وجهة نظر

قطاع الشباب والرياضة وشبح الانتحار بشفشاون، أي علاقة؟

كاتب رأي

يقع إقليم شفشاون في الشمال الغربي لسلسلة جبال الريف، يضم الإقليم جماعات غالبيتها قروية ضمن جهة طنجة ـ تطوان ـ الحسيمة، حيث يتكون من جماعة حضرية واحدة، و 27 جماعة قروية. ويبلغ تعداد ساكنة شفشاون 456.701 نسمة، وفق الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2014.

كما تصل نسبة الأمية الى 40.2% حسب نتائج إحصاء 2014 لدى الشريحة المتراوحة أعمارها أكتر من 10 سنوات. تقدر نسبة الذكور ب 26.4 % ونسبة الاناث ب 55%.

إن ما يشد انتباه المهتم بقضايا المجتمع بعد استقراره في إقليم شفشاون خلال مدة قصيرة؛ ظاهرة الانتحار بشكل مهول. فلا يمضي شهر إلا ويُسمع عن حالة أو حالات انتحار بأحد دواوير أو قرى منطقة.

فحسب وسائل إعلام مغربية، عدد المنتحرين بالإقليم يصل إلى أزيد من 20 حالة انتحار في السنة. حيث تم تسجيل خلال سنة 2018 فقط 40 حالة انتحار. أما سنة 2019 فقد سجل 30 حالة. دون احتساب محاولات الانتحار الفاشلة أو التي تم إنقاذ من قاموا بها.

ويرجع دوافع الاقبال على الانتحار حسب الساكنة؛ إما لفشل خِطبة أو مرض نفسي أو مشكل عائلي ..، بمعنى نتحدث هنا عن افتقار المقبل على الإنتحار، بشكل واضح، على ثقافة منيعة ومساهمة في كبح الإقبال على “جريمة” الانتحار.

وتختلف طرق الانتحار بعد التقصي؛ إلى من يختار شنق نفسه بواسطة حبل ملفوف بعمود وآخر عبر تناول مبيد للفئران .. . علما كذلك أن الانتحار يقدم عليه الطفل والشاب والعجوز والمتزوج(ة) ومن له أبناء .. .

أكد طبيبب، بمصلحة الأمراض العقلية والنفسية بشفشاون، أن 90 في المائة من الحالات التي هزت الإقليم تنحدر من المجال القروي، وهو ما يعكس حجم الصعوبات التي يعرفها العالم القروي خصوصا في مجال الاجتماعي والنفسي والثقافي. كما أن المجال العمري للأشخاص المنتحرين بشفشاون يترواح ما بين 14 سنة و85 سنة رجالا ونساء.

الملاحظ، أن إقليم شفشاون يتوفر على عدد لايُستهان به من مرافق عمومية ثقافية اجتماعية رياضية تابعة لقطاع الشباب والرياضة.

حيث نجد دور الشباب وملاعب القرب، نوادي نسوية وقاعات رياضية.. من الأهداف المرسومة لها التكوين في مجالات متنوعة، بحيث توفر للساكنة (طفولة، شباب، نساء، رجال) خدمات من شأنها المساهمة في تحسين تحصيلهم المعرفي والثقافي. وتمكينهم من فرص العيش والتأقلم داخل المجموعة بالإضافة إلى الانفتاح على الآخر وتعلم قيم التسامح والتعاون والإخاء.. .

إن مرافق قطاع الشباب والرياضة تعد بمثابة مدرسة للتفاعل الاجتماعي والتعود على تحمل المسؤولية.

إن ملء الفراغ للتعلم وممارسة الرياضة بانتظام ببرنامج مسطر من طرف إدارة المرفق العام الذي يسيره موظف تابع لقطاع الشباب والرياضة ومساعدين له، سيساهم لامحالة بشكل كبير في خفض محاولات الانتحار.

فحسب دراسة أمريكية حديثة، أكدت أن الرياضة تساهم في خفض محاولات الانتحار بين الأشخاص بنسبة 23 في المائة. وأكد باحثون أن القيام بممارسة الرياضة، يقلل من تفكير في الانتحار بشكل كبير، وأن أولئك الذين مارسوا الرياضة لمدة أربعة أيام أو أكثر في الأسبوع، لايكونون عرضة للشعور أو التفكير في الانتحار.

إلا أن واقع الحال يؤكد، وللأسف الشديد، أن قطاع الشباب والرياضة بإقليم شفشاون لايتوفر على موظفين متخصصين في المجال الرياضي لتسيير منشآت رياضية أو لتتبع تسييرها من طرف من أوكلت لهم مهام “التسيير” مما يشكل حجرة عثرة في المهام الحقيقية التي أنشئ لأجلها المرفق العام الرياضي الثقافي.

بالإضافة للنقص الحاد الذي يشهده في عدد الأطر الإدارية داخل المديرية نفسها، الشيء الذي يفرض “تكليف” موظف واحد مسؤولية مزدوجة مما قد يسبب ارتباكا في التسيير أو اللامبلاة في مسؤولية ما مما يفقد للإدارة هيبتها ومهامها التي أنشئت لأجلها.

ناهيك عن افتقار مناطق بالإقليم لأطر إدارية متخصصة الشيء الذي ينتج عنه إما إغلاق المرفق أو استغلاله من طرف جهة أخرى!!

إن ظاهرة الإنتحار التي يمر بها إقليم شفشاون تستدعي وبشكل مستعجل إرسال عدد مهم من موظفين متخصصين، خريجي المعهد الملكي لتكوين أطر الشباب والرياضة، في المجال الرياضي والثقافي لإعادة الاعتبار للمرافق الرياضية والمنشآت الشبابية والنوادي النسوية وروض للأطفال في الإقليم ولتمكين الساكنة بمعرفة حقوقها وواجباتها اتجاه الأسرة والمجتمع ككل.

الملاحظ، أن خلال سنة 2020 تم ارسال 12 موظفا جديدا لإقليم الحسيمة في حين إقليم شفشاون حظي فقط بموظفَيْن اثنين بالرغم من الخصاص المهول الذي يشهده القطاع من الموظفين.

سيبقى شبح الانتحار في الإقليم يحصد مزيدا من الأرواح المغربية، مادام هناك استخفاف أو لامبالاة بأهمية أطر رياضية ثقافية متخصصة دورها المساهمة في الحد من الظاهرة ببرامج رياضية ثقافية وتربوية.

* لقمان النجاري، مدير دار الشباب بإقليم شفشاون.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *