وجهة نظر

انتخابات 2021.. وماذا بعد؟

لا شك أن وباء كورونا صدم العالم وغير واقعنا بشكل غريب وللأسف لا زلنا نعيش تحت وقع الصدمة نحاول استيعاب ما يقع وسيقع وكيف سنتأقلم أو نتجاوز هذه المرحلة/الصدمة. ومع ذلك الكل يحاول أو يسعى للعودة الطبيعية للأمور كما كانت ويحاول جاهدا أن يتجاهل الواقع الذي فرضته كورونا ويتسائل ماذا بعد كورونا؟ أي هل العالم بعد كورونا هو نفسه قبلها؟. فمن الواضح أن كورونا هي بمثابة واحدة من االأحداث والوقائع العالمية التي غيرت مجرة التاريخ كسقوط جدار برلين وانهيار الاتحاد السوفياتي وغيرها من الأحداث التي أصبح العالم بعدها ليس كما كان قبلها، فنحن الآن نعيش مرحلة انتقالية أو كما أطلق عليها البعض عالم بلا معالم.

وددت أن أستهل مقالي بهذه التوطئة البسيطة لاستحضار المناخ الدولي والوطني الذي نعيش فيه أي أننا في عالم يتحول وفي لحظة مفصلية فيه، وخلال هذه الفترة بلدنا مقبل على محطة تتكرر بصفة دورية وتلعب دورا كبيرا في مسار الوطن والشعب وهي المحطة الانتخابية. فبغض النظر عن إمكانية إجرائها من عدمه في ظل الظروف الاستثنائية إلا أنه فعليا قد تم الشروع في التحضير والاستعداد لها خاصة من طرف بعض المترشحين المفترضين، أو من خلال النقاش الدائر الجديد/القديم حول نمط الإقتراع وغير ذلك. إذن كل المؤشرات تحيلنا على أننا نسير إلى إعادة إنتاج ما سبق إنتاجه واستهلاكه أي أن العالم يتحول ويتطور ونحن لا نزال نعمل بنفس أدوات العمل وآلياته كأنها ثابت لا يتغير، فلا شيء يؤثر فينا وكأننا صخرة صلبة وسط واد جارف، نفس النقاشات حول نمط الإقتراع والتي يكون الهدف منها تحكميا في المخرجات الانتخابية، وكذلك نفس التحركات البهلوانية من استقالات وانتقالات والتحاقات بأحزاب يكون الهدف منها المساومة والضغط من أجل الظفر بالتزكيات والغنائم السياسية، نفس الوجوه تحاول معاودة البروز ولو بشكل أو لون مغاير، وللأسف الشديد نلاحظ انخراط بعض الشباب في استعارة نفس أساليب عمل السلف، ربما قد يكون تعبيرا عن يأس من تغير في طبيعة الممارسة، أو رغبة في الوصول للاستفادة وفقط.

الإشكال الآن هو أنه من خصائص العملية الانتخابية هي المفاجأة أي أن نتائجها لا تخضع بالضرورة للتوقعات وتظل تلكم الخاصية حاضرة طيلة الوقت وهو ما يخلق نوعا من التنافسية والتدافع وكذلك يعطي الأمل للمواطن ببروز نخبة سياسية جديدة قد تصنع تغييرا تدريجيا يقطع مع الممارسات المتخلفة، إلا أن واقع الحال وجميع المؤشرات تشير إلى أننا نسير نحو إعادة تدوير المشهد السياسي ككل وإنتاج ما هو مستهلك أصلا، وهنا تستحضرني مقولة لجون واتربوري في كتابه أمير المؤمنين حينما قال ” في المغرب، كل شيء يتغير من أجل أن لا يتغير أي شيء”، وهو ما يحصل بالفعل فإن كانت مقولة الكاتب الأمريكي قد صدرت عنه في السبعينات من القرن الماضي فإننا لازلنا نبارح مكاننا وكأننا في كرسي ثابت ويدور ونعود دائما لنقطة الصفر. فهل لازال الوقت يسمح بذلك؟ إن كورونا خلقة وضعا اجتماعيا واقتصاديا متأزما وسيزداد سوء في الشهور القادمة حسب التقديرات لأن نتائجه لم تظهر كلها بعد، والعالم بعد كورونا لن يكون كقبلها، وهذا ما تشير إليه معظم الدراسات والتحليلات السياسية الدولية، فهل سنستمر نحن في جمودنا ونزيد في تعزيز تخلفنا إلى أن يحدث ما لا يحمد عقباه؟ هل سننتظر إلى أن يغزونا الاستعمار الجديد بأساليبه الحديثة؟ وقد بدأت ملامحه تظهر (زيارة الرئيس الفرنسي للبنان وطريقة تعامله).

إن النخبة الحالية والتي تحاول دائما الحفاظ على واقعها وبروزها قد أثبتت غير ما مرة إفلاسها وفشلها وعدم قدرتها على تقديم أي شيء غير الحفاظ على مصالحها. وقد نتفهم مصلحة النظام في التحكم ومصلحة النخبة الحالية في الرغبة في البقاء للحفاظ على مصالحها، ولكن ما لا نفهمه هو إهمال الشعب لمصلحته وإهمال الشباب لدوره إذ للأسف نجد أن من يعاني أكثر من الفساد ونتائجه هو من يساعد ويؤازر المفسدين والوجوه القديمة على العودة مرة ثانية، ربما أنه يتم استغلال ضعفه وجهله وقلة مسؤوليته، فالكلمة الأولى والأخيرة للمواطن والشباب خاصة فهم من يجب أن يبحثوا عن مصلحتهم ويبحث عن من قد يخدمه لا من يستغله.
إن الوقت لم يعد يتحمل مزيدا من الممارسات المتخلفة والتي تتمادى في إغراق البلاد في أزمات وصراعات لا طائل منها، بل يجب القطع مع الوجوه التي أثبتت عقمها وعدم قدرتها على الخلق والابداع وإفساح المجال للوجوه الجديدة والشابة القادرة على العطاء والخلق.

* محام بهيئة تطوان / طالب باحث في سلك الدكتوراه في القانون العام

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *