ملف

“مملكة التناقضات”: هل المغرب حقا بطل في مجال محاربة الإرهاب؟ (ح 93)

تنشر جريدة “العمق”، على حلقات، ترجمة حصرية لكتاب “مملكة التناقضات .. المغرب في مئة سؤال”* الذي قام بتأليفه المؤرخ الفرنسي الشهير بيير فيرمورين.

ويتكون الكتاب من مقدمة، بالإضافة إلى ثمانية أقسام؛ الأول تحت عنوان: “التاريخ .. مملكة ذات شرعية” ويشمل 14 فصلا، والثاني تحت عنوان: “الجغرافيا .. صلة الوصل بين فضائين كبيرين” ويشمل 8 فصول.

أما القسم الثالث فهو تحت عنوان: “المجتمع .. رصيد من التراكمات”، ويشمل 15 فصلا، في حين تمت عنونة القسم الرابع بـ “الديانة .. قوة إسلامية واعية بدورها”، ويشمل 10 فصول، أما القسم الخامس فقد جاء تحت عنوان: “السياسة .. تحت قيادة أمير المؤمنين”، ويشمل 15 فصلا.

القسم السادس، والمكون من 12 فصلا فقد جاء تحت عنوان: “الاقتصاد .. من الحمار إلى القطار فائق السرعة”، في حين اهتم القسم السابع المكون من 12 فصلا أيضا بالثقافة، بينما تم تخصيص القسم الثامن والأخير لمسألة العلاقة الدولية للمغرب، حيث “كل شيء من أجل الصحراء”.

وتكمن أهمية الكتابة في أنه يقدم نظرة حول المغرب بعيون مؤرخ فرنسي، حاول قدر الإمكان، أن يكون محايدا في قراءته لتاريخ المغرب، كما أن الكتاب سيكون وثيقة مهمة للباحثين المغاربة وغيرهم من أجل معرفة الشيء الكثير عن المغرب، الذي قال المؤلف إنه “مملكة التناقضات”.

الحلقة 93: هل المغرب حقا بطل في مجال محاربة الإرهاب؟

خلال أربعين عاماً (1979-2019)، أفادت التقارير أن المغرب شهد 14 هجوماً إسلامياً أسفر عن مقتل 71 ضحيةً. وبالمقارنة مع دول أوروبا الغربية ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فتعرضه للإرهاب الإسلامي الدولي ليس قويا جد.

أما الهجمات الإرهابية التي حدثت في 16 مايو 2003 (41 قتيلا) فهي نتيجة عمل إرهابي غير مسبوق ومنسّق ضرب الدار البيضاء، وكان الهجوم الكبير الآخر هو الذي ضرب فندق أرغانا في 28 أبريل 2011 في مراكش وأسفر عن 17 قتيلا.

وعلى سبيل المقارنة، شهدت فرنسا وتونس 71 و67 هجوماً إرهابيا على التوالي خلال هذه الفترة، مما أسفر عن مقتل 317 و264 شخصاً. والأرقام أعلى بكثير في الجزائر أو في دول الشرق الأوسط -3000 ضحية في مصر وحدها-.

وهذا ما يفسر الفوضى والذهول الذي أصاب السلطات في عام 2003، حيث كانت تعتقد أنها في مأمن من موجة الجهاديين العالمية بفضل التعاون الدولي في مجال الاستخبارات وحضور أجهزة الشرطة وفعاليتها، ودور إمارة المؤمنين في مقاومة الفكر الأصولي، شعرت السلطات أن الخطر لا يمكن أن يأتي إلا من الخارج.

ومع ذلك، فإن البحث الميداني الذي أجري في عام 2003 يثبت أن إرهابيي الدار البيضاء هم من سكان المدينة. ثم قامت الدولة بتجديد أساليب الشرطة ثم بدأت في “إعادة تأهيل الحقل الديني”. خاصة وأن الهجمات المميتة في مدريد – أتوشا، التي أودت بحياة 191 شخصا في 11 مارس 2004، تدل على قدرة الشبكات الإرهابية المغربية على اختراق الحدود والشبكات، باستخدام الملاجئ وأمكنة الاختفاء التي توفرها الجالية وشبكات الاتجار بالمخدرات وعولمة الإسلام.

منذ عام 2001 وحتى الآن، ما فتئت السلطات المغربية تحارب باستمرار وبلا هوادة تكوين الشبكات الإرهابية والجهادية والذي يشرف على هذا الصراع هم رؤساء الأمن الداخلي والأمن الخارجي وهم من المقربين من الملك وقد أصبحوا من أكثر الرجال نفوذا في البلاد.

وقد عزز المغرب ترسانته في مكافحة الإرهاب من خلال إصدار قانون خاص في عام 2003، ثم أضاف تشريعا آخر في عام 2015، في أعقاب هجوم شارلي إبدو في باريس مما أدى إلى تأسيس المكتب المركزي للأبحاث القضائية (BCIJ)، الذي وصف بكونه يشبه مكتب التحقيقات الفدرالي الأمريكي FBI بصيغة مغربية، ومقره في سلا، قرب الرباط.

ومنذ عام 2001، تم تفكيك واعتقال المئات من الجماعات والخلايا والشبكات الإرهابية أو الجهادية في المغرب، وتقوم سلطات الشرطة في المملكة بالتواصل بانتظام حول هذا الأمر، دون أن يكون من الممكن تقدير مدى صحة ما تنشره من معلومات.

حيث لا يمكن فصل التواصل السياسي عن هذه الحرب السرية. ولكن في عام 2010، تفاقمت الحالة بسبب ظاهرة مزدوجة. وشرع المئات من المتدربين الإرهابيين المغاربة، ومعظمهم من شمال البلاد (الريف والأطلس المتوسط والشرق)، في التوجه للجهاد في سوريا، ويعتقد أن نحو 1500 منهم وصلوا إلى هناك، قبل أن تضع السلطات حداً لهذا النزيف.

والذي حصل هو أن عددا كبيرا من المغاربة الأوروبيين، من إسبانيا أو بلجيكا أو فرنسا أو إسبانيا أو إيطاليا، يتوجهون نحو نفس الجهاد في بلاد الشام.

إن الهجمات التي ضربت أوروبا بعنف في عام 2015، وفرنسا على وجه الخصوص، تثبت للدول التي ينطلق منها الجهاديون الإرهابيون خطر هذا الجهاد القاتل. ومع ذلك، ووفقا للمراقبين، فإن 70% من الهجمات التي وقعت في أوروبا الغربية في بداية القرن الحادي والعشرين نفذها مغاربة أو ذوو أصل مغربي.

ولذلك فإن المغرب بلد يخضع لسيطرة شديدة ولا يتأثر كثيرا بالإرهاب. ولكن الراديكالية الإرهابية -التي تنشأ في غفلة من السلطة وكذلك عملاء تجنيد الجهاديين من الشرق الأوسط يعملون بحرية كاملة في أوروبا – قد انتقلت إلى الخارج، مما رفع من الحاجة إلى التعاون الأمني الدولي أكثر من أي وقت مضى.

ويتعاون المغرب مع هولندا في رئاسة “المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب” الذي تأسس في عام 2011.

ترجمة: العمق المغربي

يتبع …

تنويه: ما يرد في هذه السلسلة هو وجهة نظر الكاتب وليس تعبيرا عن رأي جريدة “العمق المغربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *