مجتمع

في الذكرى المائة لتأسيسه.. “تفويت” مستشفى تاريخي بطنجة يثير غضب الأطر الصحية

أقدم مستشفى بطنجة

يستعد وزير الصحة لتفويت مستشفى التخصصات “القرطبي” بطنجة الذي يُعد واحدا من أقدم مستشفيات المدينة، وجعله ملحقة تابعة للمركز الاستشفائي الجامعي الجديد، ما خلف غضبا واسعا لدى الأطر الطبية والتمريضية والإدارية بالمستشفى الذين راسلوا والي الجهة من أجل التدخل.

المستشفى الذي يُصنف كمستشفى تخصصي من الدرجة الثالثة، يحتفل هذا العام بمرور 100 عام على تأسيسه، ويضم تخصصات طب الجلد والمفاصل والدماغ والأسنان وجراحة العيون والأنف والحنجرة والأذن والفك والفم، إلى جانب الترويض الطبي والنفسي والحركي وترويض العيون والنطق وغيرها.

ووفق المعطيات التي توصلت بها جريدة “العمق”، فإن وزير الصحة وضع مشروع قانون تعديلي على طاولة مكتب رئيس الحكومة، من أجل تغيير الوضعية الإدارية لمستشفى القرطبي الواقع بحي “مرشان” ويتبع حاليا للمركز الاستشفائي محمد الخامس بطنجة.

ويروم مشروع القانون التعديلي إلى حذف مستشفى القرطبي من قائمة المستشفيات التابعة للميزانية العامة لوزارة الصحة، وتحويله إلى ملحقة تابعة للمركز الاستشفائي الجامعي الذي يتمتع بتسيير ذاتي وميزانية مستقلة ضمن أنظمة التسيير في مراكز الـ”CHU”.

وحسب مصادر مطلعة، فإن السبب الذي دفع وزير الصحة لـ”تفويت” مستشفى القرطبي هو عدم توفر المركز الاستشفائي الجامعي الجديد على أقسام في تخصصات أمراض الرأس، ما دفعه إلى دمج مستشفى تخصصي من الدرجة الثالثة، وهو القرطبي، بالمركز الجامعي، رغم أن المسافة بينهما تتجاوز 25 كيلومترا.

أطر صحية اعتبرت أن قرار إلحاق مستشفى القرطبي بالمؤكز الجامعي سيؤدي إلى “تصفية” عدد كبير من التخصصات التي كان يتميز بها باعتباره نقطة ضوء وعلامة فارقة في القطاع الصحي بالمدينة، وفق تعبيرهم.

وأشاروا إلى أن “تفويت” مستشفى القرطبي سيسبب معاناة إضافية للمرضى الذين سيضطرون إلى التنقل عبر سيارات الإسعاف من أجل إخضاعهم لفحوصات أجهزة الأشعة والرنين المغناطيسي بالمركز الاستشفائي الجامعي، ثم إعادتهم لمشفى القرطبي.

ووفق ما علمته جريدة “العمق”، فإن المشكل الذي يؤرق الأطر الصحية بمستشفى القرطبي، هو مصيرهم بعد هذا القرار، حيث كشفوا أنه سيتم تخييرهم بين الالتحاق بالمستشفى الجهوي محمد الخامس، أو الالتحاق بالمركز الاستشفائي الذي يختلف في نظامه الإداري عن المستشفى الجهوي.

مصير موظفي “القرطبي”

وفي هذا الصدد، راسل موظفو مستشفى القرطبي من أطر طبية وتمريضية وإدارية، والي جهة طنجة تطوان الحسيمة ورئيس الجهة والمديرة الجهوية للصحة، من أجل طلب التدخل لعدم إلحاق هذه المعلمة الصحية التاريخية بالمركز الاستشفائي الجديد.

المراسلة التي توصلت جريدة “العمق” بنسخة منها، أوضحت أن مستشفى القرطبي ليس فقط مؤسسة صحية، وإنما معلمة تاريخية بكل المقاييس وذاكرة حضارية لساكنة طنجة، مغاربة وأجانب، إذ يعود تاريخ تأسيسه إلى سنة 1920، ومنذ ذلك الحين وهو يقدم خدمات طبية وجراحية للسكان في مجموعة من التخصصات.

واعتبروا أن تفويته “يشكل ضربا للعلاجات التي يقدمها والتي تتميز بطابعها التكاملي”، مشيرين إلى أن “نقل تلك التخصصات إلى مستشفيات أخرى، على قلتها وضعف إمكانياتها وحجمها، سيشكل ضغطا عليها وسينعكس سلبا على جودة الخدمات الطبية المقدمة لساكنة طنجة التي استبشرت خيرا بوجود مستشفى جامعي وتوقعت أن يكون إضافة نوعية للخدمات الصحية والعلاجية بالمدينة والجهة”.

كما أن من شأن هذا التفويت، تضيف المراسلة، “أن يساهم في تقليص المؤسسات الصحية ذات المستوى العلاجي الثاني، ويجعل الاستفادة من بعض خدماتها ليس بالأمر السهل”، معتبرة أن “ما يزيد الأمر تعقيدا هو أن المستشفى الجامعي يختص بعلاج الأمراض المستعصية والدرجة الثالثة التي تتطلب أجهزة طبية حديثة وذات تقنية عالية ومركبة”.

وفي نفس السياق، قالت الأطر الطبية المذكورة، إن هذا الأمر “سيؤثر سلبا على إجراء العمليات الجراحية الصغرى التي يستفيد منها عدد كبير من المرضى، بدليل الإحصائيات السنوية التي تعكس أهمية هذا النوع من العلاجات داخل المنظومة الصحية، وحجم المستفيدين منها”.

وبخصوص موظفي المستشفى، قالت المراسلة إن مصيرهم يبقى غامضا ويهدد استقرارهم النفسي والوظيفي، متسائلة بالقول: “هل كانت هناك دراسة مالية لتكلفة هذا مشروع الإلحاق؟ علما أنه كانت هناك محاولات سابقة لإعادة هيكلة هذه المؤسسة وتحويلها إلى مستشفى للأم والطفل، وهي المحاولات التي باءت بالفشل لرداءة بنيته التحتية وقلة مصالحها التكاملية وخاصة المختبر ومصلحة الأشعة”.

وشدد المصدر ذاته على أن مستشفى القرطبي “يبقى علامة مضيئة وفارقة داخل النسيج الصحي بالمدينة، رغم الإكراهات التي يعرفها هذا القطاع، لذا يجب العناية به، وترك المجال للمستشفى الجامعي لممارسة اختصاصاته العلاجية، مما سيمكن مدينة طنجة من قطب صحي يوفر خدمات صحية شاملة ومتكاملة”.

اجتماع المجلس الإداري الأول

يُشار إلى أن الأشغال في المركز الاستشفائي الجامعي بطنجة، وصلت مراحلها الأخيرة، خاصة فيما يخص تثبيت المعدات والتجهيزات التكنولوجية وتهيئة الأقسام الاستشفائية، حيث من المرتقب أن يفتتح بشكل رسمي متم السنة الجارية ضمن تدشين ملكي، وهو المركز الذي تبلغ طاقته الاستيعابية 700 سرير.

ويضم المركز الجامعي مصلحة المستعجلات ووحدة العناية المركزة وجراحة القلب والشرايين، وأمراض الجهاز التنفسي، والجراحة الباطنية “أ” و”ب”، وجراحة الأوعية، وجراحة الصدر، وأمراض الجهاز الهضمي، وأمراض الغدد والسكري، إلى جانب أقسام بيداغوجية للدروس التطبيقية لطلبة كلية الطب والصيدلة.

والأسبوع الماضي، ترأس وزير الصحة خالد آيت الطيب، أشغال المجلس الإداري الأول للمركز الاستشفائي الجامعي لجهة طنجة تطوان الحسيمة، حيث قدم المدير العام للمركز محمد حريف، عرضا مفصلا حول التقرير الإداري والمالي برسم سنة 2019، وميزانية المركز ومشروع الميزانية المعدلة برسم سنة 2020، والنظام الأساسي لمستخدمي المركز، ونظام الصفقات العمومية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *