ملف

“مملكة التناقضات”: هل توجد حقا ثقافة في المغرب؟ (ح 69)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 69: هل توجد حقا ثقافة في المغرب؟

في العهد الجديد، روجت السلطات لشعار “مغرب الثقافات” بصفتها القوة الناعمة للمملكة، وبلاد الاستثناء الثقافي في العالم العربي، التي استمدت من الرصيد الثقافي الأفريقي والعربي والأوروبي، الذي أضيفت إليه الثقافة اليهودية.

المغرب، البلد المعزول جغرافياً الفقير من الموارد الطبيعية الكبيرة، والذي لا يملك القوة الاقتصادية التي يطمح إليها، يعتمد بشكل كبير على الثقافة، بالمعنى الأوسع للكلمة.

إن عطف الملك وتقديره للمثقفين والفنانين يستحق التنويه، وكذلك اعتنائه بالمهرجانات مثل: مهرجان الثقافات الثلاث في الأندلس، مهرجان الموسيقى الروحية في فاس، ومهرجات التصوف في بركان، والموسيقى الكلاسيكية أو موسيقى كناوة في الصويرة والمهرجان السينمائي الدولي في مراكش ومهرجان الموسيقى الشعبية في الدار البيضاء ومهرجان المنوعات في الرباط، إلخ وهو ما يجعل أفراد حاشيته وبعض الطامحين للمناصب والمغانم يتنافسون ليحظوا بإعجاب الملك ورعايته ليصبحوا من بين نجوم المملكة.

إنها قطيعة حقيقية مع فترة الحسن الثاني الذي عاش منعزلاً في قصوره، وكان من حين إلى آخر يشرف بحضوره سهرة فنية باستثناء الأنشطة المتعلقة بالتراث الثقافي المغربي العربي البربري العريق التي لا تحتاج لدعم من أحد.

يبقى أن نرى ما إذا كانت هناك حياة ثقافية مغربية خارج مبنى القصر الملكي؟ لا يشك أحد في وجود ثقافة مغربية غنية ومركبة تتكون من تراكمات واقتباسات ومساهمات متتالية وترسبات حضارية.

في القرن العشرين، حدثت حركة مزدوجة لتدويل هذه الثقافة (بعد هيمنة الاستعمار والتعريب) وتخليصها من الطابع البربري. وبهذا المعنى، هناك قواسم مشتركة مع الجزائر من حيث الثقافة الموسيقية.

لقد كان المغاربة معجبين بالسينما المصرية قبل أن يصبحوا من محبي الأفلام والمسلسلات الهندية والتركية والبرازيلية، مع إنتاج أعمال من السينما الوطنية غير المشهورة رغم جودتها العالية في كثير من الأحيان. ومن جهة أخرى، ظل المغرب منغلقا أمام بعض الممارسات الثقافية.

إن قطاع الكتاب، على سبيل المثال، ظاهرة ذات حجم ضئيل حيث لا توجد سوى خمسة عشر من المكتبات الحقيقية في البلاد بعد أن أفلحت ظاهرة النسخ في قتل السوق وأصبحت الكتب تباع على أرصفة المدن من طرف الباعة المتجولين، ومن بين دور السينما والمسارح، لم يبق سوى القليل مقارنةً مع سنوات الستينات، حيث ساعد صعود الإسلاميون في تهدئة حماس المتفرجين.

وفي حين أن الثقافة المغربية غنية ومتعددة، وغالباً ما تكون عابرة للأوطان، تتباين الممارسات الثقافية وتهيمن الفنون الشعبية على المشهد الثقافي، في حين أن دعم الملك وعطفه غالباً ما يحسمان الأمر في نجاح هذا الفنان أو ذاك.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *