مجتمع

المجلس الاقتصادي يدعو لتدابير استعجالية لتحقيق الازدهار الذاتي للمغربيات

أصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، اليوم الخميس، نقطة يقظة بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، وذلك لتجديد توصياته بشأن تفعيل حقوق المرأة وحرياتها، حيث دعا إلى اعتماد تدابير استعجالية من أجل تحقيق التمكين والازدهار الذاتي للنساء المغربيات.

وأوضح المجلس  في العدد الثاني من موعده الموضوعاتي “نقطة يقظة”، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، أن تحرر المرأة يمر بالضرورة عبر كسر “السقف الزجاجي” الذي يمثل الحواجز الاجتماعية والنفسية التي تميل إلى إبقاء المرأة في وضعية الجمود وتكريس دونيتها وتبعيتها.

وشدد على أنه “لا يمكن لأي بلد أن يحقق طموح التنمية والتقدم إذا كان نصف قواه الحية -النساء- يعاني من الإقصاء”، معتبرا أنه “في وقت يتعبأ فيه المغرب نحو إرساء نموذج تنموي جديد أكثر إدماجاً، لم يعد من المُستساغ أن تتعرض النساء للعنف وأن يبقين على هامش الحياة الاقتصادية والاجتماعية”.

وأشار المجلس إلى أنه رغم التقدم المحرز، لا يزال هناك عدد من أشكال التمييز القائم على الجنس، والانتهاك لحقوق النساء، كما أن مشاركتهن في التنمية تظل ضعيفة، لافتا إلى أهمية القيام بجملة من التحولات من أجل النهوض بحقوق المرأة.

وأوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بثلاثة تحولات كبرى ذات طابع مؤسساتي وقانوني، وذات طابع إجرائي، وذات طابع اجتماعي وثقافي، مستمدة من توصيات تقارير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المخصصة للمساواة بين النساء والرجال ومحاربة كل أشكال التمييز.

وفي هذا الصدد، أوصى المجلس بتسريع وتيرة ملاءمة التشريعات الوطنية مع المبادئ والمقتضيات الواردة في الدستور وفي الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب بشأن الوقاية من جميع أشكال التمييز ضد النساء والفتيات والقضاء عليها.

وشدد على ضرورة نسخ المقتضيات القانونية المتضمنة في جملة من النصوص القانونية التي يكون في تطبيقها حيف أو إلحاق ضرر بالأمهات العازبات وأطفالهن، وقد تحول دون تقديم شكاية عند التعرض للاغتصاب (كالفصل 490 من القانون الجنائي)، وكذا نسخ المواد 20 و21 و22 من مدونة الأسرة، من أجل القضاء على تزويج الطفلات.

وسجل أهمية جعل النهوض بالمساواة ومكافحة العنف ضد النساء والفتيات (إعمال مبدأ عدم التسامح إطلاقا مع العنف) قضية وطنية ذات أولوية يتم تنزيلها في شكل سياسة عمومية شاملة وعرضانية ترتكز على ميزانية مستدامة ومحددة بشكل واضح، وضمان احترام كرامة وخصوصية المرأة، بما في ذلك في السياقات المرتبطة بالمساطر القضائية والطب الشرعي.

كما أوصى المجلس بإخضاع الحصول على جزء من الدعم العمومي المخصص للألحزاب السياسية والنقابات والجمعيات لشرط تحقيق نسبة تمثيلة لا تقل عن 30 في المائة من النساء داخل أجهزتها المسيرة.

واعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنه من الضروري إطلاق خطة وطنية لفتح دور حضانة عمومية أو داخل المقاولات في جميع تراب المملكة، واعتماد مرونة أكبر في توقيت تمدرس الأطفال، ووضع تدابير فعالة ومحددة للتمييز الإيجابي هدفها ضمان المناصفة في الولوج إلى مناصب المسؤولية في الوظيفة العمومية.

ودعا إلى اعتماد مرونة أكبر للجوء إلى أشكال العمل الجديدة داخل المقاولات (العمل عن بعد، العمل بدوام جزئي، المرونة في ساعات العمل، وغير ذلك)، وتعزيز الإطار القانوني الخاص بمحاربة التحرش المعنوي والجنسي ضد المرأة في الفضاء العام والأماكن الخاصة، من قبيل أماكن العمل.

وطالب المجلس بوضع سـلامة النساء في وسائل النقل العمومي وفي الفضاء العام في صلب سياسات المدينة وسياسات السلامة العمومية وتصاميم التهيئة الحضرية وبرامج السكن، وتعزيز ولوج النساء القرويات للعمل المأجور وتحسين استقلاليتهن المالية.

وفي الجانب الثقافي والاجتماعي، أوصى المجلس بالنهوض بالنقاش العمومي من أجل تطوير العقليات في التعاطي مع القضايا المتعقلة بتزويج الطفلات، والتوقيف الإرادي للحمل، والتركة.

وأوصى بتلقين التربية الجنسية في المدرسة من أجل ترسيخ مبادئ المساواة بين النساء والرجال لدى الأطفال، وتصحيح الصور النمطية التمييزية والمشجعة على العنف ضد النساء، وتحسيس المتعلمين بمفاهيم السلامة الجسدية والصحة الجنسية، من خلال بلورة أدوات بيداغوجية ملائمة ومتناسبة مع الفئات العمرية المستهدفة.

وخلص المجلس إلى أنه لا يمكن تحقيق كل تلك الأهداف من دون إزالة القيود الثقافية التي يمكن أن تعيق النهوض بوضعية المرأة، لأن بناء مجتمع حديث ودامج يتطلب التصدي للصور النمطية، التي غالبا ما تكون مهينة وحاطة بكرامة المرأة، وتكرس صورة سلبية عنها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *