مجتمع

أجيال إعلامية: عبد الفتاح الحراق.. إذاعي عانق ميكرفون التعليق الرياضي لأكثر من 35 عاما

إعلامي مغربي

تقف وراء وسائل الإعلام بمختلف أشكالها، طاقات بشرية هائلة تسهر على إدارتها وتشغيلها والقيام بكل المهام الإعلامية، بهدف إيصال رسالتهم النبيلة في تبيلغ المعلومة للمجتمع عبر وظائف الإخبار والتثقيف والترفيه، وهو ما يُسهِم في تشكيل البناء الإدراكي والمعرفي للأفراد والمجتمعات.

فالإذاعة المغربية التي تعود سنة انطلاقتها إلى 1928، والتلفزة المغربية التي شرعت في بث برامجها سنة 1962، وعلى مدار تاريخهما، مرت أجيال وأجيال من الإعلاميين أثرت وتأثرت بهذا لكيان الذي ترك بصماته عليهم وعلى ذاكرتهم، وكلما احتاجوا لغفوة منه رجعوا بذاكرتهم للخلف ينهلون منها أجمل الحكايات.

وتبرز في هذا الإطار، أطقم البرامج والنشرات الإخبارية من مخططي البرامج ومذيعين ومحررين ومنشطين وفنيي الروبورتاج والتوضيب وتقنيي التصوير والصوت وعمال الصيانة ومسوقو الإعلانات التجارية الذين يقومون بتنظيم الأعمال التجارية، إلى جانب مسؤولي العلاقات العامة والأعمال الإدارية المرتبطة بإنتاج البرامج والسهر على إعداد النشرات الإخبارية من اجتماعات التحرير إلى بثها عبر الأثير.

فطيلة أشهر فصل الصيف، تسترجع معكم جريدة “العمق” من خلال مؤرخ الأجيال الإعلامية محمد الغيذاني، ذكريات رواد وأعلام بصموا تاريخ الإعلام السمعي البصري المغربي عبر مسارهم المهني والعلمي وظروف اشتغالهم وما قدموه من أعمال إبداعية ميزت مسار الإعلام الوطني، وذلك عبر حلقات يومية.

الحلقة 98: عبد الفتاح الحراق

ولد عبد الفتاح الحراق في 4 ابريل سنة 1953 بمدينة الرباط، والتحق للعمل بالإذاعة والتلفزة المغربية سنة 1975 كصحافي في قسم التحرير العربي بالإذاعة الوطنية.

في سنة 1976 تولى عبد الفتاح الحراق مهمة التغطية والتعليق الرياضي بالقسم الرياضي للإذاعة الوطنية وهي المهمة التي ظل يشغلها إلى أن تقاعد، حيث غطى وعلق على العديد من التظاهرات الرياضية الوطنية والدولية، منها على الخصوص، الألعاب الاولمبية التي أقيمت في سيول سنة 1988 وتلك التي نظمتها أثينا سنة 2004 باليونان.

كما غطى الصحافي الرياضي بالإذاعة الوطنية «عبد الفتاح الحراق» بطولة كأس العالم لكرة القدم التي احتضنت نهائياتها فرنسا سنة 1998، وبطولة العالم لألعاب القوى التي نظمت بمدينة شتوتكارت الألمانية سنة 1993، كما علق على مباريات كأس إفريقيا للأمم التي نظمت نهائياتها في مصر سنة 1986.

وبطولة العالم في الكرة الحديدية التي نظمت بالتايلاند سنة 1992، بالإضافة إلى تغطيته وتعليقه على مجموعة من مقابلات المنتخب الوطني في كرة القدم وعلى مباريات الأندية الوطنية المشاركة في بطولة كأس الأندية البطلة أو بطولة كأس الكؤوس، أو بطولة كأس الكاف.

عانق الحراق ميكرفون التعليق الرياضي على أثير الإذاعة الوطنية لأكثر من 35 سنة من البدل والعطاء. بدأ حياته المهنية في أواسط السبعينات، الى جانب أحمد الغربي، ونور الدين اكديرة وآخرون… كانوا جميعا يتلمسون طريقا تجعل من الصوت صورة ومن التعليق أداة للتبليغ الرفيع.

كان عبد الفتاح الحراق حاضرا في الاذاعة، حين سجل اللاعب الدكالي بابا هدفا أحرز منه المغرب كأسه الافريقية الاولى والاخيرة حتى اليوم. يتذكر عبد الفتاح تلك اللحظات الرائعة والاحتفالية التي شهدتها أروقة الاذاعة والشوارع المغربية، احتفالا بهذا الانجاز التاريخي.

وإذا كانت مهنة الصحافة كمثل الجمر، فإنها بالمقابل منحت للحراق مساحات رائعة، مكنته من علاقات واسعة، من أسماء كثيرة في شمال المغرب وفي جنوبه في شرقه الى غربه، يحضى بتقدير خاص يفوق طوله وبنيته النحيفة.

مع الاسف الشديد، ان دار الاذاعة الوطنية، رغم أنها راكمت تجربة كبيرة وغنية في ميدان التعليق، الا أنها لم تقو على صناعة أسماء كثيرة في هذا الميدان الصعب الذي يتطلب سرعة البديهة والقدرة على قراءة الحدث بلسان فيه الكثير من الصور والتعابير، عبر لغة بسيطة وسهلة تمكن الاذن من رسم المسافات، كل المسافات.

قليلة هي الاسماء التي تطل على المستمع كل صباح وكل أسبوع، لتمتعه بأصواتها، انها في آخر الكلام، مهنة لايدخلها الا من يحمل صوتا وصورة وزادا من المعرفة.

نرى اليوم ونسمع أصواتا من إذاعات تشبه صناديق عود الثقاب. تتكلم عن كل شيء من أجل ان تقول لاشيء. تتحدث عن السماء كما تتحدث عن البراري الخالية.

وتعتقد أنها فعلا تستجيب لمتطلبات المستعمين. وهي في الحقيقة سوى أصوات مليئة بالازعاج ومليئة بالضعف. ليس معنى هذا، ان داخل هذه البيوت الزجاجية الضيقة لاتوجد أسماء ولاتوجد عناوين، بل بالعكس، لكنها قليلة جدا، المهم بالنسبة لأصحاب المشاريع الصوتية، ان تكون المساحات المخصصة للاشهار، أقوى دخلا من أصوات الكلام المستقيم الذي يصنع رأيا، يخلق مساحات للاستمتاع.

سيظل اسم عبد الفتاح الحراق، المهدي ابراهيم، محمد الايوبي وآخرون، من الاسماء التي رافقتنا ورافقناها في هذه الطريق المليئة بالاصوات وبالتوقيعات وبعلامات الاستفهام الكبيرة داخل مجال لم يعد لأصحابه سوى النظر في علاقات لاتحسن الا الخداع.

قال عبد الفتاح الحراق الإعلامي السابق بالإذاعة الوطنية في حفل تكريمه من طرف الجمعية المغربية للصحافة الرياضية في العيد الرابع للإعلاميين المغاربة والذي نظم بالمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط بأن الجيل الحالي من الإعلاميين الرياضيين تتوفر له كل الإمكانيات وأدوات الإشتغال بالمقارنة مع الجيل السابق الذي إشتغل في ظروف صعبة، وطالب الحراق الجيل الحالي من الصحفيين الرياضيين بالإبداع وتحمل المسؤولية في تطوير الممارسة الإعلامية.

* المصدر: كتاب “للإذاعة المغربية.. أعلام”، وكتاب “للتلفزة المغربية.. أعلام” – محمد الغيداني

محمد الغيداني

محمد الغيداني

محمد الغيداني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *