العمق الرياضي

أمل من ألم.. أكاديمية رياضية تنبعث من مخيم مهاجري جنوب الصحراء بأولاد زيان (فيديو)

الساعة تشير إلى الثامنة صباحا، وفي المكان الذي أضحت حركة أبطاله كأنها لقطة بالعرض البطيء، تجتمع ثلاثية الملعب واللاعبين والتمارين الرياضية لتؤكد للمشاهد أنه في حضرة فريق رياضي.

“نحن هنا لإنقاذهم من الفقر والتسول في الطرقات”.. هكذا بدأ السنغالي أبلاي نيانغ رئيس الجمعية الرياضية الثقافية للمغرب والصحراء الكبرى، حديثه مع “العمق الرياضي”، ملخصا ما يوحي إليه اسم جمعيته النادرة في المغرب.

وبحس إنساني مرهف، آثر نداي ورفاقه من المغاربة والأفارقة البحث عن المواهب التي وصلت إلى المغرب قادمة من دول جنوب الصحراء، لإقحامهم ضمن مشروع رياضي يستهدف تحسين مستوى عيش المهاجرين غير النظاميين، والدفع بهم نحو أجواء صحية تليق بهم، والتخلص من جحيم البحث عن لقمة العيش في مساراتهم المحفوفة بالمخاطر للوصول إلى الفردوس الأوروبي.

وبهدوء وخبرة مثقلة بتجارب الحياة، ومجابهة الصعاب، يضيف نيانغ: “هدفنا تعزيز ثقافة المشاركة وممارسة الرياضة، ورسم خارطة طريق لهؤلاء المنسيين، لتحقيق التعاون والانسجام فيما بينهم، وتدويب كل الفوارق مع عموم المواطنين”.

مواهب متشردة بأولاد زيان

يحكي نداي في حديثه لـ”العمق الرياضي”: “حصلت بعد مخاض عسير على ترخيص من السلطة، واليوم نحن نشتغل من أجل هؤلاء الشباب بهدف دعمهم، وفتح طريق وأفق جديد أمامهم”، ويضيف: “نبحث عن مواهب إخواننا الأفارقة في ولاد زيان بالدار البيضاء”.

فيما تقول نائبته زينب فديفي وعينيها مغرغتين، إنها اختارت ركوب سفينة التحدي غير آبهة للعقبات والمشاكل التي تلوح في الأفق، من أجل إنقاذ المواهب الضائعة.

وتتابع موضحة: “زرنا مأوى الشباب الأفارقة القاطنين في المحطة الطرقية ولاد زيان، فوجدنا طاقات كثيرة أخضعناها للتجريب وتم انتقاء عدد من الشباب وبحثنا للباقي عن عمل يضمن به قوت يومه.

مأوى بمواصفات عالمية

يحرص أبلاي نيانغ، على تفقد مقر إقامة اللاعبين باستمرار وكأنه بيته الثاني، متفقدا حاجات الشباب الاجتماعية وبرنامج عملهم اليومي الذي تشرف عليه المساعدات الاجتماعيات اللواتي انتدبهم لهذه الغاية.

لم يخف رئيس الجمعية سعادته الغامرة بتجاوب هؤلاء الشباب في التداريب ورباطة جأشهم في الحضور اليومي للتداريب التي تقام في ملعب قريب من مقر سكناهم على أمل تحقيق حلمهم جميعا.

عبرت زينب فديفي، عن سعادتها جراء ما حققته الجمعية للشباب مؤكدة أنه تم توفير أستاذ لتأطيرهم داخل البيت ومن أجل ضبط إيقاع أنشطة الشباب وتوعيتهم ثقافيا لمجابهة تطورات الحياة اليومية.

النموذج الفرنسي

اختارت الجمعية الرياضية الثقافية للمغرب والصحراء الكبرى، النموذج الفرنسي في تكوين اللاعبين، معتمدة في ذلك على الإطار الفرنسي “إيريك” الذي يشغل مهمة مدير تقني، حيث يشرف على تأطير المنخرطين في الجمعية الرياضية من جنسيات إفريقية مختلفة.

يؤكد إيريك، أن مهمته لا تعترضها أية مشاكل، لأن الشغف بالساحرة المستديرة يمكنه أن يذوب أي جبل جليد كيفما كان، لكنه لا يخفي أن طريق النجاح مازال طويلا بالنسبة لهذه الكتيبة من اللاعبين القادمين من المجهول.

ورغم اعتقاد المدير التقني للنادي الفريد من نوعه أن المسار مازال طويلا أمام أعضاء الجمعية، فإن هذه الأخيرة بدأت تقطف من الآن ثمار النجاح، بعدما عبرت أندية مغربية رغبتها في متابعة بعض اللاعبين أملا في الظفر بخدماتهم.

هذا الأمر لم يخفيه السنغالي “مادي” الذي يشغل منصب مساعد المدير التقني، حيث أكد رغبة بعض الأندية في الظفر بخدمات بعض اللاعبين، وإن كان قد عبر عن انزعاجه من غياب ملعب للتداريب.

لكن رغم صعوبة العمل وغياب الدعم وكون الجمعية مازالت فتية، يشتغل طاقم الجمعية الرياضية الثقافية للمغرب والصحراء الكبرى بكل تفان وجدية من أجل تحقيق الأهداف المرجوة، وهو ما استوقف عددا من المهتمين بالشأن الرياضي.

هذه الجهود الكبيرة يشعر بها اللاعبون، كما أكد ذلك اللاعب “الشيخ عمر سار” في تصريح لـ”العمق الرياضي”، بقوله: “تداريبنا تمر في أحسن الظروف وليس هناك أي مشاكل”.

مواهب مغربية

رغم أن غالبية اللاعبين المنتمين للجمعية/ النادي من جنسيات دول إفريقيا جنوب الصحراء فإن هناك لاعبين مغاربة يبحثون عن تحقيق ذواتهم أيضا، مثل الموهبة أمين الدوباجي الذي عبر عن سعادته بالانضمام للجمعية وهو يداعب الكرة رفقة أصدقائه الأفارقة، مؤكدا في حديثه لـ”العمق الرياضي”، أن التداريب التي يتلقاها داخل الجمعية تختلف إطلاقا عن التجارب التي خاضها رفقة أندية مغربية لعب ضمن صفوفها.

لم يكن الدوباجي الذي يطمح للعب لفريق كبير الموهبة الوحيدة التي تتطلع لتحقيق حلمه وطموحات الجمعية، بل هناك مواهب أخرى تطمح لتحقيق حلم التألق ومداعبة كرة القدم من بوابة الجمعية الرياضية الثقافية للمغرب والصحراء الكبرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *