ملف

“مملكة التناقضات”: ما هي علاقة المغاربة بكرة القدم؟ (ح 82)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 82: ما هي علاقة المغاربة بكرة القدم؟

المغرب بلد يحب كرة القدم وبطريقة عاطفية وحماسته للكرة تكاد تقترب من حماسة إسبانيا والجزائر، البلدان الجاران. لقد أصيب المغاربة بفيروس كرة القدم خلال فترة الحماية الفرنسية وخاصة في فترة ما بين الحربين العالميتين، داخل الجيش، وفي مدينة الدار البيضاء ذات الطبقة العاملة، بفضل الاتصال مع الأوروبيين.

تم افتتاح ملعب مارسيل – سيردان الكبير، بمقاعده البالغ عددها 30,000 مقعد، في عام 1955، قبل أشهر فقط من الاستقلال؛ وأصبح في وقت لاحق يسمى ملعب محمد الخامس، وهو الأكبر في البلاد مع سعة تبلغ 80،000 مقعد.

لقد ساهم نجم الأربعينات والخمسينات في الترويج لهذه الرياضة في المغرب وهو اللاعب من أصل سنغالي العربي بن مبارك الملقب الجوهرة السوداء الذي لعب ضمن الفريق الفرنسي في الفترة 1938-1954، وقد اعترف البطل العامي البرازيلي بيليه بإعجابه بهذا البطل. في عام 1957، تم تأسيس الفريق الوطني للمملكة، الملقب بـ “أسود الأطلس”.

وقد عهدت رئاسة الاتحاد الملكي لكرة القدم، التي كانت مهمة للغاية، إلى كبار السياسيين، من عام 1978 إلى عام 2009 إلى كبار الضباط، ومن 1995 إلى 2009، أصبحت من مسؤولية قائد الدرك الملكي الجنرال حسني بن سليمان، المقرب من الملك. في المغرب، كرة القدم هي قضية دولة.

فمن ناحية لأن معنويات الأمة تسير بالموازاة مع نتائج المنتخب الوطني في المسابقات الدولية، ومع إنجازات الأندية الكبرى في البلاد، مثل الوداد البيضاوي والرجاء البيضاوي، والجيش الملكي في الرباط، والمغرب الفاسي والكوكب المراكشي… إلخ.

لكن المغاربة هم أيضاً من مشجعي الدوري الإسباني (يتوقف البلد خلال مباريات ريال مدريد أو برشلونة)، والمغاربة يهتمون أيضا بجميع الأندية الأوروبية الكبرى، خاصة أن عدة لاعبين مغاربة يلعبون في أندية إسبانية (يوسف النصيري وأشرف حكيم في ريال مدريد) أو بلجيكية أو فرنسية أو إنجليزية (رومان السايس) أو هولندية (حكيم زياش في أياكس أمستردام) أو إيطالية (مهدي بنعطية في يوفنتوس).

في كل مكان، يلعب اللاعبون المغاربة على أعلى مستوى، وهؤلاء اللاعبون الأوروبيون هم الآن العمود الفقري للمنتخب الوطني المغربي.

إن سجل المنتخب الوطني ليس باهرا جدا – ثمن نهائيات كأس العالم وفوز واحد في بطولة إفريقيا للأمم-لكنها دائماً نفس الآمال ونفس الفرحة ونفس الانتظارات، وغالباً ما تكون خيبة الأمل الأخيرة قاسية جدا. ثم إن المغاربة المؤيدين المُحفزين، ينقلون مشاعرهم إلى الآخرين، بحسب التشكيلات، فهناك المنافسون الدائمون مثل فريق الجزائر وفريق مصر والفرنسيين والإسبان.

ثم إن المدن الكبرى في المغرب تتحول خلال المباريات الهامة إلى فوضى عارمة كما كان الحال مع فوز فرنسا بكأس العالم في عام 1998، عندما أصبح زين الدين زيدان، الفرنسي الجزائري، بطلاً قومياً تقريباً.

في ليالي المباريات، تتحول الملاعب المغربية إلى ساحات ساخنة وسياسية، تجد السلطات صعوبة متزايدة في السيطرة عليها. ويعبر المؤيدون، وهم من الذكور حصراً، عن غضبهم وآرائهم السياسية، دون محرمات أو ضبط النفس، لدرجة أن الشرطة لا تحاول التدخل.

وهذا الحال بعيد عن آلاف الملاعب المرتجلة الصغيرة التي يرسمها الأطفال على الطرق أو الشواطئ أو قرب المروج أو مواقف السيارات، حيث يلعبون بحماس بالغ لساعات طويلة بأدنى جسم كروي يجدونه بما في ذلك الكرات المتهالكة أو المثقوبة.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *