مجتمع

بن عيسى: الفنيدق لم تستفد من الميناء المتوسطي ويمكن للمدينة أن تتحول لمنطقة جذب اقتصادي (فيديو)

رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان

أوضح محمد بن عيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، أن مدينة الفنيدق لم تستفد من ميناء طنجة المتوسط رغم أن رقم معاملاته ضخم، مشيرا إلى أن تأثير الميناء في محيطه على المستوى التنموي كان شبه منعدم، ولم تنعكس إيجابياته على المنطقة رغم أنه أقيم على ترابها.

واعتبر بن عيسى في حوار مع جريدة “العمق”، أن إغلاق معبر باب سبتة وإيقاف التهريب المعيشي بدون توفير بدائل حقيقية في المنطقة، خلف أزمة اقتصادية كان لها انعكاسات على المستوى الاجتماعي لآلاف الأسر، كما أن جائحة كورونا عمقت الأزمة أكثر.

ومن تمظهرات الأزمة، حسب بن عيسى، توقف عدة أنشطة مرتبطة بالمعبر، وإغلاق مجموعة من المحلات التجارية، وارتفاع نسبة الهجرة الداخلية ونحو الخارج، إلى جانب ارتفاع نسب الطلاق والتفكك الأسري، لافتا إلى أن مواطني الفنيدق يعتقدون أن الدولة لم تهتم بهم بعد إغلاق المعبر.

وأشار الحقوقي إلى أن قرار إيقاف التهريب المعيشي بمعبر “الذل”، كان جريئا، خاصة بعد ارتفاع وفيات المعبر إلى 16 امرأة، غير أن هذا الإغلاق لم يوازيه إيجاد بدائل للدفع بعجلة الاقتصاد المحلي، خاصة وأن المنطقة تتوفر على موارد بشرية مؤهلات طبيعية وسياحية وتاريخية غنية.

ويرى المتحدث أن السلطات المركزية والمحلية والمنتخبون، لا يعملون على استثمار هذه المؤهلات لتكون بدائل تنموية حقيقية تضمن كرامة الساكنة، مشيرا إلى أن مرصد الشمال لحقوق الإنسان قام بالعديد من الفعاليات من بينها زيارات ميدانية لمعبر سبتة وندوات ونداءات تطالب بإيجاد بدائل اقتصادية.

وسجل الحقوقي ارتفاع محاولات الهجرة غير النظامية بالمدينة منذ إغلاق المعبر، منهم 6 أشخاص لقوا مصرعهم غرقا، معتبرا أن “المسؤولين وضعوا أياديهم في آذانهم إلى أن خرجت الاحتجاجات التي كانت متوقعة، وهي احتجاجات تعاملت معها السلطات في البداية بخشونة ظنا منها أنها ردة فعل وستنقضي”.

وتابع قوله: “السلطات حاولت بعد ذلك تدارك الأمر من خلال مؤشرين، الأول عدم التدخل في المظاهرات الثانية، والثاني عبر الإفراج عن معتقلي الاحتجاجات رغم أننا كنا ننتظر البراءة، لكن نعتبر ذلك مؤشرا إيجابيا، في انتظار حلول عملية تكون مؤشرا لتأسيس الثقة بين المواطن البسيط والدولة”.

وعن جدور هذا الوضع الاقتصادي والاجتماعي، يقول بن عيسى، إنه يعود لعوامل تاريخية مرتبطة بتهميش الشمال في عهد الملك الراحل الحسن الثاني، قبل أن يتدارك الأمر الملك محمد السادس بعد وصوله للحكم، من خلال توفير بنيات وتجهيزات وإعطاء المنطقة أولوية كبرى في البرامج التنموية.

وأردف بالقول: “لكن للأسف النخب المحلية هي المسؤولة عن هذا التدبير، لا يهمهم سوى الجري وراء المناصب ومراكمة الثروات، كما أن الأمر مرتبط أيضا ببنية سوسيو اقتصادية نجرها منذ سنوات، متعلقة بتجارة المخدرات وتبييض الأموال والتهريب وغيرها”.

وشدد المتحدث على ضرورة الانتقال من هذه الفترة السوداوية للمنطقة إلى مرحلة جديدة يتم فيها توفير فرص الشغل وتنزيل تنمية حقيقية، داعيا السلطات المركزية إلى التدخل لمصاحبة هذا التحول الذي ستعرفه المنطقة.

وفي هذا الصدد، يرى بن عيسى أن الفنيدق يمكن أن تلعب دورين أساسيين، الأول يتجلى في منطقة جذب استثمارات داخل المغرب، ثم ثانيا تزويد مدينة سبتة المحتلة بمورادها، عكس المراحل السابقة، وهذا يتطلب إرادة سياسية وإعادة الثقة التي فُقدت، وفق تعبيره.

ويقترح بن عيسى في هذا الإطار كحلول آنية، تشغيل مجموعة من الشباب في ميناء طنجة المتوسط وبعض المصانع، وتشغيل نساء التهريب المعيشي في بعض المهن الخفيفة التي تلائم مستواهن التعليمي وبنيتهن الجسدية، ضمن مقاولات تُخلق لهذا الغرض.

وختم قوله: “نريد حلولا استعجالية مؤقتة تخفف من التوتر في المنطقة، في انتظار المشاريع الكبرى مثل منطقة الأنشطة الاقتصادية، وأن تستفيد الفنيدق من التخفيض الضريبي الذي سيعيد لها زخمها الاقتصادي، كما استفادت منه مدينة طنجة”.

يُشار إلى أن مدينة الفنيدق شهدت احتجاجات حاشدة، خلال أيام الجمعة الماضية، نظمها سكان المدينة بشكل عفوي، غالبيتهم من النساء والشباب، للمطالبة بإنقاذ المدينة من أزمتها الاقتصادية وتوفير فرص شغل لأبناء المنطقة.

وشهدت الجمعة الأولى من الاحتجاجات (5 فبراير) تدخلا أمنيا، حيث أعلنت عمالة المضيق-الفنيدق عن إصابة 16 شخصا خلال المظاهرات، من بينهم 6 أمنيين، فيما تم اعتقال 4 محتجين، قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد إدانتهم من طرف المحكمة الابتدائية بتطوان بستة أشهر موقوفة التنفيذ.

الاحتجاجات التي تشهدها المدينة دفعت السلطات المحلية والجهوية، إلى عقد سلسلة من الاجتماعات قادها  والي جهة طنجة تطوان الحسيمة، محمد امهيدية، من أجل التخطيط وبرمجة مشاريع توفر بدائل اقتصادية لساكنة المنطقة.

وكانت جريدة “العمق” قد قامت بجولة في مدينة الفنيدق واستطلعت آراء الساكنة والتجار والفاعلين الحقوقيين والسياسيين والجمعويين حول الوضع الاقتصادي والاجتماعي بالمنطقة، حيث أجمع المتدخلون على أن المدينة تحتاج إلى تدخل عاجل قبل “تفجر الأوضاع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *