منتدى العمق

الشباب مسيس والأحزاب عازفة عن السياسة: بعد مرور عقد على 20 فبراير

حركة 20 فبراير

مرت بسرعة عشر سنوات أي عقد من الزمان عن آخر حركة إحتجاجية ذات طبيعة سياسية، والتي شهدها المغرب سنة 2011 في سياق ما عرف بالربيع الديمقراطي والثورات الشعبية التي لم يتوقع أحد حدوثها في العالم العربي، وأثارت أحلاما بالحرية، بما لها وما عليها، بما حققته وما أضاعته، بشبابها وشيوخها، بيسارها وإسلامييها.

وقد كُتِب حول الموضوع ما يكفي من بحوث أكاديمية و مواقف سياسية ولا داعي لتضييع باقي السطور الموالية في ذلك، وكما يحيل العنوان فإن موضوع المقالة هو المشاركة السياسية للشباب في علاقتهم بالأحزاب بعد حركة 20 فبراير لسنة 2011، وهو ما يليق كعنوان لبحث أودراسة سوسيوسياسية صارمة أكثر منه كعنوان لمقالة موجزة، لذا إن شئتا أن نددق أكثر قلنا أنها وجهة نظر و محاولة لتصحيح مغالطات وأحكام قيمة مفادها أن الشباب عازف عن السياسة، والتي لزالت الى يومنا هذا موضوعا لأنشطة الأحزاب المشاركة في العملية الإنتخابية وشبيباتها الحزبية خاصة، رغم أن طبيعة حركة 20 فبراير الشبابية بددت منذ سنة 2011 تلك الفرضيات، فإنطلاقها بعد مشاورات بين مجموعة من الشباب عبر مواقع التواصل الإجتماعي قبل النزول إلى الشارع السياسي وإنظمام القوى اليسارية والأمازيغية وجماعات الإسلام السياسي المعارضة إليها بعد ذلك، أتبتت أن الحكم على فئة تشكل نبض المجتمع بالعزوف السياسي، والقول بأن هذا الجيل غير مسيس وقليل الإهتمام بالشأن العام قياسا بالأجيال السابقة له وأن ثقافته الفكرية والسياسية ضحلة، حكم قيمة سلبي و قاسي جدا وبعيد عن الموضوعية، فأصحاب هذا الحكم وهم في الغالب من زعماء وأيقونات الأحزاب الحكومية والمشاركة في العملية الإنتخابية، لا يكلفون أنفسهم عناء فهم حجم التغير الذي طرأ على أنساق القيم والمعاييرعند هذه الفئة، كما فاتهم أن قياس المشاركة عن طريق الإنتماء إلى الأحزاب والمنظمات السياسية معيار ” قديم “، لم يعد يساير البيئة الشبابية الرافضة لمنطق الوصاية الأبوية والجمود، وهو ما يلاحظ في إبداع الشباب لأساليب جديدة للمشاركة في الشأن العام على أنقاض الأساليب التعاقدية التقليدية كالمنظمات والأحزاب والنقابات، ولنا في مجموعات الإلتراس و تنامي ظاهرة التنسيقيات المستقلة وتزايد عدد الجمعيات الشبابية الحداثية التي تجعل من المشاركة والديمقراطية موضوعا لها، مقابل تراجع الفصائل الطلابية المرتبطة بلأحزاب السياسية والتي كانت تشكل إمتدادا لها وضعف إنخراط الشباب في الشبيبات الحزبية …خير برهان على ذلك.

أليس إذن من المفروض على من يصدرون تلك الأحكام القاسية على جيل بكامله أن يحددوا لنا ماذا يقصدون ” بالسياسي” و” السياسة ” أولا ؟ ولما لا أن يشككوا في أفق أن يعترفوا أنهم العازفون سياسيا، أم أنهم لا يريدون أن يعرضوا كما قال الأستاذ بلقزيزعمرانهم الحزبي للضياع؟

إن من حسانات 20 فبراير والحركات الإحتجاجية عموما أنها مؤشر قوي على وجود خلل ما بالمجتمع والمؤسسات، فمن ذا الذي يحتج غير مكره ؟ ومما أشارت إليه 20 فبراير الشبابية منذ عقد من الزمن كما لزالت تؤكده مختلف الحركات الشبابية ذات الطبيعة الإحتجاجية، أن أسباب عزوف الشباب عن الإنتماء الحزبي وليس السياسي تقع داخل هياكل ومؤسسات الأحزاب أساسا وليس خارجها، والتي تسود داخلها علاقات تستمد أصولها خارج المرجعيات المؤسسة “للحزب الأداة” و”الحزب المؤسسة”، أي من منطق الإنصياع و الوصاية وعلاقة الجد بالأب والأب بالحفيد…. لتصبح أماكن مهجورة تنعدم فيها الحياة.

فهذا العزوف الواعي والإمتناع عن الإنتماء الحزبي من طرف شباب مسيس يصعب فهمه إلا كموقف نقدي تجاه منظومة حزبية تحت المراقبة وتنظيمات فقدت جاذبيتها ومبررات وجودها.

*  طالب بكلية العلوم القانونية والسياسية جامعة ابن زهر 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *