اقتصاد، ملف

مصفاة “سامير” .. القصة الكاملة لإعدام الشركة بتواطئ من الجميع (الجزء 3)

المراحل التي مرت منها مصفاة “سامير”، مسارها وحيوتها ضمن النسيج الاقتصادي الوطني، قيمتها وأهميتها في ضمان الأمن الطاقي المغربي وكيف توقفت؟ ما هي خبايا الخروقات والتجاوزات التي ارتكبت في حق “لاسامير” وتسبب في إعدامها؟ وكيف يتم تسييرها اليوم؟ تحملاتها وكلفة اشتغالها وكلفة توقفها؟

جملة من الأسئلة تطرحها “العمق” في ملف “القصة الكاملة لإعدام مصفاة “سامير”، في محاولة للإجابة عنها عبر أجزاء تكشف خلالها خبايا معلمة اقتصادية مغربية أريد لها أن تموت قبل الموعد، وتأتي بعد ذلك محاولات للإنقاذ قبل أن تنتهي مؤخرا بقرار الحكومة القاضي بكراء خزانات شركة لاسامير.

تفويت مبهم  للأسهم

في الوقت الذي تم فيه تفويت سامير إلى القطاع الخاص، كانت مساهمة مجموعة كورال في رأس مال الشركة المغربية “سامير” عن طريق شركة corral morocco gaz and oil. لعبت هذه الشركة دور الشركة الأم، وكانت هي الأخرى متصلة بالمساهمات الأساسية للعمودي وتستحوذ على عدة مصافي مربحة في بعض الدول الاسكندنافية وفي السويد بالخصوص.

وفي فبراير 2006 فوتت corral morocco gaz and oil من corral petroleum holdings الشركة الرئيسية القابضة لمجموعة العمودي إلى شركة Moroncha Holdings والتي اعتبرها تقرير جبهة انقاد سامير “قوقعة قانونية فارغة موطنة في قبرص وفي ملكية العمودي”. وتم هذا التغيير القانوني في مطلع سنة 2006 تاريخ بدء تنفيذ الاتفاقية الموقعة في سنة 2004 من طرف الدولة المغربية.

وفي ظل هذه الوضعية، تساءل التقرير”  لماذا لم يتم ضمان أسهم سامير التي حوزة corral morocco gaz and oil وأسهم corral morocco gaz and oil التي في حوزة  corral petroleum holdings وذلك من أجل إعادة ترتيب المساهمات؟

وزير سابق مديرا عاما  “سامير”  

كان لعبد الرحمان السعيدي دور مزدوج في علاقته مع شركة سامير، حيث كان وزير الشركات العمومية والخوصصة من سنة 1993 إلى سنة 1998، ثم مديرا عاما لشركة سامير من سنة 2001 إلى سنة 2004.

ولم يمض وقت طويل على انتهاء مهامه في الوزارة حتى عين مديرا عاما لشركة سامير، وكان الوقت نفسه يمارس مهمة مستشار  شركة “سامير” في مجال القانون والضرائب والترتيبات المالية، عن طريق مكتب “السعايدي ولحديد”.

غموض في مراجعة الحسابات  

تغاضت تقارير مدققي الحسابات عن الاختلالات المالية إلى غاية سنة 2013 التي تعرفها الشركة، بحيث كانت قبل هذا التاريخ لا تشير إلى أي اختلال مالي بل كانت تجيز الحسابات المالية. ولم تنبه المساهمين إلا فيما بعد سنة 2013، حيث لم تظهر التحفظات الأولى إلا في تقرير سنة 2013، أي بعد سنوات من التلاعبات التي صاحبت التقارير المحاسبية.

وكان أكبر المتضررين من هذه التلاعبات المساهمون الصغار. وهنا تشير التقارير التي رصدت هذه الاختلالات إلى أن مراجعي الحسابات أفادوا أن النفقات التي احتسبت كاستثمارات في سنة 2013، كان لها أثر إيجابي يفوق 1.3 مليار درهم على النتائج، وأن فجوة إعادة التقييم تقدر بـ 4 ملايير درهم اكتشفت في سنة 2014.

وعلى الرغم من هذه التلاعبات المحاسبية، فإن الناتج الصافي الموحد الذي نشر في سنة 2013 بلغ ناقص 327 مليون درهم وناقص 2.523 مليون درهم في عام 2014.

دعوة ادخار غامضة

في نهاية السنة المالية 2008، أي بعد سنوات قبل تفاقم وضعية شركة سامير، وتوقف نشاطها، قررت إدارة الشركة طرح سندات بدفعتين منفصلتين، إحداهما مدرجة في بورصة القيم والأخرى غير مدرجة.

لم تصادف الشريحة المدرجة أي نجاح، إذ أنها سجلت اثنين من المكتتبين المؤسساتيين فقط، بطلب 120 مليون درهم، مقارنة مع المبلغ الإجمالي للاكتتاب 800 مليون درهم.

وبما أن الأمر يتعلق بالاكتتاب العمومي، أصدرت الشركة مذكرة إعلامية أعدت تحت مسؤولية ثلاثة من أكبر المصارف التجارية المغربية وهي التجاري وفا بنك  والبنك الشعبي المركزي وصندوق الإيداع والتدبير كابيتال.

وحملت المذكرة توقيع CDVM مجلس القيم المنقولة (تحول فيما بعد إلى الهيئة المغربية للرساميل). وأعلن في هذه المذكرة عن أرباح صافية قدرها 526 مليون درهم على بعد أيام من اختتام السنة المالية 2008، وبعد ثلاثة أشهر وفي الموعد النهائي لنشر حسابات السنة، أعلنت الشركة عن خسارة قدرها 1.2 مليار درهم، بفارق يتجاوز 1.7 مليار درهم.

وبعد إنجاز تقرير مراجعة الحسابات للسنة المالية 2013، أورد مراجعو الحسابات أن النفقات التي سجلت كاستثمارات في سنة 2013 كان لها أثر إيجابي بأزيد من 1.3 مليار درهم على النتائج المالية لسنة 2014، وذلك بعد إعادة مراجعة حسابية لـ 400 مليون درهم وفارق إعادة تقييم يناهز 4 ملايير درهم.

غير أن اللافت هنا، هو أن النتيجة الصافية الموحدة التي نشرتها “سامير” كانت سلبية بناقص 327 مليون درهم في سنة 2013 وناقص 2.523 مليون درهم في سنة 2014.

وبالرغم من ذلك ذلك، لم تعمل الشركة إلى إصدار الإشعار التحذيري بخصوص توقع الخسائر بالنسبة لنتائجها، كما هو معمول به الزاما بالنسبة للشركات المدرجة في البورصة، إلا في وقت متأخر، دجنبر 2014 على بعد أيام قليلة من نهاية السنة المالية، وهو الموضوع الذي كان محل مذكرة تنبيه من قبل دركي السوق المالي (مجلس القيم المنقول سابقا/ الهيئة المغربية لسوق الرساميل حاليا).

مسؤولية المساهمين

تشير التقارير إلى أن المساهمين، وخاصة الصغار منهم، لهم مسؤولية فيما آلت إليه شركة “سامير”، بحكم أنهم على علم بالوضعية المالية الحقيقية للشركة لكنهم لم يبادروا إلى أي تصرف من شأنه أن يصحح الوضعية خاصة المساهمين الذين يحملون صفة أعضاء مجلس الإدارة ويحضرون المداولات والاجتماعات، بل إنهم صادقوا على الحسابات المالية للشركة بالرغم من الغموض والتلاعب الذي شابها.

وفي 17 نونبر 2015 سيستقيل محمد حسن بنصالح من مجلس إدارة سامير، باعتباره ممثلا لمجموعة هولماركوم التي تملك 5.8 في المائة من الأسهم، وجاءت استقالته قبل أشهر فقط من النطق بالحكم القاضي بالتصفية القضائية.

التصفية القضائية

توقفت سامير عن الإنتاج في سنة 2015 بعد تفاقم الصعوبات المالية. رفضت المحكمة التجارية المصادقة على التسوية القضائية وحكمت ابتدائيا بعد ذلك بالتصفية القضائية للشركة في مارس 2016.

وخلال ذلك بعث الحسين العمودي رسالة إلى المحكمة عبر محاميه، يتعهد فيها بضخ 680 مليون دولار في حسابات الشركة إلغاء قرار التصفية القضائية، غير أن وعد العمودي الذي لم يكن معزز بأي ضمان، أدى إلى تأكيد الحكم الابتدائي في المرحلة الاستئنافية في شهر يونيو 2016.

بعد ذلك وبناء على مبادرة الأبناك الدائنة  وعلى طلب تمديد إجراءات التصفية التي تقدم بها السانديك القضائي، تم تمديد الإجراء ليشمل ممتلكات أفراد مغاربة وأجانب وأشخاص اعتبارين ومنهم مجموعة كورال، وشمل تمديد إجراء التصفية ممتلكات كل من الحسين العمودي وجمال باعامر وبسام أبو ردينة وجازون ميلازو ولارسن نيلسون وجون أوزولد وجورج سالم وغازي محمد حبيب ومحمد حسن بنصالح ومصطفى أمهال، في شخص ممثليهم القانونيين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *