منتدى العمق

تازة مع غزة

كثيرا ما نسمع في الآونة الأخيرة عبر وسائل التواصل شعار “تازة قبل غزة” ويظهر هذا الشعار دائما حين تطفو حملة التضامن مع قطاع غزة جراء ما يتعرض له من عدوان صهيوني بين الفينة والأخرى، والمراد من الشعار طبعا إيصال رسالة مفادها أن التضامن مع تازة أولى من التضامن مع غزة وأن القريب أولى من البعيد…

لكن ليكون الشعار جيدا ومنطقيا وجب على مطلقيه وعلينا بالتبع أن نلتزم به جميعا دون الالتفات إلى قضية أخرى إقليمية كانت أو دولية، ما دام وطننا يعج بالمشكلات والمصائب، لكن مطلقي الشعار يكيلون بمكيالين، والمعايير عندهم مزدوجة.

فأصحاب هذا الشعار بمجرد وقوع حادثة في أقاصي العالم (يكفي فقط أن يكون الضحايا زُرْقَ الأعينِ، شُقْرُ الرؤوس) تقوم الدنيا عندهم ولا تقعد، ويسبحون بحمد الإنسانية صبح مساء ويغيرون صورهم الشخصية، وما “شارلي إيبدو” منا ببعيد. وإذا قلت لهم بأن تازة أولى بالتضامن من هذه القضايا يجردونك من الإنسانية وينعتونك بك أسوء النعوت والأوصاف، ويلصقون بك أفظع الاتهامات.

لكن حين يتعلق الأمر بضحايا مسلمين كالروهينجا وبورما والبوسنة والهرسك وكشمير وسوريا واليمن والعراق وليبيا ومالي وفلسطين. الذين تجمعنا معهم رابطة العقيدة والدين وليست العروبة كما يعتقد البعض. تجد أصحاب شعار “تازة قبل غزة” يختفون ويدفنون رؤوسهم في الرمال وتتضائل أشكالهم فلا تكاد تسمع لهم ركزا، بل يعارضون أي تضامن مع هؤلاء بحجة أن تازة أولى بالتضامن..، فينسون أو يتناسون أن التضامن يمكن أن يكون للكل ومع الكل، فيمكن أن تتضامن مع تازة وفي نفس الوقت تتضامن مع غزة إن كان فعل التضامن فعلا نابع من الإنسانية وليس فيه محاباة لفكر أو توجه دون آخر.

هؤلاء لا يستسيغون أن يتضامن الإنسان مع كل القضايا العادلة والمشروعة ويرون أنهم فقط من له الصلاحية في تحديد القضية التي يجب التضامن معها، وأن تجاوزها أو إضافة قضية لها يعد خيانة لها وخروجا من زمرة المتنورين.

مالكم كيف تحكمون.

وبالتالي نعلنها واضحة وصريحة: ” تازة مع غزة” ومع كل المظلومين.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *