منتدى العمق

إلى أين وصل موضوع الاعاقة بالمغرب؟

الأشخاص في وضعية إعاقة

في اليوم الوطني للأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب، الذي يصادف 30 مارس من كل سنة. يجب أن نتذكر الرقم الكبير الذي أفرزه البحث الوطني للإعاقة الذي أجريت إحصائياته سنة 2014، والذي وصل معدل انتشاره إلى %6.8، أي بمعدل أسرة واحدة من كل أربع أسر معنية بالإعاقة.

أمام هذا الرقم الكبير مازال هناك سؤال يوازي ضخامة العدد المعلن عنه الضخم والذي نجمله عبر الاستفهام التالي: إلى أين وصل موضوع الاعاقة بالمغرب؟.

يأتي هذا السؤال بعد سنوات عديدة من توقيع الاتفاقية الدولية للأشخاص في وضعية اعاقة، والبروتوكول الاختياري الملحق بها سنه 2009، والتنصيص الحرفي لدستور 2011، في ديباجته على وجوب المساواة بين الأشخاص بغض النظر عن الجنس أو اللون أو الاعاقة، بالاضافة إلى المادة 34 من الدستور التي تؤكد على ضرورة النهوض بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة.

إن الحديث عن الأشخاص في وضعية إعاقة لا ينحصر في سن قوانين جافة على الورق دون التقيد بتطبيقها، او الاعتراف بها على مستوى الفعل الجمعي لكل مكونات المجتمع. حيث نلحظ في واقع الحال هوة كبيرة بين الإطار المفاهيمي التنظيري والقانوني، وبين الممارسة العملية الميدانية؛ فالترسانة القانونية التي سنها المغرب خلال السنوات الأخيرة لم تواكبه العديد من الإجراءات الفعلية مما يجعلنا نتساءل عن جدوى شرعنتها، فقانون الولوجيات 10.03، بالمعايير المضمنة فيه لا نكاد نجد شيئا منه على مستوى الواقع، إذ تفتقد الكثير من الإدارات العمومية إلى الولوجيات مما يخلق لدى الكثير من الأشخاص في وضعية إعاقة صعوبة في الولوج إليها وغيرها إلى الخدمات الأساسية دون مساعدة من المواطنين، ناهيك عن القانون الاطار 97.13 الخاص بالنهوص بحقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، والذي أشار من خلال عنوانه إلى مواكبة المغرب للمستجدات التي يعرفها هذا الموضوع على المستوى الدولي، غير أن هذه المواكبة وهذا التقدم مازال متأخرا على مستوى التطبيق، وبالتالي فالحديث عن أشخاص في وضعية إعاقة ينبغي أن يبدأ من مدلول الاسم الذي يحمله هذا القانون، فالتطور البنائي للفظ “الاشخاص في وضعية إعاقة” جاء بعد مسار طويل من النضال، قبل أن يصل به المطاف إلى هذا النعت؛ لأن الوضعيات التي يقع فيها الاشخاص هي من تحدد إعاقتهم وتحد من قدراتهم، وبدل التحدت عن شخص معاق فنحن نتحدث عن بنيات معيقة يصنعها المجتمع وتزكيها السياسات العمومية بطريق تدخلها وزاوية معالجتها للموضوع، فحين ناخذ مثلا السياسة العمومية المندمجة للاشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب في 2015، ونبدأ بالتعليم الذي يعد العتبة الأساس التي نفهم من خلالها هذا العالم، فسنرى بالملموس بأننا نفتقد لمناهج تعليمية خاصة بالأطفال في وضعية إعاقة ذهنية، أو نصوص تحسيسية لكل التلاميذ باعتبارهم جزء من المحيط الذي سيساهم في تقبل المختلف عنهم، وإذا انتقلنا إلى قطاع الصحة فلا نكاد نجد وحدات استشفائية خاصة للأشخاص في وضعية إعاقة، وبمرورنا إلى التشغيل ستغيب عن المتتبع كوطة 7٪ المخصصة لهذه الفئة، ما عدا المباريات المخصصة لحاملي الشواهد من هذه الفئة الشيء الذي يضعنا أمام سؤال ماذا عن الفئات الغير متمدرسة، أما الجانب المخصص للسكن فلن تجد أي عروض تفضيلية لهذه الفئة كما جاء في القانون الإطار 97.13.

في المقابل نرى أن المنظور الرعائي للدولة المبني على الإحسان والصدقة مازال مهيمنا عن طريق توزيع المعينات التقنية أو المواد الغذائية أو عن طريق تمويل المشاريع التي لا تمت لهذا المفهوم بصلة.

إن استهداف الشخص في وضعية إعاقة بالأعطيات والصدقات الذي هو الإعاقة يستلزم الكثير من التفكير والتخمين، فالتعاطي مع الأمر من منظور إحساني يولد لنا رعايا وأتباع متواكلين ينتظرون الصدقات، وكلما انتهوا من واحدة انتظروا أخرى، لهذا فعلى الدولة بكل مكوناتها التفكير في وضع استراتيجية حقيقية تستهدف موضوع الإعاقة كإشكال مطروح في كل المجتمعات، لا التعامل مع الأشخاص في وضعية إعاقة عبر إسكاتهم بتدابير مرتجلة تظهر عطبا كبيرا في التفكير والتدبير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *