منتدى العمق

نعالج أم نؤزم؟!

إن الجمعيات في آخر المطاف ليست هي المسؤولة عن الوضعية المأساوية التي يعيشها سكان الهناك، سكان الآعالي و الهوامش، لكن في ذات السياق لا يجب أن ننكر أن العمل الجمعوي قد إختلط فيه الحابل بالنابل، فلم يعد في كثير من مظاهره خال من المصلحة الشخصية كانت أو المؤسساتية(الحزبية). التي تتاجر بمعاناة هؤلاء إما لكسب الجمهور في زمن الطوندوس و عائدات البوز أو لكسب الأصوات في زمن غياب البرامج لأصحاب الخطابات المناسباتية.

لكن المتتبع الحقيقي لا يجب أن يغفل بوعي أو بدون وعي ما قدمته و تقدمه المؤسسات الجمعوية في سبيل ترقيع و النهوض بأوضاع هؤلاء على الأقل في حدود المتاح، تعبيرا عن روح المبادرة و نكران الذات و لا تستكين للخمول و بعيدا عن البكائية و استحظارا للضمير الانساني المشترك، وتحاول من جهتها إشعال شمعة التنمية قدر الامكان.

فإني كمتتبع أخشى ما أخشاه أن تكون هذه الصورة سدا أمام المبدارات الانسانية الحقيقية التي تؤمن بحق بمبادئ و روح العمل الجمعوي.

و إني كمتتبع أيضا فإني أدعو كل هذه الهيئات إلي التقيد و الإلمام بمبادئ و أخلاقيات العمل الجمعوي و الانساني، فإنه أي العمل الجمعوي خاصة و الانساني عامة ليس مجالا عشوائيا و إنما هو عمل مقنن تضبطه ضوابط و مبادئ آسماها الحفاظ على كرامة المستهدفين من خلال الحفاظ على خصوصيات الافراد و الجماعات و السرية و عدم التشهير بهم دون إذن منهم. كما أنه يمنع منعا باتاً نشر صور الاطفال و هم يتلقون هذه المساعدات، إذ أن نشر صور الاطفال يفرغ هذا العمل من معانيه الحقيقية و تنال من سمعة العمل الجمعوي الحقيقية،كما قد تكون له تبعات خطيرة.

و إنني في معرض حديثي هذا، أدعو الدولة بمؤسساتها الحكومية الرسمية أن تتخلى عن سياستها المتجاوزة هاته،فهؤلاء و غيرهم كثير لم يعد يرضون بالمبادارات التطوعية التي تحيل على الطابع الاحساني، و إنما يتطلعون إلى تفعيل و بصورة مستعجلة لا تقبل التأجيل مبدأ الحق في التنمية الحقيقية بمختلف أبعادها السوسيواقصادية و السياسية و الثقافية. و لا يجب أن تكون خطاباتها و برامجها مناسباتية تفرضها الازمات و الكوارث التي تحدث في أوقات معينة من السنة. و إنما الاستناد إلى دراسات علمية حقيقية تشخص و تعد و تنجز و تضبط و تقيم و تصلح الأعطاب. أنذاك نحفظ الكرامة و نعيد الاعتراف و نطفئ الاحقاد و نمنع الاحتقان و نسلم من مآلات الأوضاع الحالية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *