مجتمع

غضب واستياء بوزان بعد “فاجعة” غرق تلميذة.. المحرشي يزور المنطقة ومطالب بإصلاح قنطرة

غرق تلميذة في وادي الدردار بجماعة المجاعرة

تتواصل تداعيات حادثة وفاة تلميذة غرقًا في وادي الدردار بجماعة المجاعرة بإقليم وزان، أثناء محاولتها عبور قنطرة غمرتها مياه الوادي بفعل التساقطات المطرية، الأسبوع المنصرم، إذ عبرت ساكنة المنطقة عن غضبها واستيائها العارمين مما اعتبرته “تهميش المنطقة وتجاهل نداءات آباء التلاميذ بضرورة إصلاح القنطرة ومرافق محلية أخرى”.

وعرفت القنطرة التي فارقت فيها التلميذة يسرى بنشيخ الحياة غرقًا، تجمع عدد من سكان دوار الهواوس، رافعين شعارات غاضبة تحمل الجماعة والمجلس الإقليمي والسلطات المحلية مسؤولية وفاتها، مرددين هتافات من قبيل: “يسرى الضحية.. وحنا البقية”، “حقوقي حقوقي دم في عروقي.. ولن أنسها ولو أعدموني”.

واعتبر مواطنون أنهم سئموا من الصراخ والشكايات حول المشاكل التي يعيشونها بمنطقتهم، واصفين هذه القنطرة التي تفتقر لمعايير السلامة بأنها “من كوارث سنة 2021″، محملين المسؤولية لجماعة المجاعرة والمجلس الإقليمي بسبب عدم برمجة ميزانية لإصلاحها، إلى جانب بركة مائية كبيرة ملاصقة لمدرسة دوار الهواوس.

وهدد المحتجون بمنع أبنائهم من الذهاب إلى المدرسة في حالة الاستمرار في “تجاهل” مطالبهم بإصلاح القنطرة والبركة المائية المذكورة، مشيرين إلى أن “قنطرة الموت” تشكل “فخا للتلاميذ والمواطنين بالمنطقة”، باعتبارها قابلة للغمر في أي لحظة أثناء تهاطل الأمطار، ما يجعلها مصدر تهديد للمواطنين.

ويوم الجمعة المنصرم، لقيت التلميذة يسرى ينشيخ (15 سنة)، والتي تدرس بالمستوى الثاني إعدادي، مصرعها غرقا أثناء عودتها إلى منزل أسرتها على متن حافلة للنقل المدرسي، بعدما أنهت حصتها الدراسية الصباحية بالثانوية الإعدادية أبي بكر الرازي بمركز عين دريج.

ووجدت التلميذة نفسها مضطرة إلى عبور قنطرة الوادي التي غمرتها المياه بعد أن وضعتها الحافلة على بعد حوالي 700 متر من محل سكنها، غير أن مياه السيل جرفتها بقوة وأغرقتها في عمق الوادي.

المحرشي يعد بإيجاد حلول

العربي المحرشي، رئيس المجلس الإقليمي لوزان، والذي حل بعين المكان لتقديم التعازي لأسرة الضحية، قام بالتحاور مع السكان الغاضبين قرب موقع حادثة الغرق، واعدًا السكان بالعمل على إيجاد حلول للمشاكل التي يعانون منها، خاصة القنطرة والبركة المائية الملاصقة لمدرسة دوار الهواوس.

واعتبر المحرشي، وهو مستشار برلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة، أن وفاة الطفلة يسرى يدخل ضمن الأقدار الإلاهية، مشيرا إلى أنها نزلت لوحدها من حافلة النقل المدرسي وحاولت عبور القنطرة رغم أنها كانت مغمورة بمياه الوادي.

وأضاف المتحدث في حديثه مع بعض الساكنة، أن المجلس الإقليمي لوزان لم يبرمج أي مشروع لإصلاح القنطرة المذكورة، نظرا لكون كل الدواوير تحتاج إلى قناطر، لافتا إلى أن مجلسه يعمل حاليا على مشاريع لإنشاء وإصلاح 25 قنطرة أخرى.

وبخصوص البركة المائية الملاصقة للمدرسة، كشف المحرشي أن المقاول المكلف كان قد شرع في إنشاء قاعة دراسية، لكنه توقف بسبب تعرضه للإفلاس، تاركا وراءه تلك الحفرة الكبيرة التي امتلأت بالمياه بعد تهاطل الأمطار، مشيرا إلى أنه سيعمل على إغلاقها وتحويلها إلى فضاء لفسحة التلاميذ.

بالمقابل، عبر أحد المواطنين في حديثه إلى المحرشي، عن غضبه واستيائه العارم من تهميش المنطقة، مشيرا إلى أنه سيرحل إلى مكان آخر إن توفرت له الظروف لذلك، قائلا: “هل هذه قنطرة؟ أنتم مسؤولون ولن نسمح لكم عن حقوقنا أمام الله”.

وتابع المتحدث قوله: “عشنا كثيرا في الحكرة، لو كانت عندي إمكانية لما بقيت هنا.. تعبنا من الشكاوى”، فيما خاطب آخر المحرشي بالقول: “نوجه رسائل من خلالكم بأن تجدوا حلا لهذه المشاكل التي تعاني منها الساكنة المحلية، القنطرة والمدرسة والنقل المدرسي وغيرها”.

مسؤولية مشتركة

من جانبه، اعتبر الفاعل الحقوقي المحلي عبد السلام علالي، أن مسؤولية وفاة التلميذة يسرى تتحملها العديد من الأطراف، على رأسها مديرية التعليم التي لم تعلق الدراسة رغم وجود نشرة جوية إنذارية من اللون البرتقالي، إلى جانب السلطات المحلية والإقليمية والجهوية المنتخبة المسؤولة عن هشاشة المسالك القروية.

كما حمل علالي، في تصريح لجريدة “العمق”، المسؤولية إلى وزارة التجهيز باعتبارها المسؤولة عن القناطر وإنجازها بمعايير تحترم سلامة المواطن، سواء في الأوقات العادية أو خلال فترة الظروف المناخية المضطربة.

وتشمل المسؤولية أيضا، وفق المتحدث، السلطات الأمنية الإقليمية والمحلية المسؤولة عن أمن المواطن خلال هذه الفترات المضطربة، بالإضافة إلى غياب مركز للوقاية المدنية بمركز عين دريج، إذ يوجد مركز واحد بالإقليم بمدينة وزان، وهذا ما زاد من صعوبة إنقاذ التلميذة من الغرق.

رئيس الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، طالب في تصريحه بالإسراع في إصلاح القنطرة المعنية، مع احترام معايير السلامة، لافتا إلى أن هناك العديد من القناطر التي لها نفس المواصفات ومنها من يوجد على طرق إقليمية وتسببت في حوادث سير، كقنطرة واد الكبير بدوار تكسارت بجماعة سيدي رضوان.

ودعا علالي إلى إعطاء الأولوية للمسالك الطرقية بالعالم القروي التي أبانت التساقطات عن هشاشتها في جل الجماعات القروية بالإقليم، مشددا على أولوية إفراغ البركة المائية المتواجدة بقرب مدرسة دوار الهواوس بجماعة المجاعرة، لأنها تشكل خطرا كبيرا على حياة الأطفال، وكانت موضوع احتجاج لساكنة الدوار أكثر من مرة.

كما طالب بالنهوض بأوضاع التعليم بالإقليم وبالعالم القروي خاصة، حيث يعرف هشاشة كبيرة سواء على مستوى التجهيزات أو قلة الموارد البشرية، والقطع مع تكليفات أساتذة الابتدائي بالإعدادي والتأهيلي التي تتسبب في ضم الأقسام والأقسام المشتركة، وتوفير موارد بشرية كافية في جميع الأسلاك.

وفي نفس السياق، دعا علالي إلى إيجاد حل لمشكل إغلاق الداخليات ودور الطلبة والطالبات الذي فرضته الوضعية الوبائية، قائلا: “لا يعقل إغلاقها بدون توفير حل بديل لدعم الأسر خاصة التي توجد في وضعية هشة”.

وفيما يخص النقل المدرسي، قال الحقوقي إنه رغم أهميته في التقليص من نسبة الهدر المدرسي وتشجيع الفتيات على التمدرس، إلا أنه يواجه العديد من المشاكل سواء على مستوى التسيير والتدبير والوفرة، كما ازداد الضغط عليه بعد إغلاق أقسام الداخلي.

وتابع: “هناك مشكل آخر يحد من فعالية خدمة النقل المدرسي، وهو غياب المرافق بالمؤسسات التعليمية لاستقبال التلاميذ أثناء وقت الفراغ بين الفترة الصباحية والمسائية، من مطاعم و مكتبات وفضاءات للترفيه، الشيء الذي يبقى التلاميذ والتلميذات خارج أسوار المؤسسات التعليمية، ونعرف خطورة محيط المؤسسات”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *