وجهة نظر

عـــشــر خطوات تشد عضدنا بلف الصحراء المغربية

يبدو أن قوة المشروع الاقتصادي الذي يقوده المغرب داخل أقاليمنا الجنوبية، والمنفتح على بلدان الساحل الإفريقي ، أربك خصومَهُ السياسيين وأعداء الوحدة الترابية للمملكة، وعطل أساليبهم الملتوية والمعتادة في التعاطي مع الصراع المفتعل حول مغربية الصحراء…

وإذ أؤكد كلَّ ما أوردتُهُ في مقالي السابق من تحليلٍ سياسي/تنموي/وطني/إقليمي/دولي مفصل للتطورات الإيجابية الراهنة في ملف صحرائنا، فإنني من خلال هذا المقال المتصل، سأحاول استشراف مزيدٍ من الحلول العملية والخطوات الملموسة التي من شأنها تحصين وتقوية المشروع الاقتصادي التنموي المغربي بالأقاليم الجنوبية المنفتح على بلدان الساحل الإفريقي، و من شانها أن تساهم في شد عضدنا بملف الصحراء .. وذلك كما يلي :

1- الخطوة الأولى : في الحاجة الى فتح نقاش دبلوماسي أعمق، وبِــنَفَسٍ اقتصادي وتنموي تعاوني وتكاملي، مع الشقيقة موريتانيا، والسعي نحو مساعدتها ومؤازرتها في تكريس وتقوية تحرر قرارها السيادي من أي تبعات أو ضغوط دولية، وأي ابتزازات إقليمية، ومن أي تأثيرات جانبية وأجنبية؛

2- الخطوة الثانية: خلق قناة تواصلٍ خاص بملف الصحراء مع بلدان الخليـخ العربي وخاصة: (الإمارات؛ السعودية ؛ قطر…) من أجل التعاون على الصعيد العربي و ممارسة التأثير الإيجابي والمشروع على دول مصر والجزائر وموريتانيا، في اتجاه دفع هذه الأخيرة نحو الانخراط الجدي في مسلسل حلحلة ملف الصحراء المغربية… ومرحلياً نحو بلورة اتفاق يمنع تكرار إعاقة السير وقطع الطريق في معبر الكركارات، (الذي حسمه الملك محمد السادس بشكل نهائي و ابلغ الامين العام للامم المتحدة هاتفيا بان مشكل المعبر الحدودي الكراكارات حل بشكل نهائي-) .. مع الإبقاء على باقي النقط الخلافية فوق طاولة النقاش والتفاوض، طبقا لقواعد الحوار والأخوة والسلم والأمن والتعايش وحسن الجوار .

3- الخطوة الثالثة: ضرورة العمل على تسريع إنجاز الطريق السيار تزينت – دكار، وكذا خط أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب، وفتح مزيد من الموانئ البحرية، وتشجيع الأنشطة البحرية بالأقاليم المغربية الجنوبية، وإنشاء مزيد من معامل الإسمنت، والرفع من أوراش الطاقات المتجددة بأنواعها الثلاثة: الريحية، الشمسية، والمائية.

4- الخطوة الرابعة : تجويد عملية ادماج شباب بلدان الساحل بالمدن الجنوبية ، مع تسهيل ولوجهم سوق الشغل بالصيد البحري ومعامل السمك والإسمنت، وفي التجارة والنسيج الاقتصادي الاجتماعي، من بناء، وتربية المواشي، ومن فلاحة ونقل وتجارة محلية… مع تمكينهم من الحق في الإقامة والاستقرار وتكوين أسرة داخل النسيج الصحراوي المغربي… وهي خطوة من شأنها أن تجسد بداية تشكيل بنية اجتماعية دينامية جديدة صاعدة وقادرة على الإنتاج والعمل، بدل السقوط في براثين العطالة واليأس وانسداد الأفق المُفضي إلى التفكير في الهجرة السرية أو الالتحاق بميليشيات الارتزاق أو بصفوف المنظمات الإرهابية أو اللجوء إلى ممارسة القرصنة والجريمة المنظمة.

5- الخطوة الخامسة: إحداث و خلق أوراش جديدة ومكثفة للسياحة والترفيه، وتقوية البرامج الرياضية والثقافية بالحواضر الكبرى للصحراء المغربية، كالعيون وطرفاية والسمارة والداخلة، لتكتسيَ بُــعداً وطنيا وإقليمياً ودوليا متميزاً.

6- الخطوة السادسة : العمل بعمق دبلوماسي كبير وواسع على خلق نقطة/فضاء التقاء ذات زخم تنموي ودينامية تجارية وجاذبية مالية، على طول الخمس كيلوميترات الموجودة بين معبر الكركارات وموريتانيا الشقيقة، وتحويلها إلى منطقة منتعشة تنموياً وذات أبعاد اقتصادية مشتركة مع موريتانيا على الساحل الأطلسي، بما يُمَكِّــنُ من نسج علاقات استثمارية وتجارية دولية وطيدة.. من شأنها أن تشكل سدا منيعا في وجه مليشيات البوليساريو، بشكل قاطع.

7- الخطوةالسابعة: تشجيع التحصيل العلمي وتحفيز التمدرس، وتوسيع الخارطة الجامعية، من خلال فتح كليات وجامعات عمومية وخصوصية تُتيح تبادل الأفكار وتحطيم ثقافة الفردانية التي تحلم بإشاعتها جبهةُ العار الفاشلة .

8- الخطوة الثامنة : إعادة إحياء دور الزوايا بالأقاليم الجنوبية المغربية، وربطها بامتداداتها الإفريقية جنوب الصحراء، لا سيما عبر تشجيع أنشطتها ودعمها وخلق جسور التواصل بينها وبين الزوايا في مختلف البلدان الإفريقية الأخرى، مع إقرار وترسيم ملتقيات جهوية ووطنية ودولية لهذه الزوايا بمدن الجنوب المغربي.

9- الخطوة التاسعة: حُــسن استثمار البحر، فهو قوتنا الضاربة وأداة نجاحنا بالنسبة للمشروع الاقتصادي، وذلك بإحداث شبكة موانئ، وأسطول بواخر، تسهل انسيابية نقل البضائع والسلع والمدنيين بين المغرب ودول الساحل الإفريقي، فهناك طرق بحرية يجب تكثيف استعمالها أو إحداثها، لتخفيف الضغط عن الطرق البرية التي ينبغي أن يتقوى دورها وتتعزز شبكتها، أيضا، لتتكامل مع الشبكة البحرية الواعدة.

10- الخطوة العاشرة: توسيع شبكة الطرق الجوية و تكثيفها : في الحاجة إلى مزيد من المطارات الجوية بالمدن الصحراوية المغربية، وفي حاجة أيضا إلى مزيد من الخطوط الجوية الرابطة بين بلدان جنوب الصحراء ومدن الداخلة والعيون والسمارة… وبأسعار تفضيلية تضطلع فيها الخطوط الجوية الملكية المغربية بمسؤوليتها، في اتجاه تطوير أدائها التجاري والوطني بهذا الصدد.

وتظل هذه الخطوات العشر، حسب اعتقادي، أساسية ولابد منها، من أجل مزيد من النجاح في توسيع وتقوية المشروع التنموي الاقتصادي المغربي بأقاليمنا الجنوبية، في أفق الكسب النهائي لقضيتنا العادلة و صون وحدتنا الترابية المقدسة.

والحمد لله الذي بحمده يبلغ ذو القصد تمام قصده.

* مدير المركز المغربي للقيم والحداثة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *