منتدى العمق

الأحزاب السياسية المغربية وآفاق الانتقال الديمقراطي

في ظل التحولات التي يعرفها المشهد السياسي المغربي في العقدين الأخيرين، بات جليا تسليط الضوء على هذا المشهد في ظل ارتباطه الوثيق بالانتقال الديمقراطي، من خلال ما يعكسه مضمون هذه المقاربة التي تنظر إلى الكيفية التي تتفاعل به الأحزاب السياسية مع المشهد السياسي ومدى تبنيها للمبادئ الديمقراطية في ظل التراجعات التي تعرفها سواء على مستوى تبني برامج سياسية قوية أو على مستوى تجديد هياكلها التنظيمية.

إن إرساء أسس بناء الانتقال الديمقراطي وتطويره، باعتبار الديمقراطية بكل مضامينها السياسية والاجتماعية والثقافية تشكل إحدى الركائز الأساسية التي تنبني عليها الدولة الحديثة، فالحاجة إلى مواكبة الأحزاب السياسية بالمغرب لهذا الانتقال الديمقراطي ظل يلازمها لفترة طويلة وخصوصا وأنها مرت جلها بتجارب حقيقية في الحكم.

لقد ساهمت مجموعة من العوامل السياسية والاقتصادية والاجتماعية على تبني المغرب لمبادئ الديمقراطية والسعي نحو إصلاحات دستورية، تهم بالأساس محاولة دمقرطة العمل السياسي في ظل التراجع الذي أبانت عليه الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة السياسية، مما يطرح مسألة المعضلة الحزبية في صناعة نخب جديدة قادرة على تبني الانتقال الديمقراطي الذي يحتاجه المغرب.

هنا لابد من طرح سؤالا جوهريا، حول دور الأحزاب في صناعة الرهانات السياسية التي توجه النخبة والفاعلين في الحقل السياسي بالمغرب؟ طبعا لا يمكن أن نستثني هنا الأثر الكبير الذي تلعبه الأحزاب السياسية في إضعاف المشهد السياسي والمساهمة في عرقلة الخيار الديمقراطي، والعرض السياسي الذي تقدمه يعتبر مؤشرا واضحا على التحلل من الرهانات والمسؤولية التاريخية التي تحملها على عاتقها.

هذا المشهد المتأزم، جاء نتيجة لتراكم الانتكاسات المتكررة لهذه الأحزاب التي أصبحت تراهن وتناضل فقط على بقائها في الخريطة السياسية، وذلك بعد أن فشلت في تطوير هياكلها التنظيمية بما يتناسب مع التغييرات التي يعرفها المجتمع المغربي، وبالتالي عدم قدرتها على امتلاك الجرأة على تجاوز المعيقات الداخلية والخارجية، بما يكفي للاستجابة للمطالب المجتمعية والتغييرات الديمقراطية.

إذا كان الربيع العربي قد استطاع أن يدفع الدولة إلى القيام بإصلاحات جوهرية وأساسية على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وقد تم تأكيدها في خطاب 9 مارس وتمت ترجمتها في دستور 2011، فإن رياح التغيير لم تطل الأحزاب السياسية التي ظلت محافظة على تجربتها التقليدية ولم تستطع الخروج عن نمطها القديم، هذه الوضعية ساهمت في الحفاظ عن نفس الوجوه السياسية على المستوى الوطني وعلى مستوى المحلي.

إن الأحزاب السياسية قد فشلت لعقدين من الزمن لمواكبة التغيير الذي يستحقه مواطن اليوم، ولم تكن قادرة على الاستجابة للإصلاحات الدستورية التي تهم المقاربة التشاركية والحرية السياسية من خلال الاستجابة لتطلعات المواطنين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *