منتدى العمق

تأملات طالب جامعي

نحن في زمن أصبح من الغريب ألا تستغرب؟ بل يمكن أن تستغرب ممن لا يستغرب في زمن الاستغراب هذا أصبحنا في زمن الغرائب والعجائب، تستغرب من قوة القوي وضعف الضعيف،غنى الغني و فقر الفقير، ذكاء الذكي وغباوة الغبي، دمامة الذمي و طيبوبة الطيب وقبح القبيح… نستغرب من ذل الذليل وعز العزيز، من حكم الحاكم وحكمة الحكيم، من اديولوجية المفكر وفلسفة الفيلسوف وفقهية الشيخ وسيادة السيد، تبعية التابع ومديونية المدين ومن حرية الحر وعبودية العبد.

حتى إننا نستغرب من استغراب المستغرب نفسه، نستغرب من شجاعة المقدار ومن خوف الجبان، من عطاء الجواد وشح البخيل، من جنون الماجن ومن إخلاص المخلص، من خيانة الخائن ومن صراحة الصريح ونفاق المنافق.

نستغرب من خذلان الخاذل ومن وفاء الوفي ومن نجاح الناجح وفشل الفاشل ثم من فعل الفاعل وترك التارك لتجدنا نستغرب من جودة الشيء ورداءته ومن حسنه وقبحه فالاستغراب دائما يؤجج الطرف الأخر بما يبديه أو يخفيه حتى أنه يستغرب من استغرابك منه.

فالحديث عن الاستغراب قد يقودنا إلى الحديث عن التأثير و التأثر المتبادل بين الأفراد و المجتمعات وبين الشعوب والثقافات، وما يثير ذلك من دهشة واستغراب

وفي إطار استغرابنا المتواصل في استغرابنا من أنفسنا تفرض علينا سلطة اللغة والتوجه العام لمسيرتنا الدراسية أن نستغرب من بعض القضايا و القرارات التي لن يصدقها العقل وتجعل منه أسير الاستغراب، فصول الاستغراب بدأت مع إعلان الوزارة عن انطلاق الموسم الدراسي بصيغته الملتوية و الارتجالية التي لا تراعي خصوصيات المجتمع وطبيعة بنياته، قرارات فوقية تخدم أجندات معينة، جعلت معها الداعم والرافض الصديق و العدو في حالة دهشة واستغراب من هذه الخراجات اللاشعبية، لكون خيار التعليم الحضوري و موازاته بالتعليم الذاتي هو يضرب في عمقه أشياء ومبادئ ومواقف ضح عليها أبناء/ت الشعب المغربي وقدموا عليها شهداء كثر في سبيل تحقيق المناصفة وتكافؤ الفرص بين الفئات الاجتماعية على مستوى التعليم، وقبل أن نغادر من استغرابنا هذا إلى استغراب أخر سنعرج على استغراب ليس باستغراب بقدر ما هو حقيقة وقوة مادية موجودة في الواقع، ألا وهو الصور و المقاطع التي أظهرت هشاشة المنظومة التعليمية ككل وفي جزئها الأكبر البنيات التحتية، وما صورة الاكتظاظ التي تفاعلت معها وزارة الداخلية بسرعة البرق وضربت من حديد كل من ساهم في انتشارها إلا خير دليل على أن الاستغراب هو متعدد الأبعاد و النتائج.

استغراب أكثر استغراب من الاستغراب الذي سبقه، وهو استغراب الطلبة الجامعيين من قرارات تدبر المرحلة بمبرر سنة استثنائية…، أليس من الغريب أن يستغرب الطالب من قرارات وبلاغات جامعته، بدأت الاستغرابات تتقاطر على ميدان التعليم العالي مند أن تم نهج التعليم عن بعد بشكل قصري على كاهل فئة المستقبل وجيل الغد، تلتها الاستغرابات حول البلاغات التي تصدر من لدن الجامعات فهي جلها “مطروزة” بلغة غامضة لا تفقه منها شيء مما عجل باستغراب الطلاب بمختلف التخصصات من هذه الإعلانات التي لا تفهم منها إلا كلمة إعلان، أو بيان… و الدليل على هذا الكلام فئة كبيرة من الطلبة إلى الآن لم يتوصلوا ببرمجة الامتحانات أو مكان إجرائها، ألا يمكن أن نستغرب ونستغرب و نستغرب من هذه الأشياء، وحتى من كانوا أوفر حضا وعلموا ببرمجة الامتحانات ومركز اجتيازها، إلا أن الاستغراب ظل وفيا وملازما للمكان، أهل يعقل أن يجتاز الطالب الامتحان في قاعة الحفلات؟ أين هي رمزية المكان وقدسيته؟ أليست الجامعة فضاء مقدس، وبصفة القداسة و الاستثناء كان الأجدر استعمال المساجد على استعمال أماكن التفاهة؟ فالمسجد مكان مقدس لتأدية الطقوس الدينية والتقرب إلى الله، إذن الأجدر هو اجتياز الامتحانات في المسجد على اعتبار أن المسجد عبر التاريخ كان مكان للعمل و المعرفة هنا يمكن أن نتحدث عن الاستثناءات، لكن فالاستغراب هو النسر المغوار الذي يحلق فوق عقول الكل.

هناك في بلد المغرب عزة النفس تلطخ بأقدام المفسدين، لا ندري بتاتا من أغبى من الأخر، هل شعب مرجعيته الجهل و الخيانة أم مسؤول قوته الفساد و الكذب، شعب شعبوي لا يفرق بين أولويات الواجب و اللاحق، شعب اختلطت عليه أوراق الفشل لا يعرف للنجاح طريقا صحيحا… في المقابل مسؤول همه الوحيد ليس رعي رعيته بل جعلها تحت وطء حكمه وظلم قراراته، لا ندري ولا نعلم من السبب هل هو شعب تمر عليه قرارات لا منطق فيها أم مسؤول يقرر قرارات عشوائية لا واجب مهني ولا تأنيب ضمير يحاسبه.

اليوم طرحت تأملات عبارة عن استغرابات حول قطاع أعزه وأحبه وأفتخر أنني جزء منه، وما كتاباتي هذه رغم بساطتها إلا أن غيرتي هي من حركت مياه راكدة في داخلي من أجل ترك أثر ما ولو لقارئ استوقفته كلماتي وتأملها هو الأخر، وخلص منها باستغراب سواء في كل ما ذكرت أو في بعض الأخطاء اللغوية و النحوية التي سقطت فيها سواء بوعي أو بدون وعي، أو أخر حركته استغراباتي هذه إلى التهجم علي أو انتقادي كل هذا في صالح منظومة تعليمية تعلمية نكن لها كل الحب و العشق انتصارا لقولة ” من علمني حرفا صرت له عبدا” وأيضا انتصارا منا إلى ثقافة السؤال و البحث في اللامرئي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *