اقتصاد

ملف “البوليستير” .. مزوار: زوبعة لم أفهم الهدف منها .. وبرلمانيون: أسقطنا ممارسة غير أخلاقية

سحبت الحكومة التعديل القاضي برفع الرسوم الجمركية على واردات “ألياف البوليستير” إلى 17.5 في المائة عوض 2.5 في المائة، وهو التعديل الذي قدمه فريق التجمع الدستوري وفريق الاتحاد العام لمقاولات المغرب بمجلس المستشارين.

المسار الذي عرفه هذا التعديل ما بين مجلس النواب ومجلس المستشارين، وعودته إلى مجلس النواب في قراءة ثانية ضمن مسطرة المصادقة على تعديلات مشروع قانون المالية، أثار الكثير من الجدل والتساؤلات، خاصة بعد إشارة عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة إلى وجود شبهة تواطؤ بين فرق برلمانية وبين إحدى الشركات يوجد صلاح الدين مزوار الرئيس السابق للاتحاد العام لمقاولات المغرب ضمن مساهميها.

التساؤلات المثارة وإمكانية وجود شبهة غير أخلاقية طرحها الكثيرون، خاصة في مسار التعديلات التي تغيرت ما بين مجلس النواب ومجلس المستشارين، ذلك أنه تم التصويت بالإجماع على تعديلات قانون المالية في مجلس النواب ومنها التعديل موضوع الجدل الذي أقر في البداية بفرض نسبة بـ 2.5 في المائة كرسم جمركي على ورادات الياف البوليستير، غير أنه بعد إحالته على مجلس المستشارين تم تعديل هذه النسبة لتصبح 17.5 في المائة، مع العلم أنه سبق أن تمت المصادقة عليه بالأغلبية في مجلس النواب.

مزوار: زوبعة لم أفهم الهدف منها وأتأسف لانسياق الفريق الاشتراكي وراء اتهامات وهبي

صلاح الدين مزوار الرئيس السابق للاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي أشير إلى اسمه في هذا الجدل الدائر، اعتبر في تصريح لجريدة “العمق” أن ما أثير من جدل ليس سوى زوبعة لا تستند على أي أساس صحيح.

واستغرب مزوار، الذي يعد مساهما في شركة نسيج جديدة ستشرع في العمل السنة المقبلة والتي أشير إليها في انتقادات البرلمانيين، (استغرب) من سبب هذه الزوبعة في هذا الوقت بالذات، وقال إنه لم يفهم الهدف من ورائها، وأكد أن نقاش مثل هذه الأشياء يجب أن يكون بشكل عقلاني وألا يتم تشخيص الأمور وتبخيس السياسة.

وأوضح مزوار في التصريح ذاته، أن نقاش حماية الصناعة الوطنية لم يكن وليد اليوم، وهو نقاش مستمر ودائم في كل المحطات المرتبطة بمشاريع قوانين المالية أو خارج قوانين المالية، لهذا ليس بنقاش جديد حتى يأخذ كل هذه الهالة.

وشدد على أن أي طرف حين يكون مقتنعا بأمر ما يدافع عنه وهو أمر طبيعي، غير أن تسيس واستغلال أمور هكذا فهو أمر غير مقبول، مؤكدا أن “هذا النقاش لو كان مبنيا على أساس فلا إشكال لدي، وسأتحمل مسؤوليتها هذا لو كان ما يروج صحيحا. لو كنت وراء هذه الأمور لعمدت إلى “اللوبينغ” وتوظيف علاقتي وغيرها”.

وأشار إلى أنه في مشاريع قوانين المالية، يتعامل الوزراء مع المؤسسات والمهنيين، وليس مع الأشخاص، وأكد على أنه لن يسمح لنفسه حتى يطلب من برلمانيين أن يقدموا له خدمة لمصلحته الشخصية.

وقال في السياق ذاته “استغرب للاتحاد الاشتراكي، لأنه حزب كيفما كان الحال حزب تاريخي، ولديه مقومات فيما يخص مجموعة الأشياء، لهذا استغرب أن ينساق وراء هذه الزوبعة”.

وأضاف أن “السيد وهبي الذي كان وراء الزوبعة، هو يعرف أنني كنت وزيرا للمالية سابقا وأعرف المساطر جيدا. غير أن الكلمات التي استعملها والطريقة التي خرج بها، والهدف الذي يسعى إليه من وراء هذا كله غير واضح لدي”.

وأشار إلى أن فريق البام هو الفريق الأكبر في مجلس المستشارين، مضيفا أنه، وحسب المعلومات التي وصلته، فإن فريق البام هو الذي اتجه نحو طلب سحب التعديل، وأكد أنه يعمل على التأكد من هذا الأمر. وشدد على أنه “لا يمكن أن أترك الأمر يمر هكذا مرور الكرام”.

وأضاف “لا أعتقد أنه في مصلحتنا أن نذهب نحو حماية من هذا النوع على اعتبار أنها ليست الطريقة المثلى التي يمكن للدولة أن تحمي القطاع الصناعي وتدعمه”، معتبرا أن “القطاع الصناعي يجب أن يكون قطاعا تنافسيا وليس قطاعا محميا، وهذه قناعتي. ولهذا لم أفهم ما السبب من وراء كل هذه الهجوم، ولماذا في هذا التوقيت”.

مزوار مساهم في شركة جديدة

أكد صلاح الدين مزوار، في حديثه مع “العمق”، أنه مساهم في شركة جديدة للنسيج إلى جانب مساهمين أخرين منهم أجانب، ستشرع في العمل السنة المقبلة. وأوضح مزوار أن المشروع ليس قائما بعد حتى يقال “أنني أعمل على أن أربح شيئا من مثل هذه التعديلات، ليس من ثقافتي مثل هذه السلوكات، لا علاقة لي بهذا الأمر بشكل قطعي”.

وقال إن “مساهمتي في شركة جديدة مع أجانب، ليس مبررا لقول إنني أبحث عن استفادة معينة، نحن عملنا على استقدام استثمارات أجنبية في مجال تدوير النفايات والحفاظ على البيئة. وهي صناعة غير تقليدية”.

وأبرز أن الرفع من الرسوم الجمركية أو الحماية، لن تنفع الشركة ولن تضرها، على اعتبار أن المجال فيه منافسة، وحتى إذا تم إقرار الحماية، ماذا ستربح علما أن الإنتاج الذي ستقوم به لن يغطي سوى 5 في المائة. من هنا يظهر أن بعض الأشياء تستعمل لأغراض سياسيوية، يضيف مزوار.

من جهة ثانية، أكد مزوار أنه حاول الاتصال أكثر من مرة بعبد اللطيف وهبي، وأرسل له عدة رسائل نصية غير أنه لم يتلق منه أي جواب، مشيرا إلى أن العلاقة التي كانت تجمعهما علاقة احترام متبادل.  غير أنه استدرك أن “الانسان الذي لا يجيب على الهاتف، إنسان يخاف من المواجهة”. ورفع مزوار التحدي في وجه وهبي قائلا: “إذا كانت لدى وهبي أدلة أنني وراء كل هذا فليكشفها، وليس أن يطلق الكلام هكذا”.

وهبي: تصريحات مزوار تهمه ولدي وثائق تفيد أن شركة مزوار ستستفيد من التعديل  

قال عبد اللطيف وهبي الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة في اتصال هاتفي مع “العمق”، إن تصريحات صلاح الدين مزوار تهمه قائلا “ما عندي مع مزوار تا حاجة”.

وأكد بخصوص إمكانية استفادة الشركة الجديدة التي سيطلقها مزوار رفقة شركائه السنة المقبلة، أنه يتوفر على الملف القانوني للشركة، وقانونها الأساسي يظهر أن مزوار مساهم فيها إلى جانب شخص آخر فاعل في قطاع النسيج وهو مسؤول في القطاع في الوقت نفسه، وأكد أن هذه الشركة ستستفيد من هذا التعديل.

وذكر وهبي بقضية وزير الصناعة والتجارة مولاي حفيظ العلمي في قضية تفويت أسهم شركته إلى مجموعة سانلام – جنوب افريقيا، التي ضيعت على خزينة الدولة ملايير الدراهم، مشيرا إلى أن مثل هذه الأمور لا يجب أن تتكرر.

وقال وهبي إن “السيد مزوار لم يخرج أحدا من حزبه ليدافع عنه، ثم خرج ليصرح أنه يتصل بي ولم أجبه، ليذهب عند الياس صديقه، لماذا سيتصل بي أنا”، مضيفا أن “مزوار تعود أن يتصل بإلياس، كلما انتقدت حزب الأحرار، فيتصل بإلياس الآن، لست خائفا من مواجهته، ومتى أراد ليس لدي أي مشكل، لماذا سأجيبه في الأصل، أنا أقوم بمهمتي في البرلمان كممثل للأمة وفقط”.

وقال وهبي إن الإشكال هو أن الإنتاج الوطني لا يتجاوز 30 في المائة من الحاجيات والباقي يتم تغطيه عبر الاستيراد، والشركة الجديدة لم تشرع في العمل بعد، ولهذا حين يتم رفع الرسوم الجمركية، سيتم رفع الأسعار بشكل مباشر والتي ستنعكس على القدرة الشرائية للمواطن.

وتساءل وهبي: “لماذا يبحثون عن رفع الرسوم، وهم لم يوفروا الحاجيات الوطنية من هذه المادة؟”، مضيفا: “حين يتم توفير الحاجيات الوطنية بـ 100 في المائة، حينها يمكن الرفع من الرسوم. وأوضح أنه تلقى اتصالا من مهنيين في قطاع النسيج قصد مناقشة الموضوع، لأنه بالنسبة إليهم إذا تم رفع الرسوم فإنها ستنعكس على أسعار البيع للمواطن”.

حنان رحاب: هناك ممارسة غير أخلاقية والفريق الاشتراكي أكبر من أن يكون تابعا

أكدت حنان رحاب عضو الفريق الاشتراكي بمجلس النواب في تصريح لـ “العمق”، أن هناك ممارسة غير أخلاقية وغير قانونية، وإلا لم تم إدخال التعديل بمجلس المستشارين بعد المصادقة عليه بالأغلبية من قبل في مجلس النواب، مضيفة أنه سبق أن “عشنا مثل هذه الأمور في البرلمان وهي أمور نرفضها”.

وأكدت أن الفريق الاشتراكي ليس تابعا لأي فريق آخر ولن يكون، مشيرة أن الفريق الاشتراكي في تدخله لم يشر إلى أي شخص في حد ذاته ولا يشخصن الأمور سواء تعلق الأمر بفلان أو علان، وناقش الموضوع والتعديل بشكل عام باعتبار الأمر ممارسة غير أخلاقية وغير قانونية.

وأضافت: “السيد مزوار إذا ذكر الفريق الاشتراكي بهذه الطريقة، فإنه لا يعرف الفريق الاتحاد الاشتراكي ولا يعرف من يمثله”. مشيرة إلى أن تدخل الفريق الاشتراكي كان قبل تدخل السيد وهبي والذي ذكر اسم السيد مزوار بشكل مباشر.

وأوضحت رحاب، أنه تم الاتفاق على تعديل بنسبة 2.5 في المائة في مجلس النواب، وحينما وصل إلى مجلس المستشارين تم تعديله وتم رفع النسبة إلى 17.5 في المائة بدعوى حماية الصناعة الوطنية، مضيفة أنه لمّا عاد مشروع القانون المالي إلى مجلس النواب في إطار قراءة ثانية، تلقينا اتصالات من مهني النسيج الذين اعتبروا أن رفع الرسوم الجمركية إلى 17.5 في المائة سيضر بالقطاع، وسيضر بفئات واسعة من المغاربة الذين يعيشون من هذا القطاع، كما ستضر بالقدرة الشرائية للمواطن، وقدم هؤلاء المهنيون عددا من المبررات والمعطيات في هذا الإطار، وهي معطيات علمية موثقة التي اقتنعنا بها كفريق.

بنشعبون يسحب التعديل

أوضحت حنان رحاب، أن ثلاث فرق طلبت التدخل أثناء المناقشة في لجنة المالية، وهي الاتحاد الاشتراكي، والأصالة والمعاصرة، والعدالة والتنمية، ثم بعدها الاستقلال والتجمع الدستوري، ثم بعد تدخل عبد اللطيف وهبي.

وحين شرع محمد بنشعبون وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، قال في رده على تدخلات الفرق، إنه إذا كانت هناك ذرة شك حول التعديل وبأن الأمر يتعلق بتقديم خدمة لشركة معينة محددة يعينها، فإني أعلن سحب هذا التعديل بشكل صريح.

تحويل التشريع لخدمة لوبيات اقتصادية

وكتبت حنان رحاب في تدوينة لها على صفحتها على الفيسبوك، إن وقوف الفريق الاشتراكي ضد هذا وإسقاطه، ليس فقط بسبب تسهيله للاحتكار، بل كذاك لأنه بحمل شبهات تحويل التشريع لخدمة مصالح اقتصادية من بوابة السياسة.

وأكدت أنه “حين بحثنا في ألف عن مبررات هذا الرفع الذي سينجم عنه رفع ثمن مجموعة من السلع التي تعتمد هذه المادة في تصنيعها، لم نجد غير أن شركة تم إحداثها مؤخرا لإنتاج وتسويق هذه المادة، يملكها وزير سابق ورئيس حزب سابق، ورئيس تجمع الباطرونا سابقا”.

مشيرة إلى أنه “لو كانت لدينا مقاولات كثيرة في البلد مختصة في إنتاج وتسويق هذه المادة، لكنا مع الرفع من ضريبة استيرادها حماية للصناعة المحلية. لكن أن يتم هذا الرفع لمصلحة شركة واحدة فقط، فهذا يعني تشجيع الاحتكار، وليس له معنى آخر”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *