منوعات

وداعا للمحامين البشر وأهلا بالمحامي الذكي

يدرك رجال الأعمال جيدًا قيمة المحامي الشاطر، فلا يمضون على عقد عقاري أو تجاري أو حتى توظيفي إلا بعد استشارة محامٍ جهبذ يحمي مصالحهم وثرواتهم وحقوقهم ومستحقاتهم.

ويجني المحامون أتعابهم بعد سنوات من الدراسة والتخصص والتدرب، ويقتطعون لأنفسهم نسبا من الصفقات والعقود التي يكتبونها أو يتملصون منها عبر ثغرات قانونية يسعفهم ذكاؤهم وخبرتهم في اكتشافها، كل ذلك تحت مظلة القانون.

في الغرب يتقاضى المحامون أيضًا، لقاء عدد الساعات التي يقضونها في القراءة ومراجعة العقود، يقدرها بعض الخبراء بـ 80% من وقتهم.

من هنا قرر محام متخصص بالعقود التجارية يدعى نوري بيشور، أن يختصر هذا الزمن والكلفة عبر توكيل المهمة لكومبيوتر يقرأ ويلخص، فأسس شركة “LAWGEEX”.

حيث يستطيع البرنامج قراءة العقد وخلال فترة قصيرة جدًا، لا تتعدى الساعة، يصدر تقريرًا في الأمور التي تتعارض مع القانون، أو ما تم إغفاله أو ضرورة مراجعة فقرة ما دون عن غيرها وما إلى ذلك، كل هذا بتوجيه من خورازميات ذكية.

وحاليًا، يعتبر أكثر زبائن هذا البرنامج الأقسام القانونية للشركات الكبرى. وتقول الشركة في موقعها الإلكتروني، إن زبائنها تمكنوا من إقفال صفقات وعقود بوقت أسرع من ذي قبل بثلاث مرات.

وقال مدير التسويق للشركة التي ستغير مستقبل المحاماة كما نعرفه،” هدفنا أن ندخل عالم القانون والمحاماة في الزمن الرقمي الجديد”.

تاريخ الخبرة ومستقبل التكنولوجيا

وتسعى هذه التوجهات الجديدة في عالم القضاء إلى تأمين خدمات قانونية جديدة لمن يحتاجها دون الحاجة لدفع مبالغ طائلة للحصول على استشارات.

وبدأ الحوار في هذا المجال أول مرة العام 1970 عندما استضافت جامعة ستانفورد أول مؤتمر حول سبل تسخير الذكاء الاصطناعي في مجال المحاماة.

وفي العام 2009 ، قررت شركة IBM خوض المجال فتعاقدت مع جامعات أمريكية وخبراء قانونيين لابتكار أول “محامي كومبيوتري”.

ماذا يخبئ المستقبل؟

ولكن قبل أن نستنتج أن زمن المحامي انتهى، لا بد من التأكيد على أن الفكرة ما زالت في مراحل الطفولة، بل إن شركة LAWGEEX ما زالت تستعين بخبرات محامين بشر للمراجعة بعد برنامجها الذكي.

ويحتاج البرنامج لمراجعة 100 عقد في المجال نفسه ليتمكن من أداء مهمته على أكمل وجه، وحتى الآن ما زال العمل منحصرًا في العقود التجارية والصفقات وطلبات الشراء ورخصات البرامج.

بدوره يوضح محام يدعى شولي غولدبرغ، لموقع “فيوتشرزم”، أن المحامي الرقمي يستطيع إيجاد النواقص والتأكد من وجود الشروط والمستلزمات بدقة أعلى من المحامي العادي، مضيفًا، إن الذكاء الاصطناعي يريح المحامي من الأعمال الورقية والإدارية ويعطيه وقتًا أكثر لتركيز طاقته على الأسئلة والخطوات الاستراتيجية.

ويتوقع بروفيسور في جامعة اوكسفورد، أنه بحلول العام 2020 سيتم توظيف عدد أقل من المحامين مقابل الاستثمار في هذه البرامج الذكية.

ورغم أن هذا البرنامج لن يغني عن الحاجة للمحامي التقليدي الذي يستطيع أن يخزن ما يريد ويستعين به وقت ما يريد، إلا أن هذا يفرض على المؤسسات الأكاديمية تغيير مناهج تعليمها وتحضير محامي المستقبل للتعامل مع برامج تكنولوجية، وهو ما بدأته جامعة “جورج تاون” في أمريكا، وملبورن في أستراليا.

ويفتح هذا المجال وظائف جديدة، يكون مستقبل المحامين موجهًا أكثر نحو البرمجة بدلاً من التحليل، فلا يصل إلى قمة الهرم إلا الدهاة!