منتدى العمق

“الأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد”.. المسار والمآل

منذ حوالي ثلاث سنوات ازدان فراش الاحتجاجات بالمغرب بمولود جديد نتيجة ولادة قيصرية لم تكلل بالنجاح، فالمولود يعاني من تشوهات كثيرة على جسده جعلته منذ نعومة أظافره يبحث له عن علاج يخلصه من عذاب المعاناة. المولود يحمل اسم التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد. فرض عليهم التعاقد لأنهم لم يجدوا بديلا آخر ليختاروه على الطاولة غير التعاقد.

قبل الخوض في الموضوع لابد من التذكير بمسار هؤلاء الأساتذة وكيف وصلوا إلى هذه المرحلة.

*عليك أن تحمل على الأقل شهادة الإجازة ، غير أن الكثير منهم كدوا وحصلوا على شواهد الماستر والدكتوراه.

* تتقدم إلى المباراة من أصل 290 ألف مترشح حسب تصريح وزير التربية الوطنية نفسه.

* بعد اجتياز المباراة في شقيها الكتابي والشفوي أمام لجن تعمل جاهدة على اختيار الأنسب والأحق لهذه المهنة، يتمكن فقط خمسة عشرة ألف مترشح من اجتياز المباراة بنسبة 5,17%.

*اجتياز موسم دراسي في مرحلة التكوين النظري والعملي وعليك أن تنهي جميع المجزوءات.

بعد كل هذا المسار أرى أن هؤلاء فرضوا أنفسهم كي يحملوا لقب أستاذ عكس ما يدعي البعض كونهم فرضوا علينا بالتعاقد!

ماذا حدث سنة 2017؟

قامت الدولة بإخراج نظام جديد خاص بالأساتذة المتعاقدين او موظفي الأكاديميات. بمعنى أنهم غير خاضعين، لنظام موظفي الوظيفة العمومية.

ما الفرق بين النظامين؟

موظفو الأكاديميات لا يتوفرون على رقم التأجير من وزارة المالية، وإنما يتلقون أجورهم من الميزانية المخصصة للأكاديمية . يوقعون على عقدة بينهم وبين الأكاديمية ، تفسخ من أي طرف وقتما شاء، وهنا نلمس هشاشة هذا النظام. بالإضافة إلى أن مساطر العزل والقرارات التأديبية ليست بنفس ضمانات زملائهم في المهنة التابعين لنظام الوظيفة العمومية.

ليس لهم الحق في حركة انتقالية وطنية. إن كنت أستاذا ترغب في الزواج من أستاذة خارج جهتك فيستحيل أن تجتمع مع زوجتك تحت سقف واحد. كذا!!
الأخطر هو ضمهم في نظام RCAR الخاص بالتقاعد بنسب استفادة ضعيفة وهشة.

بالنسبة لأساتذة الثانوي لم يحددوا لهم إطار الإعدادي أو التأهيلي بل تركوا الإطار مفتوحا لكي يتم استعمالهم في جميع الأسلاك عكس باقي زملائهم المرسمين.
لم يفتح في وجههم الحق في الترقي لخارج السلم المخول لأساتذة الثانوي التأهيلي .

هناك مغالطة تروج تتمثل في كون الأساتذة المتعاقدين لم يتلقوا تكوينا في مجالهم، وإنما ولجوا التدريس دون أبجديات المهنة. وهذا كله كذب وتضليل . فباستثناء فوجي 2017 بحيث إن الوزارة كانت تعاني من خصاص مهول في القطاع عمدت إلى إدماج الآلاف دون تكوين كامل رغم أنها حاولت استدراك الأمر عبر مواكبة هؤلاء.

هذا النقص تتحمل الدولة مسؤوليته، لكون الأساتذة مستعدون دوما لإجراء تكوينات في المجال. جميع الأفواج اللاحقة استفادت من التكوين لموسم دراسي كامل في مراكز التكوين.

ماذا قدمه هذا النموذج لصالح التعليم ولن يتحقق عند إدماجهم في الوظيفة العمومية؟

في تصريح لوزير التربية والتكوين قال إن ما ربحه المغرب عبر هذا النظام هو تحقيق الجهوية وتغطية جميع الجهات وجميع المناطق، طيب، ألا يمكن توفير هذه المناصب وتغطية كل الجهات في إطار الوظيفة العمومية؟ الدولة لم تقدم نقطة واحدة في النظام الحالي لا يمكن تحقيقها في ظل النظام القديم. تشعر وأنت تستمع إلى المسؤول أنه غير مقتنع بمبرراته أو أن للدولة مبررات لا تتحدث عنها. وهذا هو الوارد جدا.

الواقع اليوم…

اختارت التنسيقية الشارع لإسماع صوتها وبالمقابل واجهتهم الدولة بلغة العنف. الوضع يسيئ لصورة المغرب الحقوقية. المغرب يحتاج إلى تلميع صورته في المحافل الدولية لأن المجال الحقوقي هو الطريق إلى ربح العديد من المعارك بما فيها قضيتنا الأولى الصحراء المغربية.

الجارة الجزائر التي سبق وأن لجأت إلى نظام التعاقد سرعان ما تراجعت عنه بعد احتجاجات الأساتذة واستجابت لمطالبهم وإدماجهم . وهذا يضعف مقاربة الدولة المغربية تجاه هؤلاء الأساتذة.

المستقبل….

الحل الوحيد هو فتح قنوات الحوار مع الأساتذة . الحل يوجد في مكاتب وزارة التربية الوطنية ووزارة الداخلية ورئاسة الحكومة، هنا فقط يمكن حل الأزمة وتقريب وجهات النظر .

فهل من حكيم؟

* الاستاذ إبراهيم لمدن

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *