ملف

“مملكة التناقضات.. المغرب في مئة سؤال”: هل وقف الإسلام المغربي وراء انتشار الإسلام السياسي؟ (ح 38)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 38: هل وقف الإسلام المغربي وراء انتشار الإسلام السياسي؟

هذه الفكرة، وهي جزء من أسطورة سياسية، استغلها الملك الحسن الثاني وإدريس البصري، وزير الداخلية في الفترة من 1979 إلى 1999، خلال الثمانينيات، وأكثر من ذلك خلال الحرب الأهلية الجزائرية انطلاقا من عام 1992.

إن إمارة المؤمنين بما أنها تحتكر مجال الإسلام السياسي في المغرب وقيادته وشرعيته العليا، تمنع ظهور أي تحدي للسلطة ذو طابع إسلامي.

وبما أن السلطة الملكية المغربية، داخل حدودها الوطنية، تعتمد على ثلاثة جوانب من الشرعية هي النسب الشريف والخلافة والإمامة العظمى، وكلها صفات لخصت دستورياً (الفصل 23 حتى عام 2011)، لا توجد أي هيئة تستطيع الطعن القانوني في الخلافة لأسباب قانونية ومشروعة إسلامية. وقد نشر حلفاء السلطة المغربية الفرنسيون والأجانب هذه الأطروحة على نطاق واسع في الرأي العام الغربي، مما فتح بإقناع بعض صناع الرأي أن تيار الإسلام الساسي المغربي لا يمكن أن يتجذر في المجتمع.

ولم تنفضح “الخديعة” إلا بعد هجمات الدار البيضاء في عام 2003، ويبرز دور الإسلاميين المغاربة ويكتشف الجميع أن المغرب ليس استثناء في هذا الصدد. ومع ذلك، فإن هذه الفكرة قد حصل تفنيدها في الواقع وفي النظرية السياسية للإسلام.

وتجدر الإشارة إلى أن المغرب عرف منذ السبعينيات تعدد حركات الإسلام السياسي الإخوان المسلمون (الشبيبة الإسلامية)، السلفيون، المتصوفون (جماعة العدل والإحسان)، الجهاديون، الوهابيون، إلخ. وقد حاربهم إدريس البصري أو منحهم الشرعية، وهو الذي كان يعرف بالضبط ما يريد وما هي مجالات تحركهم فقد تساهل مع ورثة الشبيبة الإسلامية ثم منحها الشرعية من خلال إدماجها في حزب سياسي قانوني، هو حزب العدالة والتنمية، قبل أن يمنحهم سبعة مقاعد برلمانية في عام 1997 – تماشيا مع التقاليد المخزنية.

ومنذ ذلك الحين، أصبح هذا التشكيل السياسي الأول في البلاد، لدرجة أنه من أجل إخماد بركان الربيع العربي في عام 2011، منحهم الملك محمد السادس قيادة الحكومة والأغلبية البرلمانية.

كان شرط إدريس البصري لمنح الاندماج السياسي لحزب العدالة والتنمية هي الاعتراف بإمارة المؤمنين، مما أزال فعلياً البعد الثوري عن هذا الحزب المتعاطف مع حركة الإخوان المسلمين.

وأدت هجمات عام 2003، التي أُلقي باللوم فيها على تيار السلفيين، إلى سجن قادة هذا التيار مع صدور أحكام بالإعدام بحق المسؤولين عن الهجمات ؛ وبعد بضع سنوات، كان على السلفيين الاعتراف بدورهم بإمارة المؤمنين من أجل إطلاق سراحهم واستعادة حقوقهم.

بقيت حالة “جماعة العدل والإحسان”. وعلى الرغم من أن الملك الشاب رفع الإقامة الجبرية عن زعيمها الكاريزمي عبد السلام ياسين (توفي في عام 2012)، إلا أن هذه الحركة لم تعترف أبداً بإمارة المؤمنين.

بالنسبة إلى “العدل والإحسان”، كما هو الحال بالنسبة للعديد من الإسلاميين وعلماء الشريعة والفقه الإسلامي وخاصة الإخوان المسلمين، فلا توجد شرعية ولا مشروعية للنسب الشريف ولا لمؤسسة الخلافة، ولا لإمارة المؤمنين لأنها مفاهيم غير قرآنية بل فقط مفاهيم أفرزتها الظروف والتقاليد التاريخية ولا تمنح أصحابه أي نوع من القداسة وبالتالي فهي لاغية ولا يجب الاعتماد عليها ومن ثم فإن السلطة الشرعية الوحيدة هي الشورى، الهيئة الوحيدة التي ذكرها القرآن، وهي أن يجتمع العلماء المكلفون بإرشاد ونصيحة الإمام الأعلى في كل فترة من الزمن وهذه هي الفكرة التي يتحدى بها الإسلاميون جميع رؤساء الدول المسلمين.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *