وجهة نظر

في الأسباب الحقيقية لغياب التكافؤ بين “الأحرار” و”بام وهبي”

هل يمزح وهبي أم يضحك على ذقون المغاربة وهو يدعي خلال مشاركته في ندوة مؤسسة الفقيه التطواني بأن غايته الأولى هي إنتصار الديمقراطية في الإنتخابات المقبلة، وأنه ضد إستخدام المال الحرام، والمال العمومي الموضوع في الوزارات،وبأن الصراع بينه وبين التجمع الوطني للأحرار غير متكافئ لهذه الأسباب …

من لايعرف وهبي وكيف جيئ به وأي أجندة يخدم ولأي جهة يشتغل، وكيف دمر البناء التنظيمي لحزبه، سيعتقد لامحالة أنه أمام زعيم حزبي رصين و ديمقراطي، يسعى إلى خلق مناخ سياسي حقيقي للتنافس وإنجاح العملية السياسية …

كان سيبدو مفهوما ومقبولا إلى حد ما لو اكتفى وهبي ببيع وهم الدفاع عن الديمقراطية وإنتصار حزبه في الإستحقاقات المقبلة، لكسب الشرعية المفقودة داخل حزب منهك تنظيميا و يعيش حالة من الهروب الجماعي لمنتخبيه إلى باقي الأحزاب، بعد أن تحول إلى حلبة للصراعات الداخلية،لكن أن يقوم وهبي بتوجيه بوصلة النقاش لحزب التجمع الوطني للأحرار ويقفز عن كل الأمراض والأعطاب التنظيمية التي ساهم فيها، فإن ذلك لايعدو أن يكون محاولة لتصدير مشاكله وأزماته الداخلية ونهج سياسة الهروب إلى الأمام …

لكن يبدو أن العبارة السليمة الوحيدة ضمن حفلة البهرجة التي رافقت لقاء وهبي في ندوة مؤسسة الفقيه التطواني، هي عبارة “عدم التكافؤ” بين حزبه وحزب التجمع الوطني للأحرار…! فأمر طبيعي ومنطقي وحتمي أن لا يحصل التكافؤ بين من عمل على خلق هيكلة متماسكة على المستوى المركزي والمجالي، وبعث دينامية حقيقية في الهياكل المحلية والجهوية للحزب ، وساهم بقوة في بناء منظمات وقطاعات موازية فعالة تشكل بنية إستقبال حقيقية، مكنت التجمع من الإنفتاح على طاقات نوعية وفئات اجتماعية جديدة، وبين من عطل كل الآليات الديمقراطية داخل تنظيمه السياسي مستعيضا بها بنهج التعيين كسبيل جديد للممارسة التنظيمية الحزبية ، حيث عمد إلى تعيين مكتب سياسي بدل انتخابه كما تنص عليه قوانين الحزب ، و جرد رئيس فريقه البرلماني من مهامه و عين بدله شخصا آخر دون إستشارة أحد ، و استرسل في الإطاحة بأمناء التنظيمات الجهوية لحزبه و تعيين المقربين له على رأسها ، وجمد مجلسه الوطني الذي لم يعقد أي اجتماع له منذ المؤتمر لينتخب هياكله ،وقتل كل هيئاته الموزاية حتى يخلو له الجو للإستفراد بالقرار الحزبي رافعا شعار ” أنا وحدي مضوي البلاد”….

كيف يحصل التكافؤ بين التجمع الذي سعى رئيسه منذ الوهلة الأولى لتقوية مشروعيته عبر الإلتحام بمناضليه وتعزيز علاقات القرب مع المواطنين في كل الجهات والأقاليم، ناقلا إجتماعات مكتبه السياسي وقيادته ووزراءه للإنصات لهم في كل بقاع الوطن، وبين وهبي الذي سعى لكسب المشروعية السياسية لحزبه عبر تسوله صكوك المشروعية من الحزب الذي كان ينعته قياديوه الى وقت قريب بحزب البؤس والتحكم ويطالبون بحله ! ليصبح كل هم زعميه أن يرضى عنه “البيجيدي” ويضمن معه تحالفا حكوميا قد يجود عليه بمقعد وزاري في المستقبل حتى ولو مسخ بذلك هوية حزبه…

من الطبيعي أن لايكون التنافس متكافئا قبل أشهر من الإستحقاقات الإنتخابية بين من قدم عرضا سياسيا متكاملا يجيب فيه على التساؤلات التنموية للبلاد ،بمقاربة تشاركية ونقاش موسع ودراسات ميدانية دقيقة كانت محط إجماع كل مناضلات ومناضلي التجمع الوطني للأحرار،ليصدر ذلك في وثيقة مرجعية أثبتت الظروف التي مرت بها بلادنا أن ما جاء فيها يعكس بالفعل أولويات وإشكاليات وحلول واقعية.وبين عرض سياسي مبهم “لبام وهبي” لا تجد له أثرا له في كل وثائق الحزب بل لا يعرفه حتى أعضاؤه وعضواته، اللهم ما يجري من تهافت سياسي وهرطقات في مخيال زعميه الذي يعبر عنه وفق براغماتية جارفة، تعكس حجم التسرع و الإنتهازية المفرطة للرجل، إنتهازية سياسية تقوم على الربح القصير، الذي لا يبالي بالتكلفة في سبيل الوصول إلى الغاية، وهو ما يظهر ذلك في ممارساته الممزوجة بالسخرية، التي تصل إلى درجة البهلوانية، في غياب الحمولة السياسية لأداته الحزبية كاقتراحه في أحد خرجات الإعلامية لإحداث وزارة خاصة بالدار البيضاء..!

كيف يحصل التكافؤ بين حزب ساهم تأسيسه في إعادة التوازن للمشهد السياسي بالبلاد في مرحلة دقيقة وحساسة ، وعمل طيلة أربع عقود على خدمة الوطن من مختلف المواقع مقدما في ذلك العديد من التضحيات والتنازلات للخروج من العديد من الأزمات، وبين حزب ساهم تأسيسه في خلق أزمة سياسية بالبلاد بسبب التدليس و الغش و السرقة المكشوفة و المفضوحة لبرلماني باقي الأحزاب بابتزاز العديد من الأعيان ، والضغط عليهم من أجل تغيير انتمائهم وهو ما جعله بقدرة قادر يتحول الى جرار داخل الساحة السياسية هدفه الوحيد ضرب و اجثتات باقي الأحزاب ..

لكن وهبي عوض أن يكشف عن الأسباب الحقيقية التي تجعل التكافؤ بين حزبه وبين التجمع الوطني للأحرار مختلا، إختار الإختباء وراء الهرطقات الشعبوية لإخفاء سوء تدبيره للحزب، مستندا في ذلك على سيل من الإفتراءات والأكاذيب وهو الذي يعرف قبل غيره بإعتباره محاميا أنه لا يوجد أي حكم حولها اللهم بعض التصريحات المكروروة التي استلبها أو تأثر بها من قادة الحزب الذي يتملق له بمناسبة وبدون مناسبة!

ما يعيشه البام اليوم من تيه وتخبط هو نتاج طبيعي لأزمة بنيوية عميقة مرتبطة ببعض التناقضات التي اجترها منذ تأسيسه، سواء على مستوى المكون البشري أو مستوى مقروئية مشروعه المجتمعي، وساهمت الممارسة البيروقراطية لوهبي و سلوكياته الإستعلائية والابتزازية وعدم إحترام قواعد العمل الحزبي، وإحتقار الرأي الآخر والإفتقار إلى أبجديات الثقافة الديمقراطية والمؤسساتية، لإفراغ حزبه من قوته التنظيمية وجعلته تحت رحمة الإحتماء بالنافذين والأعيان في الجهات حتى صار حاله ينطبق عليه توصيف أمينه العام السابق في رسالته الشهيرة من الإكوادور “بالتحالف المصلحي لمليارديرات الحزب الجشعون الذين يريدون أمينا عام تحت الخدمة كمدخل للتحكم في التزكيات…. ”

لقد كان حريا بوهبي قبل أن يبحث عن مشجب” حزبي” يعلق عليه فشله ويهرب من خلاله عن النقاش الحقيقي حول سوء تدبيره،أن يستثمر ماتبقى من وقت لبناء مؤسساته على قواعد الديمقراطية والقانون والشفافية، ويجمع كل المنتسبين للحزب، عوض الهرولة في جميع الاتجاهات دون تصور سياسي واضح، أو بوصلة ناظمة ،فقط ليبيع للباميين بأنه قادر على قيادة الحزب والحفاظ على موقعه في المشهد السياسي،ويغرق الساحة السياسية بنقاش هامشي ، في زمن تمر فيه بلادنا بظرف دقيق لا يحتمل المزيد من المزايدات التي لا تفيد في المساعدة على عودة الثقة إلى المؤسسات….

* منير الأمني عضو المكتب الوطني للشبيبة التجمعية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *