منوعات

عبد الجبار لوزير .. فارس الدراما المغربية الذي نجا من مقصلة الإعدام

عبد الجبار لوزير

لم يكن موته، الأربعاء، خبرا عاديا، كان غيابه خبرا مؤلما حقا، كما لم يكن حضوره على المسرح أمرا عاديا، كانت طلعته شيئا مبهرا حقا، من ذا الذي لم يحب هرم المسرح المغربي عبد الجبار لوزير، من ذا الذي لم تمتعه كلماته الهادفة، ومرحه الملتزم، تهكمه وجده.

كان فنانا من طينة خاصة، في سن العشرين لعب أول مسرحية تحت عنوان “الفاطمي والضاوية” مع رفيقه في درب الفن الراحل الفنان بلقاس طيلة عقود. اجتمع في لوزير ما تفرق في غيره، “معلم صنايعي”، حارس متألق في الكوكب المراكشي الفريق الأول للمدينة الحمراء، مقاوم ومحكوم بالإعدام من قبل الاستعمار.

بعد الاستقلال في عمل ضمن القوات المساعدة، شغف بالمسرح شغفا بارزا، فكان يقضي جزء من ليله بعد عمل النهار فكاهيا ممتعا لجمهور المراكشي قبل أن يتفرغ كليا للفن وجمهوره.

يقول معارفه ومن عاشره عن قرب إن له الفضل في بروز العديد من المواهب الشابة التي احتضنها كما يحتضن الأب ولده، بل هو نفسه في إحدى حواراته صرح إنه عندما اختار العودة إلى الخشبة بعد نية اعتزال سنة 2009، كان يترك أبناء في المنزل ليلتقي آخرين على الخشبة.

أب وابن

واحد من هؤلاء الأبناء، كان الممثل والمخرج المسرحي عزيز بوزاوي، الذي قدم إلى جانب لوزير عشرة أعمال مسرحية طيلة آخر فترات عمره المسرحي ما بين 2000 و2011، قبل أن يقعده المرض.

يحكي بوزاوي لجريدة العمق بكثير من الحب الممزوج بالرهبة، أنه شاهد لوزير على المسرح وهو طفل صغير، وكان يتوقع عند التحاقه بفرقة فرقة ورشة “الإبداع – دراما”، أن يجد رجلا مهابا، لكنه وجده إنسانا بسيطا، يحب الخير للجميع، ولا يتوانى في تقديم العون لكل المواهب الشابة.

كان المسرح الدم الذي يسري في عروقه، ونسمة الحياة التي توقظ فيه المشاعر الجياشة، وتجعل منه كائنا ملهما وممتعا في الآن ذاته.

يقول ابنه أحمد بلوزير إن رأس مال كل فنان ملتزم ضحى بشبابه وحياته في سبيل الفن الراقي هو ذلك الحب الذي يلقاه من جمهوره.

طيلة عقود طويلة كان قائدا في الخشبة، ممتع الكلمة، مبشور المحيى قبل أن يعقده المرض عنوة وتخطفه المنية دون استئذان.

فنان لا يعوض

ما إن شاع خبر وفاته، حتى ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصوره وبكلمات الثناء في حقه والترحم عليه. مها المادي الوجه الثقافي المألوف بنت المدينة القديمة لمراكش تقول لجريدة العمق: “قلبي حزين، صرت أخاف من فتح شبكة التواصل الاجتماعي، بت أحسها أنها مقبرة الوداع الجماعي، ففي كل مرة نسمع عن رحيل أحد  الرموز الثقافية التي لا تعوض”.

منذ الإعلان عن مرضه وأثار الشيخوخة على صحته، بات بيته قبلة لعديد من الفنانين، يقدمون الدعم والمساندة، منهم من يعلن عن ذلك، ومنهم من يقوم بها في صمت وتخف صونا للود وحرصا عليه.

تعود مها لتحكي عن آخر زيارة للفقيد رحمه الله شهر نونبر الماضي بمعية ثلة من أعضاء “ورشة الأمهات للمسرح” لدار بلارج تحت إشراف المخرج سعيد شكور، فتقول “كان إحساسنا وكأننا في منبع المسرح الشعبي التراثي الهادف نشرب ونرتوي، بل وكأننا نجلس في مدرج جامعة الأدب المسرحي وأمامنا  قيدوم المسرح التراثي بامتياز”.

فارس الدراما

بدوره يقول المخرج عمر الجدلي لجريدة “العمق”، لا يمكن أن نصفه إلا بـ “فارس الدراما المغربية”، حيث صال وجال، تحرك وأمتع، تكلم وأسمع.

ويتابع “انتقل إلى جوار ربه بعد صراع طويل مع المرض تحلى خلاله الراحل بالصبر والأمل مخلصا لابتسامته المعهودة التي تختزل طيبة الأوفياء وصفاء العظماء”.

ويضيف أن رحيل عبد الجبار لوزير خسارة كبرى للمشهد المسرحي المغربي وفقد جلل في أوساط المسرحيين المراكشيين والمغاربة أجمعين، والذين أحبوه واحترموه ووضعوه في مقام الأب الروحي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ 4 سنوات

    الله ارحمو مسكين ويرحم جميع موتى المسلمين