منتدى العمق

الأمية والممارسة السياسية

تعبر الممارسة السياسية عن بنية مؤسسة على التوجهات الدستورية والقانونية والتنظيمية الخاصة بالممارسة الديمقراطية لتدبير قضايا الشأن العام في شقها التشريعي وعبره الحكومي ناهيك عن الشأن العام الترابي .

إن المتتبع للشأن السياسي الدولي المقارن لتستوقفه سلة عريضة من التساؤلات وخاصة في الشق المرتبط بالفاعل السياسي هل نحتاج فاعلا سياسيا أميا أم مؤطرا حزبيا أم فقط حاصلا على شواهد عليا .

الجواب على هذا التساؤل يتغير من منطقة جغرافية دولية الى أخرى ، ذلك أن مردودية الاحزاب السياسية في تدبير قضايا الشان العام تختلف بين هذا النظام الحزبي السياسي ونظيره بنماذج أخرى، واعتبارا لهذا الاختلاف فان أسه يتجلى بالدرجة الاولى بروحي الانتماء للوطن أولا ومن خلاله الايمان والدفاع عن ايدولوجية الطيف السياسي الذي ينتمي اليه الفاعل السياسي عبر بوابتي النقاش والعمل الحزبي الداخلي الدؤوب وكذا المشاركة الفاعلة والناجعة عبر بوابة انتخابات الديمقراطية التمثيلية ومن خلالها تدبير الشأن العام على أساس الاختصاصات التنظيمية التي تضمنها البنية الدستورية.

لقد أتبثث اطياف سياسية دولية كثيرة ومن خلالها قامات سياسية مشهود لها بالعطاء والعمل الجاد بأن قياس منسوب الديمقراطية لدى بنية الدول ليس بالدرجة الاولى التكوين المرتبط بالحصول على الشهادات العليا ذلك ان التكوين الحزبي الهادف ذي الصبغة الاستراتيجية المتعددة الابعاد والمشارب وخاصة الاقتصادية والاجتماعية منها ليعد عصب رحى الانتاجية الحزبية على أساس ديمقراطي، غير أننا نقصد بالتكوين الحزبي في هذا السياق خلق مدارس التكوين الحزبي داخل منظومة الاحزاب السياسية، تعهد اليها مهام التاطير الحزبي الفاعل السياسي منذ انخراطه الى حين خوضه غمار التجربة السياسية عبر بوابة الانتخابات، امر لا يفهم معه ان الفاعل الحزبي ذي الشهادات العليا ليس مرغوبا فيه داخل الممارسة والمعترك السياسيين ذلك ان بنية الاحزاب السياسية تتسع لكل الاطياف الفكرية والممارسة المؤمنة بالديمقراطية واسقاطاتها على الفرد والمجتمع عبر الاحزاب السياسية، وهذا القول له مسوغاته ذلك ان النقاش الذي تعج به بعض الاوساط السياسية وهو تمرين ديمقراطي مشروع بتطرف دائما للحديث عن الكائن السياسي هذا الاخير الذي يعرف ممارسة السياسة ولكنه أمي من الناحية الاشهادية غير انه فاعل سياسي يجيد الخطابة السياسية ولو بالعامية ، تشلحيت، تريفيت بل وحتى بالحسانية، وهو أس لابد أن ناخذه بعين الاعتبار داخل الاحزاب السياسية المغربية التي يجب عليها تغيير نمطية التفاعل مع المرشح الحزبي الذي يجب ان يتجاوز نظرة الامية وان يواكبها بالعمل الجاد والمبني على التكوين المبني على النتائج وبمشاركة واسعة لكل اطرها سواء كان اميا ام متعلما، ذلك ان نهج بنية اليد الحزبية الواحدة قد أصبحت مطلبا استعجاليا لا نحسد عنه وذلك اعتبارا للمتغيرات التواصلية السياسية التي تفرضها العولمة .

لذلك، لما لا يكون شعار الانتخابات التشريعية لسنة 2026 اليد الحزبية الواحدة تصفق بكل أطرها لكي تنجح فعليا في تنزيل برامجها عبر بوابة مؤسسات تدبير الشأن العام.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *