منذ زيارة السادات إلى إسرائيل في 1977.
المملكة الأردنية الهاشمية منذ إعلان الملك حسين عن نهاية حالة الحرب في 25 يوليو 1994 .
الجمهورية الإسلامية الموريتانية – منذ تصريح الرئيس الموريتاني معاوية ولد سيدي أحمد الطايع .
هذا نوع من التطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي هدَّم منازل الأسر الفلسطينية وشرد ملايين الأطفال والشباب، وخرَّب مباني والمزارع .
كما ترفض مجموعة من الدول العربية أية علاقة بدولة إسرائيل (باستثناء المفاوضات برعاية أجنبية أمريكيا).
الجمهورية العربية السورية .
جمهورية العراق .
جمهورية لبنان .
الجمهورية اليمنية .
الجمهورية الجزائرية .
الجماهيرية العربية الليبية .
إضافة إلى الدول التي طبعت علاقاتها مع الكيان الصهيوني الغاشم، نجد دول عربية إسلامية تهرول في سرها للتطبيع مع إسرائيل في أقرب وقت ممكن حتى تضمن اسمرارها ووجودها على وجه الأرض، عبر دعوات وزيارات ولقاءات تحتضنها الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة، وتصريحات وفعاليات ومبادرات متبادلة تجاريا وسياسيا واقتصاديا … إلخ ومن بين هذه الدول :
جمهورية السودان العربية .
سلطانة عمان التي تبحث لها عن وجود في المنطقة، ودور ريادي قد يضمن استقلالها واستمرارها محليا وإقليميا .

بهذا تكون بعض الدول العربية قد خانت القضية الفلسطينية التي تؤمن بها الشعوب العربية والإسلامية أكبر من أي شيء آخر في الكون، إنها القضية التي ولدنا من أجلها وحفاظا على قدسها الشريف.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *