وجهة نظر

الصراع الأمريكي الروسي إلى أين يتجه؟

كاتي رأي

في ظل الصراع الدائر بين أقوى قوتين عالميتين في العالم، يطرح السؤال ماهي أوجه العلاقة بين روسيا الإتحادية والولايات المتحدة الأمريكية بعد تولي الرئيس الأمريكي الحالي “جون بايدن” هرم السلطة في أمريكا وهل ينتهي الصراع القديم الجديد أم أن الوضع سيكون أكثر تصعيداً وتأثيرا على المنظومة الدولية؟

فبعد ما كانت العلاقات بين الطرفين في عهد ترامب تسودها الصمت أو كما يقال علاقات ” شبه باردة”، رغم وجود خلافات في الرأي والسياسة في مجموعة من الصراعات والقضايا الإقليمية والدولية وخاصة في الشرق الأوسط والتحديد النزاع السوري والملف النووي الإيراني.

لكن منذ تولي جو بايدن للحكم، وبعد انتخابات تاريخية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وفي ظل مخاوف من شبهات تزوير لحقت بالانتخابات، غير ذلك لم يمنع الرئيس الجديد من حسم المعركة في أخر المطاف، وتنصيبه على غير العادة، وبدون حضور الرئيس المنتهي ولايته”ترامب”، هذا كل جعل العالم يطرح عدة أسئلة في كيفية خروج الولايات المتحدة الأمريكية من أزمتها السياسية الداخلية؟

غير يبدو أن الرئيس الجديد قد اصطدم مع صراعات خارجية بات ملزم عليه التعامل معها لحل مجموعة من القضايا الخارجية، وبالتالي طرح ورجوع الولايات المتحدة الأمريكية على رأس الهرم الدولي بيد أن الأمر ليس بتلك السهولة وأمام دول عظمى ك روسيا والصين، التي بدأت امريكا تعرف معهم عدة نزاعات اقتصادية وصراعات على المواقع والثروات في كل من إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا. لكن السؤال هنا كيف يمكن أن تكون العلاقة الأمريكية_الروسية بعد كل هذه التطورات؟

من الملاحظ أن الصراع الروسي_الاوكراني، والتدخل الروسي في الأحداث الجارية في اوكرانيا، قد أثر بشكل أكبر على العلاقات الأمريكية_الروسية، لاسيما وأن اوكرانيا من الحلفاء الاستراتيجيين في المنطقة للولايات المتحدة الأمريكية وهي الذراع التي تتحرك فيه امريكا وحلف الناتو لمواجهة خطط روسيا في المنطقة وفي أوربا بصفة عامة.

إذن هذا الموقف والتدخل الروسي في اوكرانيا كثف من صور الصراع بين أقوى قوتين نوويتين في العالم، واعطى الانطباع أن العالم يتجه إلى “حرب باردة” بين القطب الشرقي (الروسي) والغربي (الأمريكي).

لاسيما وأن تدخل الروسي الحالي، قد أفرز عدة أحداث من أهمها فرض عقوبات من قبل الولايات المتحدة الأمريكية على روسيا، وفي المقابل طرد دبلوماسيين أمريكيين من موسكو، كل هذه الأحداث والتطورات المتتالية تعطى الانطباع أن الخصمين بات يلعبان بأوراق أكثر خطورة على السلم الأمن والسلم الدولي.

إضافة أن البلدين يخذوان صراعات إستراتيجية و سياسية وعسكرية خفية إما سرية أو بالوكالة على عدة جبهات إقليمية ودولية،وذا كان الصراع السوري و الملف الإيراني وتشابك المصالح بينهم في المنطقة هو الصورة العلنية للعالم ،في ذلك لا يعني أن ليس هناك صراعات نفوذ متفرغة وفي مناطق عدة إفريقيا و آسيا و أوروبا ،تفتح المجال إلى أن أوجه الصراع بين البلدين لن يختصر على الشرق الأوسط فقط بل سيمتد إلى مواقع وأراضي أخرى ،وذلك لتوسيع رقعة “المعركة الخفية” وكسب مناطق نفوذ جديدة ،إلى جانب أن الجانب الروسي بات مستعد لكل الاحتمالات، وذلك ما اظهرته الاتفاقات الاستراتيجية بين روسيا و الصين وهي إحدى الدول المنافس أيضا على الزعامة الدولية ،لكن تقرب الروس و كسب ودها يفتح المجال على مصراعيه مع الولايات المتحدة الأمريكية والتي لجأت إلى نفس الاستراتيجية وتحالفات مع قوى أخرى يحسب لها ألف حساب في المنطقة الآسيوية وهنا نعني الهند.

هذه التكتلات الدولية المتصاعدة، والتي يتحكم فيها صراع القطب الشرقي “روسيا” مع القطب الغربي “أمريكا” تؤكد لا مجال للشك أن العالم أصبح يعيش في دوامة قوامها الصراعات والأزمات الدولية وخاصة بين من يعتبر أنه يحافظ ويحمي السلم الدولي وما يصفون بدول “حق الفينو” داخل مجلس الأمن.

ختاما، يتضح أن الصراع الأمريكي_الروسي رغم أنه كان في بداية الألفية الجديدة يميل إلى كفة الولايات المتحدة الأمريكية وذلك بحكم ماكنت تتمتع بيه من قوة اقتصادية وعسكرية وأمنية عالمية، لكن مع مرور الوقت وخلال السنوات العشرة الأخيرة، بمكن القول أن روسيا الإتحادية قد نهضة من تداعيات ميراث “الإتحاد السوفياتي “السابق و أصبحت تمتلك قوة عسكرية ومالية تجابه بيها الولايات المتحدة الأمريكية و تحقق لها بالتالي التوازن.

هذا ما شهدناه في عدة تدخلات قامت بيها روسيا لتأمين نفوذها وإرجاع قوتها كما كانت سابقاً، وخير دليل هو ما يحصل في شرق الأوسط، وشمال إفريقيا إضافة إلى تأمينها لحدودها وتوسيعها لمناطق حدودها برا وبحراً.

من هنا يمكن القول إن العالم بات يعيش صراع وشيك بين قوتين عالميتين، إذا لم تكون هناك توافقات بين القوتين للحد منه سوف يتطور ليؤثر على التوازنات الدولية

ويصبح عالمي، وبالتالي العالم على حافة “حرب عالمية ثالثة”، إضافة إن العالم يعيش حرب أخرى مع جائحة أثرت على المعمورة اقتصاديا واجتماعياً. وجعلت سؤال: كيف مواجهو مواجهة هذا الوباء ? أحد اساسيات المرحلة والألفية الجديدة للبشرية، وبعيدا بذلك عن الصراعات التقليدية التي أدت بالشرية للانقسام وصراعات دامت عقود من الزمن.

* أحمد بابا أهل عبيد الله / باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *