مجتمع

“النظام الأساسي” وتدبير الجائحة يثيران جدلا بين الـUMT وإدارة المكتبة الوطنية

أثارت ملفات النظام الأساسي للمكتبة الوطنية بالرباط، وطريقة تدبير فترة جائحة كورونا، جدلا وتبادلا للاتهامات بين النقابة الوطنية لمستخدمي المكتبة الوطنية المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل من جهة، وبين إدارة المكتبة الوطنية من جهة أخرى.

ففي الوقت الذي قالت فيه النقابة المذكورة، إن إدارة المكتبة الوطنية تراجعت عن تنفيذ قرار المجلس الإداري المنعقد شهر دجنبر 2018، والقاضي بالمصادقة بالإجماع على النظام الأساسي الخاص بمستخدمي المكتبة، نفت إدارة المؤسسة الأمر، مشيرة إلى أنه لم يتم المصادقة على النظام الأساسي.

تنديد النقابة

وفي هذا الصدد، أشارت النقابة إلى أنها “فوجئت بدعوة من إدارة المؤسسة لاجتماع يهدف إلى إعداد مشروع نظام أساسي جديد”، معتبرة ذلك “محاولة لفرض الأمر الواقع وإيهام الجميع بقبول ممثلي النقابة عضوية اللجنة البدعة التي أحدثتها الإدارة، بغرض التماطل وإقبار قرار أعلى هيأة تقريرية بالمؤسسة”.

وأوضحت النقابة في بلاغ لها، أنها ترفض ما أسمته “التراجع عن قرار المصادقة على مشروع النظام الداخلي، والمتضمن لتوصية بتشكيل لجنة لتتبع الملف لدى مصالح وزارة المالية”، مستغربة ما أسمته بـ”التحول الجذري غير المفهوم في موقف الإدارة أياما قبل انعقاد الدورة القادمة لمجلس الإدارة”.

ونددت النقابة ذاتها، بما اعتبرته “تراجعا خطيرا وغير مفهوم للإدارة عن تنفيذ قرار المجلس الإداري للمكتبة الوطنية المنعقد سنة 2018، حيث صرح مدير المؤسسة، أكثر من مرة، على أن القرار لا يلزمه قانونيا لعدم صدوره في ولايته، ضاربا بذلك عرض الحائط مبدأ استمرارية المرفق العام”.

البلاغ الذي توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أعلن رفض النقابة المشاركة في أي هيئة أو لجنة “لا تنسجم مع توصية المجلس الإداري لسنة 2018، والذي نص على ضرورة تشكيل لجنة لتتبع النظام الأساسي والتفاوض مع مصالح المالية، وليس لإعداد مشروع جديد أو تنقيحه، وبيع وهم المصادقة عليه بعد سنة أو سنتين”.

وكشفت النقابة أنها راسلت وزير الثقافة والشباب والرياضة بصفته رئيس المجلس الإداري للمؤسسة، “من أجل توضيح الأمر، خاصة وأن المدير صرح في اجتماع سابق أن الأمر جاء بتنسيق مع الوزارة الوصية”، حسب قولها.

نفي الإدارة

غير أن إدارة المكتبة الوطنية بالرباط، اعتبرت أن ما قالته النقابة المذكورة “عارٍ من الصحة”، مشيرة إلى أنها لم تجد أي تقرير موقع ومختوم للمجلس الإداري لسنة 2018، بخصوص النظام الأساسي للمؤسسة.

وأوضحت إدارة المكتبة الوطنية لجريدة “العمق”، أن الإدارة الجديدة وجدت بلاغا للمجلس الإداري لعام 2018 لا يتضمن أي إشارة للمصادقة عن أي قانون أساسي، مشيرة إلى أنه لا يحمل أي توقيع أو ختم لجهة مسؤولة لها صفة التوقيع على مثل هاته الوثائق.

وقالت الإدارة إنها تبنت مقاربة تشاركية عبر تشكيل لجنة تضم بالتساوي ممثلين من مختلف الشركاء الاجتماعيين والإدارة، مهمتها تدارس مختلف مواد القانون الأساسي لمستخدمي المكتبة الوطنية، لتقديم صيغة نهائية عليها إجماع من الكل تهدف إلى تخطي المطالب الاقتصادية والاجتماعية المحدودة إلى أبعد من ذلك.

وأضافت أنها “توصلت في وقت سابق بمراسلة من المكتب النقابي التابع للكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، تفيد بأن القانون الأساسي الذي قيل أنه تمت المصادقة عليه مع بعض التحفظات خلال المجلس الإداري سنة 2018، لم يكن عليه إجماع ولم يتم إشراكهم خلال صياغته، بل تم الإقتصار على تبني ملف جاهز قدمته النقابة الوطنية لمستخدمي المكتبة الوطنية التابعة”.

واعتبرت الإدارة في هذا الصدد، أن”الإقتصار على تبني ملف جاهز قدمته النقابة الاتحاد المغربي للشغل، يُعد ضربا تاما لمبدأ المساواة والتكافؤ في الحقوق والواجبات، كما تم التنازل عن أحد المهام الأساسية الخاصة بالإدارة لصالح هيئة ليس من اختصاصها صياغة الأنظمة الأساسية والمفاوضة بشأنها مع الجهات المعنية”، وفق تعبيرها.

“سوء” تدبير الجائحة

وفي موضوع متصل، قالت النقابة الوطنية لمستخدمي المكتبة الوطنية، إنها كانت على تواصل دائم مع إدارة المؤسسة من أجل إيجاد حلول ودية لـ”كافة التجاوزات الخطيرة الصادرة عنها وعن شعبة الموارد البشرية والتسيير الإداري على وجه الخصوص، وذلك منذ بداية الجائحة إلى حدود الساعة”.

وسجلت بلاغ النقابة، ما أسماه “سوء تدبير الإدارة للحالة الوبائية داخل المؤسسة، وعدم التزامها بالتوجه العام للمملكة، وبالتعليمات والقرارات الحكومية الصادرة في هذا الشأن؛ فضلا عن استغلالها للظرفية العصيبة التي تمر منها بلادنا جراء تفشي وباء كورونا المستجد للانتقام من أعضاء النقابة الوطنية”.

وأشارت إلى “توبيخ مناضلتينا المشار إليهما في بلاغنا السابق، مرورا بسلسلة القرارات التعسفية المتعاقبة، من استفسارات وإنذارات، الهدف منها إجبار المستخدمات والمستخدمين على الحضور بشكل مكثف ويومي رغم تفشي الوباء بالمؤسسة، في تصرف غير مسؤول أدى إلى تزايد حالات الإصابة بالفيروس”.

واتهم البلاغ ذاته، شعبة الموارد البشرية بـ”محاولة التلاعب بالتنقيط السنوي للمستخدمين، وهو الأمر الذي حذرنا ولازلنا نحذر من خطورة الخوض فيه”. مشيرا إلى أن النقابة “أعدت تقريرا مفصلا عن الموضوع يتضمن معطيات خطيرة، سيتم تسليمه للجهات المعنية لاحقا”.

وانتقد المصدر ذاته ما اعتبره “أسلوب الترهيب والوعيد والتعسف الذي لن يجدي نفعا في ظل صمود مناضلات ومناضلي الاتحاد المغربي للشغل، الذين لا يثنيهم أي إجراء تعسفي، كيف ما كان نوعه، عن الدفاع عن حقوقهم ومكتسباتهم”، حسب تعبير البلاغ.

وهددت النقابة بـ”خوض أشكال احتجاجية غير مسبوقة للتصدي لكل المحاولات اليائسة التي ترمي إلى النيل من عزيمتنا والمس بمكتسباتنا التي حققناها بعد تاريخ نضالي طويل وبعد تضحيات جليلة من رجال ونساء نقابتنا العريقة”، وفق تعبيرها.

“خطاب انفعالي”

بالمقابل، اعتبرت إدارة المكتبة الوطنية في توضيح لها لجريدة “العمق”، أن بلاغ النقابة الوطنية لمستخدمي المكتبة الوطنية تضمن “خطابا انفعاليا زائفا”، مشيرة إلى أن إدارة المؤسسة “مستمرة في فتح أوراش الإصلاح التي باشرتها منذ تعيين مديرها الجديد عبر تبني مقاربة تشاركية أساسها الالتزام المهني والأخلاقي”.

وأوضحت بخصوص تدبير الموارد البشرية، أن المؤسسة تبنت منذ بداية الحجر الصحي، “مقاربة تشاركية عبر إشراك اللجنان المشكلة، والتي مكنتنا من تنظيم محكم للمرحلة الاستثنائية التي كانت حقيقة إيجابية بكل المقاييس، وفق منهجية واضحة عبر تقسيم العمل في إطار أوراش شارك فيها بعض أعضاء النقابة المذكورة”.

وأشارت إلى أن تلك الأوراش “تزاوج بين العمل حضوريا أوعن بعد، ما جنب المؤسسة تداعيات وباء كوفيد 19، الشيء الذي أكدته النقابة السالفة الذكر أعلاه، في بلاغ إخباري بتاريخ 09 يونيو 2020، تثمن فيه المجهودات الجادة والمسؤولة، المبذولة من طرف المستخدمات والمستخدمين لضمان استمرارية المرفق العمومي”.

ووقالت الإدارة إن “استغلال ظروف الجائحة للانتقام من مستخدمتين تنتميان للنقابة عبر توجيه توبيخ إداري لهما، كلام مردود عليه بقوة الحجة والدليل، وليست له علاقة بانتمائهما النقابي، كما يبقى قرارا إداريا يحفظ حقوق المؤسسة، بعيدا عن أي محاباة أو تمييز، مراعيا لظروف التخفيف بالنظر للمعطيات والوقائع والشهود والمحاضر والقوانين والمساطر المعمول بها”.

وعبرت المكتبة الوطنية للمملكة المغربية عن “أسفها الشديد للخطاب الانفعالي المغلوط الذي أريد به تشويه صورة المؤسسة”، مثمنة بالمقابل “جهود أطرها ومستخدميها الفعالة والمسؤولة لتعزيز مكانة المؤسسة رغم الظروف الصعبة التي مرت منها بلدنا”، حسب توضيحها للجريدة.

وشددت على أنها “ستستمر، بإدارتها وأطرها وجل العاملين بها، في استكمال الاوراش المفتوحة منذ فترة الحجر الصحي، وتجديد بعضها ضمن رؤية ومنهجية واضحة، في سياق استراتيجية جديدة، تراعي تداعيات جائحة كوفيد 19، السلبية منها وإلايجابية، وأيضا الآفاق القريبة والبعيدة بكل متغيراتها”.

ولفتت إلى أنها ستظل كذلك “رهن إشارة كل المقاربات والاجتهادات والاقتراحات، مهما كانت طبيعتها ومصدرها، في إطار عمل يسوده الالتزام المهني والأخلاقي والاحترام المتبادل بين مختلف الهيئات والأفراد”، حسب قولها.

“إجراءات الجائحة”

إلى ذلك، قالت إدارة المؤسسة إنها “تمكنت في مرحلة أولى من حل جزء كبير من الملفات الإدارية والمالية العالقة التي خلفتها الإدارات السابقة، ثم في مرحلة ثانية تحسين خدمات المؤسسة عبر تنزيل خطط ومشاريع عملية وعقد ورشات تكوينية للرفع من كفاءات المستخدمين”.

وأوضحت أنها عملت على “حفظ حقوق المؤسسة برفع سقف المردودية والمتابعة النظامية لحضور وانصراف المستخدمين عبر جهاز البصمة، ومتابعة مدى التزامهم بساعات العمل القانونية بكل حياد وموضوعية واحتراما لقوانين الوظيفة العمومية والمساطر الادارية”.

وأشارت إلى أن المرحلة الثالثة تزامنت مع انتشار فيروس كورونا “وما ترتب عنه من أوضاع فرضت تغيير وتكييف المشاريع لتناسب مع الظرفية الاستثنائية، رغم ذلك لم تتراجع عن مخططاتها بل أخدت الوقت الكافي لمراجعتها وتحسينها”، على حد تعبيرها.

ولفتت إلى أنها “التزمت خلال مختلف مراحل الظروف الإستثنائية، بالتوجيهات والقرارات الحكومية الرامية إلى الحد من انتشار فيروس كورونا، واتخذت خطوات استباقية ونوعية فيما يخص ما قدمته، انطلاقا من تعليق برنامجها الثقافي وخدماتها الموجهة للعموم، مرورا بإحداث لجنة اليقظة، قصد تدبير مرحلة الحجر الصحي”.

وأفادت بأنها حرصت على “استمرارية المرفق العمومي بما يتماشى مع مختلف القرارات والتوجيهات الحكومية، محافظة على اتصالها مع مرتفقيها من طلبة وباحثين عبر إتاحة إمكانية استفادتهم من مختلف الخدمات المكتبية عن بعد”.

كما قامت المؤسسة، يضيف البلاغ التوضيحي ذاته، بـ”تشكيل لجنة السلامة الصحية للعمل على احترام الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية وتتبع تنفيذها؛ خاصة وأن المؤسسة أعادت فتح قاعة الباحثين خلال الفترة الممتدة بين 15 يوليوز و 15 غشت 2020″.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *