وجهة نظر

ماذا لو كان “طوريرو” عربيا ؟

أزيد من 300 ألف ثور تقتل سنويا في إسبانيا، يتقاسم الجريمة فيها أزيد من 400 ملعب لمصارعة الثيران ( CORRIDA DE TOROS)، ويعتبر هذا النوع من الإجرام نوعا كسائر أنواع الرياضات لا فرق بينه وبين السباحة وركوب الخيل وكرة القدم، وتتعامل معه الدولة وسائر الهيئات ووسائل الإعلام كأي رياضة تستحق التغطيات والنشر والتوزيع والإشهار.

فلماذا تتم هذه الجريمة النكراء الوحشية الهمجية والدموية في حق حيوان بريء أليف مسالم في عالم تدعي فيه منظمات دولية حماية الحيوانات دون أن تحرك قانون مارتين الذي يجرم الاعتداء على الحيوان؟ أم أن هذه المنظمات لا ترى إلا أضاحي عيد الأضحى عند المسلمين التي تتم بطريقة لا يجادل العلم في أنها أفضل طريقة على الإطلاق تريح الحيوان و لا يشعر معها بأي ألم. كما لا تحدث عملية ذبح الأضاحي في بهرجة وسباق عبثي بل هي عبادة وسنة سنها لنا رسولنا وما على الناكرين علينا سوى اللجوء إلى العلم والمعرفة لتحديد الضرر إن كان يلحق بأكباش العيد.

ففي كل الأحوال لا يمكن تصور حجم الضرر والعذاب والبشاعة التي تلحق بالثيران الاسبانية، وفي غالب الأحيان تشترك في هذه الجريمة الصحافة الدولية والمنتجون للأفلام الوثائقية التي تعمل على التأريخ لأبشع عملية ذبح وتعذيب لحيوان تربى في أحضان الظلام من طرف أناس ملأ الظلام قلوبهم بالسواد فما عادوا يشعرون أبدا بأنهم يتفننون بالتعذيب ويمرحون بالدماء ويشجعون الرواد على غرز ونخس سيوفهم الطويلة في كبد الثيران البريئة.

ويتم التسويق لهذه الجريمة من طرف جميع أنواع الصحافة الدولية بمختلف أشكالها وأنواعها على أنها حدث حضاري عريق ويرمز إلى التنمية والفكر وإبداع العبقرية الإيبيرية عندما تتفنن في صناعة الفرجة على نغمات أنين حيوان ذنبه الوحيد أنه في بلد هو من أبدع محاكم التفتيش وتفنن في صناعة آلات الفتك وتكسير العظام.

ويبقى السؤال الذي يجب طرحه وهو ماذا لو كان “الطوريرو الإسباني” عربيا؟ فمن المؤكد أن جميع المنظمات الدولية الغربية كانت سترمينا بالتعطش للدماء، وتسمنا بالإرهاب والوحشية والقساوة والتخلف و أننا همج رعاع وأوباش موتنا خير من حياتنا، وحتما كنا سنتصدر جميع مجلات وصحف وجرائد العالم وستنشر لنا صور ولن يجدوا أفضل من صورة مصاص دماء بأنياب طويلة والدم يتقاطر منها وأمامه ثور منهك يسيل الدم من فمه وقد بقرت بطنه من ظهره حيث تبدو السيوف العربية وقد اختفت كلها إلا ما ظهر منها من مقابض. وسنحاصر حينها دوليا ولن تقبل أي دولة من الدول منا صرفا ولا عدلا ولا تأشيرة، وستغلق في وجه أبنائنا الحدود وسوف لن تكون هناك سفارات غربية في بلداننا العربية المتوحشة، وستصدر في حقنا من طرف هيئة الأمم المتحدة إدانات تتبعها عقوبات أبسط بنودها يحث على إجبارية إغلاق ملاعب ذبح الثيران وتجريم العابثين بهذا الحيوان المسكين.

إن “الطوريرو” ليس عربيا ولن يكون أبدا عربيا، ولهذا لا نملك إلا أن نرثي لجميع الثيران التي تحبس وتسمن، لتخرج في رابعة النهار لتكون شاهدة على غرب همجي سفاح متعطش للدماء.