مجتمع

نقابة تحذر من حدوث “انفجارات مجتمعية” .. وتدعو لتقليص ميزانيات تسيير الوزارات

حذرت الكونفدرالية العامة للشغل “CGT”، من إمكانية حدوث انفجارات مجتمعية بالمغرب، نتيجة ما اعتبرته “أزمة اجتماعية أصبحت تأخذ أبعادا خطيرة نتيجة تعاقب سياسات لا شعبية”،

واعتبر المكتب الكونفدرالي للنقابة في بلاغ له، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن جائحة كورونا “ساهمت في تعرية هذا الواقع المرير، ووضعت الأصبع على ضعف القطاعات الاجتماعية، سواء في مجال التعليم، والصحة والشغل”.

وأضافت النقابة أن “مما زاد من تعقيد هذا الواقع هو خيار الدولة التي تسبح ضد التيار، وتتنصل من مسؤولياتها بنهجها لسياسة الهروب إلى الأمام، وجعل الجواب الأمني هو الخيار في تدبير الشأن العا”.

وأشارت إلى أن “خطاب الطمأنينة الذي تتبناه الحكومة لم يكن في الواقع إلا خطابا فارغا، وديماغوجية غير مأسسة على معطيات حقيقية، في الوقت الذي كان ينبغي عليها أن تواجه الأمور بتدابير وإجراءات ذات بعدين اجتماعيين، وتجيب على الاحتياجات اليومية للمواطنين بالسرعة والنجاعة اللازمتين، ما دام أن الجواب الصحيح والمنطقي لن يكون إلا سياسيا واقتصاديا”.

النقابة ذاتها لفتت إلى أن المجتمع المغربي يعيش اليوم “أزمة غير مسبوقة، نظام تعليمي بسياسته ومناهجه وبرامجه وصل إلى نهايته، ومع هذه الجائحة ازدادت الأمور تعقيدا بحيث أصبح التيه والضياع هما السمتان الغالبتان سواء بالنسبة للتلاميذ أو أوليائهم، وكذلك حتى بالنسبة للأطر التربوية، جراء إجراءات وتدابير وزارية ارتجالية وبيروقراطية، فاقدة لبوصلة الواقعية”.

ووصفت منظومة الصحة بأنها “فاشلة بكل المقاييس، وعاجزة على التصدي لهذا الوباء، إجراءات بعيدة عن المهنية، ومسؤولون بعيدون عن ملامسة المآسي اليومية الواقعية وتعقيداتها، حتى أن تصريحاتهم وخرجاتهم الاعلامية لم تكن محسوبة، تاركين الأسرة الصحية في مواجهة يومية قاسية مع هذا الوباء ومخلفاته الجسدية والنفسية، ودون حماية أو اهتمام بوضعيتها المادية والمهنية”.

وسجلت ما أسمته “سوء التدبير للموارد المالية للصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كورونا، والطريقة التي تمت بها عملية صرف المساهمات، مما يتطلب تقديم كشف دقيق للحساب أمام الشعب المغربي، ناهيك عن عملية تدبير الحركية الاقتصادية وطرق السماح باستئناف العمل لوحدات الانتاج، دون تشديد لآليات المراقبة، وكذا في غياب تام لحماية العاملين بهذه الوحدات”.

وأردف البلاغ: “عشنا حلقات طويلة لمصانع أحصيت فيها الإصابات بالعشرات إن لم نقل بالمئات، لينضاف إلى هذا العبث ملف العالقين بالخارج والداخل على حد سواء، وينجلي وبالوضوح الصارخ مدى استهتار المسؤولين بغالبية الشعب، حيث تم صرف موارد مالية مهمة لتغطية المصاريف المتعلقة بالمبيت والمأكل والتطبيب والتنقل، حيث تم تكرار نفس العملية أثناء الرجوع”.

إلى ذلك، اتهمت النقابة الدولة بـ”استغلال هذا الظرف العصيب لتمرير بعض المشاريع الجهنمية من قبيل القانون المنظم للمنظمات المهنية، وهو بالمناسبة قانون لم نستشر بشأنه، ونعتبره صفقة تحت الطاولة، تمت مع نقابات طبعت مع الريع مقابل سكوتها عن الاستغلال البشع الذي تتعرض له الطبقة العاملة”.

وترى النقابة أن هذا القانون يهدف إلى “محاصرة الحركة النقابية والسماح للباطرونا في التحكم في مجال الشغل، ومنحها كل التسهيلات بجعله قانونا يمنحها الحق في إغلاق المعامل وتسريح العمال، خصوصا، في هذه الفترة الحرجة، إضافة إلى استمرار التضييق على الحريات الفردية والجماعية، وعلى الخصوص، حرية الرأي وذلك باعتقال ومحاكمة الصحفيين والرفع من وثيرة التنكيل في حق معتقلي الحركات الاحتجاجية”.

وأضافت: “في ظل هذه الظروف التي تنذر بغلاء معيشي غير مسبوق، يتم التهييئ لقانون المالية لسنة 2021، بنفس المنظور التقشفي المعتمد والرامي إلى الاجهاز على القطاعات الاجتماعية والخدمات العمومية والاستمرار في نهج سياسة الخوصصة وربط الاقتصاد المغربي بالاستثمارات الأجنبية، التي لا تساهم في تحقيق الرخاء للمواطن المغربي”.

وطالبت النقابة بـ”ضرورة سن سياسة عمومية تجعل من التضامن بين كل فئات المجتمع واقعا ملموسا، وذلك بالرفع من الضريبة المفروضة على أرباح الشركات الكبرى، مع ضمان مواكبة ودعم المقاولات الوطنية الناشئة، وسن ضريبة على الثروة، ومسائلة ومحاسبة ناهبي المال العام”.

ودعت إلى التقليص من ميزانيات التسيير لكل الوزارات والمرافق العمومية التابعة لها (المصاريف المتعلقة بالسفريات، والبنزين، والفنادق، والمطاعم)، ومن الأجور العليا، والحد من الاقتراض الخارجي أو الوطني من أجل إنجاز برامج أو دراسات “تبقى سجينة الرفوف وتعطي الفرصة للبعض للاغتناء دون حسيب أو رقيب، الشيء الذي يؤدي إلى تفاقم المديونية ويرهن مستقبل البلاد”.

وشددت على ضرورة العمل على جعل مناخ الأعمال والاستثمار يتميز بالشفافية، وذلك بتفعيل مبدأ التنافس الحر، والحد من هيمنة بعض الشركات ذات الولاءات لمسؤولين في الدولة، وإلغاء المنشور رقم 2020/03 بتاريخ 25 مارس 2020 بشأن تأجيل الترقيات وإلغاء مباريات التوظيف.

كما طالبت بـ”إرغام الباطرونا، على الالتزام بتنفيذ الشطر الثاني المتعلق بالرفع من الحد الأدنى للأجر، المتفق عليه في إطار الحوار الاجتماعي الوطني الأخير”، مع رفع اليد على العمل النقابي، وعلى كل الاشكالات المتعلقة بالحق في التنظيم والتوسع”.

وأشارت إلى ضرورة إيلاء العناية الضرورية لقطاعي الصحة والتعليم وجعلهما أولوية الأولويات وورشا مفتوحا لكل الفاعلين والغيورين على هذا الوطن، والتنصيص على حق الجميع في مدرسة ومستشفى عموميين بخدمة عمومية جيدة، مما يتطلب الاهتمام بالبنيات التحتية، وكذا بالعاملين بهاذين القطاعين المهمين.

كما دعت إلى العمل على إنقاذ السنة الدراسية قبل فوات الأوان، بتوفير الحواسيب للتلاميذ والأساتذة بالمجال القروي ولكل العائلات الفقيرة، والصبيب العالي وبالمجان، انسجاما مع ما يمليه التعامل مع هذه الجائحة؛

ونددت بـ”السياسة الحكومية الانتقائية في التعاطي مع قضايا الشغيلة، وعدم إشراك جميع النقابات، على قدم المساواة، بخصوص إبداء الرأي حول مشروع القانون رقم 24-19 المتعلق بنقابات العمال والمنظمات المهنية للمشغلين ومشروع القانون رقم 97-15 بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الاضراب باعتبارهما قانونين مجحفين يرومان التضييق على الحق في الممارسة النقابية”.

وطالبت بضرورة “التعاطي الايجابي مع المطالب الشعبية والحركات الاحتجاجية، والعمل على إحداث انفراج سياسي لإعطاء الأمل في وطن يحتضن الجميع، ولن يتأتى ذلك إلا بتصفية الأجواء، واعتماد الحرية كمبدأ عبر إطلاق سراح كل معتقلي الرأي من صحفيين، ومعتقلي الحركات الاحتجاجية الاجتماعية، وعلى رأسهم معتقلي حراك الريف”.

* الصورة من الأرشيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *