منتدى العمق

التاريخ “الاسلامي” ليس هو الاسلام‎

التاريخ علم يختص بماضي الإنسان و حاضره ، و المنطق البشري السوي يقتضي الإستفادة من هذا التاريخ و تجنب أخطاء الماضي من أجل مستقبل أفضل ، كما فعلت المجتمعات التي بلغت من التقدم عتيا ، في حين أن معظم المجتمعات العربية و الإسلامية لا زالت تدور في حلقة فهم التاريخ ولم تستوعب بعد الغاية من التاريخ ، و أن حقيقة هذا التاريخ لا يمكن أن تكون إلا نسبية، فالمجتمعات المتصارعة تدون نفس التاريخ بروايات مختلفة ، حسب موقعها من الصراع و تبعا لمصالحها و مدى تبريراتها لتورطها في هذه الصراعات سواء كانت هجومية أو دفاعية ، مما يصب في قراءة التاريخ قراءات تحريضية تخدم سياسة ” فرق تسود ” التي يسوق لها عملاء يخدمون قوى انتهازية . فمنظري الشيعة يوهمون أتباعهم بأنهم لا زالوا يعاصرون حقبة تاريخية معينة من تاريخ ما بعد الإسلام ،قائمة على صراعات بني أمية وبغي طغاتهم على أهل البيت عليهم السلام ، حيث تذهب أجيال لا ذنب و لا دخل لها في هذه الصراعات ضحية لهذا التاريخ الذي يعيد نفسه عمليا و ميدانيا ( العراق و سوريا و اليمن )، وذالك بمساندة قوى خارجية من أجل مصالح اقتصادية و استراتيجية.

بالإضافة إلى عملاء داخليين مجيشين لإثارة الفتن ، مستغلين الركوب على حقب معينة من التاريخ بهدف خلق صراعات إسلامية-إسلامية و نزاعات عرقية ، نعم لا يمكن معرفة التاريخ بواقع دقيق ، و لا ننكر حيف و بغي بعض حقب التاريخ المنسوب إلى الإسلام على المسلمين وغيرهم ، كما وقع في جميع مراحل التاريخ البشري ، و لكن يجب التيقن بأن الإسلام ليس هو التاريخ المنسوب إليه بعد حقبة الخلافة الراشدة ، بدليل أن المجتمعات التي اعتنقت الإسلام أدركت بفطرتها و ذكائها بأن التاريخ ” الإسلامي ” ليس هو الإسلام و إلا لما اعتنقت الإسلام .

لا يمكن الرجوع إلى الوراء لتغيير التاريخ ولكن يمكن الإستفادة من التاريخ لتجنب الأخطاء التي وقعت فيها الإنسانية ضد بعضها البعض.

يجب تصنيف الإنسان حسب ما قدمه لمجتمعه و للإنسانية ، و ليس حسب اعتبارات أخرى ، ففي مراكز المختبرات العلمية و معاهد الأبحاث الفضائية الغربية ، نجد نخب من العلماء ينتمون إلى أمم مختلفة منهم من لهم محطات تاريخية تصارعية ، و منهم من ليست لهم أي نقطة إلتقاء تاريخي ، و هذا هو سبب تقدم و استقرار الأمم المتقدمة .