ما وراء التنمر..

التنمر ظاهرة سوسيو-نفسية عريقة في التاريخ فهي تمارس من طرف الغني على الفقير، الجميل على القبيح، ممشوق القامة على غيره. وقد يكون العكس… تختلف الاسباب الا أن أنها تجسد ثقل اعتباطية الكلمات أحيانا، المشاكل النفسية أحيانا أخرى… لكنها تترك اثارا سوسيو-نفسية واقتصادية بليغة. قد ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي، التي حررت الكثير من الناس وساعدتهم على التعبير عن عمق جراح التنمر ودعوتهم الى عدم تقبله، و تشجيع الناس على تفادي الوقوع في خطأ الجاني رفعت الستار عنه.

فعن ماذا يكشف التنمر؟
في بعض الاحيان يكون التنمر وليد الصدفة. وفي هذه الحالة قد يكشف عن تهور ممارسيه وعيشهم لحظة تقدير ذاتي في حدود مرتفعة=تضخم الايغو مما يجعلهم يقفون عند نقط ضعف رفقاء دربهم في تلك الوضعية النفسية.

أما اذا كان مقصودا ويمارسه الفرد كعادة اجتماعية، فإنه يدل على اعتبار التنمر وسيلة لابراز تفوقه الاجتماعي ومحاولة ابراز قوته ومكانته الاجتماعية. وعليه يصير التنمر نتاج يحترم سلم تراتبية اجتماعية بفضل أحد مكونات الثقافة( النسب، العرق، الدين، الجنس، الاقتصاد، اللون، الانتماء اللغوي، القبيلة، والوضع الاجتماعي بكل جوانبه…)

كما أنه يمكن للشخص أن يمارس التنمر لاعادة انتاج ما مرس عليه في طفولته أو في احد التجارب التي مر بها. هنا يكون دليل على مشكل نفسي مرتبط أساسا بصعوبة تجاوز مخلفات الممارس عليه. تجدر الاشارة الى أنه يصعب الوعي و تجاوز مخلفاته كما أكد ذلك من عرض تجربته معه.

وفي الاخير يكشف التنمر عن وضعية اختلال العلاقة بين شخصين، يقبل أحدهما أن يتنمر على الاخر، في حين يعزز الثاني ممارسته عليه. وغالبا تكشف العلاقات الزوجية، الاخوية، الاقران ذلك…

رغم ما يكشف عنه التنمر الا أنه يعتبر من الظواهر التي تمس بجوهر خيرية الانسان، و تؤثر سلبا على انتاجية و مردودية الممارس عليهم اذا صادف نفسية هشة ووسط اجتماعي يعزز ذلك الاثر ويغذيه.