حوارات، مجتمع

مقاتل مغربي سابق بسوريا يكشف تفاصيل تجربته “الجهادية” ومخاوف الراغبين في العودة (حوار)

انخرط لخمس سنوات في جبهات القتال في سوريا، قبل أن يدرك شأنه شأن العشرات من الشباب المغاربة أنه في المعركة الخطأ، فيقرر الهروب إلى تركيا سنة 2018، بعدما تبدلت قناعاته وراجع مواقفه، أملا في العودة يوما ما إلى المغرب.

ياسين الغزوي، 38 سنة، من مواليد مدينة الدار البيضاء، متزوج من سورية وأنجب منها 3 أبناء، سافر إلى سوريا سنة 2013، للالتحاق بتنظيم “جبهة النصرة”، بعدما تأثر بشيوخ السلفية الجهادية في المغرب.

في هذا الحوار، مع جريدة “العمق”، يكشف ياسين، أسباب إلتحاقه بسوريا، والمعارك التي خاضها هناك، وكيف تزعزعت قناعته وقرر الهروب إلى تركيا، ورغبته في العودة إلى المغرب، وتخوفه من المدد السجنية الطويلة التي تنتظره كباقي المقاتلين المغاربة في حال عودتهم إلى الوطن.

من هو ياسين الغزوي؟
ياسين الغزوي، 38 سنة، من مواليد مدينة الدار البيضاء، مستواي الدراسي، الثالثة ثانوي، ومؤهل من الدولة في تصليح المركبات المتحركة.

قبل التحاقك بسوريا للقتال (الجهاد)، ما هي القناعات ووسائل التجنيد التي جعلتك تتخذ ذلك القرار؟ وما هو التنظيم الذي أثر فيك وجعلك تسافر إلى سوريا؟
القرار جاء نتيجة عدة عوامل، أهمها تأثري بالفكر السلفي الجهادي مع سهولة الالتحاق بسوريا مقارنة مع مناطق أخرى. بالنسبة للتنظيم الذي كان دافعا لي في الالتحاق كان جبهة النصرة.

هل كانت عائلتك على علم بسفرك إلى سوريا؟
عائلتي ترفض هذا السفر فقررت عدم إعلامهم.

إقرأ أيضا: الخيام: لا خوف من عودة المقاتلين المغاربة في “داعش” .. ومرحبا بهم 

كيف وصلت سوريا وكيف كانت أيامك الأولى بهذا البلد؟
وصلت سوريا سنة 2013، عبر التنسيق مع أحد المعارف الذي كان متواجدا بسوريا، وبناء عليه وفور وصولي لأنطاكيا اتصلت على رقم أحد السوريين جاء برفقة شخص تركي، بحيث سهلا لي العبور للأراضي السورية في وقت وجيز.

أما الأيام الأولى لي في سوريا، كانت صعبة من عدة نواحي أهمها الجانب العاطفي الذي أحدثه فراق محيطي الاجتماعي بالمغرب.

ما هي خصائص المجتمع الجديد الذي كنت تعيش فيه؟
بالنسبة للمجتمع السوري يختلف بشكل كبير عن المجتمع المغربي من ناحية العادات والتقاليد، لكن ما جعل أغلب المغاربة يندمجون مع المجتمع الجديد، هو اشتراكهم المتبادل في غلبة الجانب العاطفي في العلاقات والمعاملات.

إقرا أيضا: الخيام: 200 جهادي عادوا للمغرب أمام العدالة.. والأخطاء يمكن أن تقع 

هل يمكن أن تحكي لنا عن أبرز المعارك التي خضتها في سوريا؟
من المعارك التي خضتها معارك تحرير الساحل، معركة إدلب وجسر الشغور، معركة فك حصار حلب ومعركة تحرير حماة.

هل كنت قياديا داخل “جبهة النصرة” أم فقط مقاتلا؟
مقاتل فقط.

بما يختلف هذا التنظيم عن تنظيم “داعش”؟
الاختلاف مع داعش في البداية يكمن حول سيطرتهم المطلقة على العنصر البشري بقطع صلته مع العالم الخارجي، باعتباره عالما غير جدير بالثقة حتى مع أقرب المقربين، ونقاط أخرى تتبين مع مرور الوقت، لأستخلص أن تنظيم داعش هو مجموعة من البعثيين خسروا نفوذهم مع سقوط صدام فور التدخل الأمريكي، فكان السبيل بالتخفي حول إيديولوجية متطرفة باسم الإسلام، واستعمالها لاسترجاع هذا النفوذ.

 كيف تزعزعت ثقتك في شعارات وبروباغندا هذا التنظيم؟ وكيف هربت من قبضته؟
تزعزع الثقة جاء بالتدريج أهمها أن منهجية هذه التنظيمات غير قادرة على معالجة مشاكل الناس، ثانيا تفشي ثقافة الاستغلال والابتزاز والمحسوبية… أما مسألة الهروب، فلم أهرب بل اضطررت للمغادرة نتيجة لموقفي المتعلق بضرورة ربط التواصل مع المغرب من أجل النظر في قانون الإرهاب، والذي عارضه البعض مما حذا بي للخروج تجنبا للمشاكل والمضايقات.

إقرأ أيضا: تقرير استخباراتي يحذر من عودة المئات من الجهاديين إلى المغرب 

متى وكيف دخلت تركيا، وما هي وضعيتك الآن بهذا البلد؟
عكس الدخول الذي كان بمنتهى الأريحية، فالخروج جاء من بوابة التهريب بتكلفة 800 دولار عبر مسيرة يوم من الزحف الشاق على البطن من خلال شق الطريق بين الحقول الزراعية والأشواك، تجنبا للدوريات التركية، وكان ذلك سنة 2018.

أما عن وضعيتي فأهم إشكالية تتعلق بالتخوف من تبعات قانون الإرهاب، مما يجعلك تعيش في هواجس لا حصر لها تفقدك التنبؤ بمستقبلك، خاصة إذا كان الشخص مرتبط بزوجة سورية ولديه منها أبناء.

رأينا أنكم توجهون أصابع الاتهام لمشايخ السلفية الجهادية بالمغرب بخصوص التحاقكم ببؤر التوتر؟ من هم أولئك المشايخ بالضبط وكيف ساهموا في التحاقكم بسوريا؟
عندما نقول شيوخ التيار السلفي الجهادي نذكر مباشرة عمر الحدوشي، محمد الفيزازي، حسن الكتاني وعبد الوهاب رفيقي كرموز لهذا التيار، هؤلاء رغم اختلافهم في الكيفية اتفقوا على وجوب نصرة الشعب السوري في بداية الأحداث.

فمثلا الفيزازي صرح بأن نصرة الشعب تقتصر على السلاح، والحدوشي أجاز الالتحاق بالمجاهدين، بعدها بفترة استدرك بضرورة أخذ الإذن من الوالدين لمن أراد الالتحاق، كذلك عبد الوهاب رفيقي صرح بشكل عام بضرورة نصرة الشعب السوري، أما حسن الكتاني فأكد على ضرورة الجهاد بالنفس والمال.

لكن منذ ذاك الوقت إلى الآن تغيرت أمور كثيرة في التعاطي مع أحداث سوريا عند هؤلاء الشيوخ، أغلبها جاء نتيجة الممارسات التي طبعت هذه الثورة عند الفصائل الإسلامية مما حذا بهم في وقت مبكر إلى تجنب الخوض والإشادة بالمعترك المعارض للنظام، لكن من بين هؤلاء الشيوخ نجد حسن الكتاني الذي ظل على نفس المنوال من التأييد، غير مهتم بالعمل على صرف التبعات والمآسي التي لحقت لكل من خاض هذا الغمار.

السلفيون في المغرب هل يوافقونكم الرأي بخصوص المراجعات والعودة؟
السلفيون إذا كنت تقصد المتأثرين بالتيار الجهادي أو فيما يعرف باللجنة المشتركة للدفاع عن المعتقلين لا يوافقوننا الرأي بخصوص المراجعات والعودة، هم في حالة تكتم عن كل أوجه المعاناة التي تقف في وجه الراغبين في العودة.

إقرأ أيضا: مغاربة سوريا .. عالقون بتركيا ويطرقون أبواب الوطن للعودة (حوار) 

 في نظركم هل ستدفع الإدارة الأمريكية الجديدة نحو حل ملف المقاتلين الأجانب الراغبين بالعودة إلى بلدانهم؟
مازالت إدارة بايدن لم تحدد كيفية التعامل مع الملف السوري لكن هناك مؤشرات تدفع إلى التصعيد في مناطق شمال شرق سوريا، مما قد يؤثر في تسريع حل قضية المحتجزين والمعتقلين هناك، أما من ناحية المقاتلين الأجانب الراغبين بالعودة فهم غير متواجدين في مناطق الولايات المتحدة لهذا فقضيتهم عالقة عند المستفيدين من تواجدهم.

بحكم الخلفية الإسلامية لحزب العدالة والتنمية ماذا قدم الحزب في ملف الراغبين بالعودة؟
الحزب خلال ترؤسه للحكومة عبر عن دعمه للمعارضة السورية في بداية الصراع، بحكم اشتراكه المعنوي مع مبادئ تنظيم الإخوان المسلمين المعارضة للنظام السوري، وكذلك من حيث المكاسب السياسية والمالية التي سيجنيها من هذا الدعم.

إلا أن الحزب صادق فيما بعد على جملة قوانين تجرم الالتحاق ببؤر التوتر، هذا التحول جاء، أظن، كردة فعل على ظهور تنظيم داعش على سطح الأحداث، فمنذ المصادقة على تلك القوانين إلى الآن لم يناقش أو يقدم الحزب أي طلب يخص وضعية المحتجزين أو المسجونين أو الراغبين في العودة إلى بلدهم، لأننا في نظرهم ورقة ليس فيها أي مصلحة تخدم صورة الحزب بل على العكس من ذلك.

ماهي أوجه المعاناة التي تقف في وجه الراغبين بالعودة إلى المغرب؟
أهم هذه الأوجه عدم تصريح الدولة للمواطنين من جنسية سورية التوجه للمغرب في حالة المتزوجين بسوريات، الوجه الثاني يتعلق بمدة الأحكام، كذلك حالات الأبناء من أب وأم مغربية ولدوا بمناطق التوتر يتعذر السماح له بدخول المغرب.

كيف ترى العقوبات التي نص عليها قانون الإرهاب في مثل حالتكم؟ وهل يمثل العائدون خطرا على الدولة والمجتمع؟
هذه العقوبات جاءت ضمن طبيعة فرضتها الأحداث على جميع الملتحقين، ولم تتعامل العقوبات مع كل فرد على حدة، لهذا أرى مراعاة دوافع كل فرد في هذا الالتحاق فلكل شخص أسبابه الأصيلة، ويتعذر على الشخص المُتابَع أو المشرف التفطن لها بدون مساعدة دكاترة ومؤهلين في علم النفس على مجريات القضية، كذلك اعتبار السجن جزء صغير من منظومة أوسع للعقوبة قد تتخذ أشكال متنوعة من الردع.

أما بخصوص خطر العائدين فالمتتبع لمجريات تفكيك الخلايا الارهابية فأغلب الموقوفين أظن غير متابعين سابقا في ملف السفر إلى بؤر التوتر، وهذا لا يعني إغفال الاحتياط.

هناك تشكيل ثاني أظن يتكلم باسم العالقين بتركيا هل هو انقسام؟
بالنسبة لنا كجمعية مغاربة سوريا غير المرخصة لسنا تيارا سلفيا، وكما تعلم أصبح من السهل اجترار أي تجربة بمجرد توفرك على هاتف وتطبيق اجتماعي.

 هل تتوفرون على دعم من خلال هذه الجمعية؟
حل ملف الملتحقين ببؤر التوتر هو قضيتنا الأساس، أما طلب أو قبول الدعم، قد يشوش على مسار حل الملف، لأنه لا شيء بدون مقابل، لهذا نتجنبه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *