خارج الحدود

السيسي يستبق ذكرى ثورة يناير بمنع التظاهر في كل مكان

قبل أيام من الذكرى السادسة لثورة 25 يناير 2011، أصدرت وزارة الداخلية المصرية قرارا بحظر التظاهر في محيط المؤسسات الحكومية والبعثات الدبلوماسية والمرافق العامة.

وبينما كانت قوى سياسية ونشطاء يطالبون، على مدار أكثر من ثلاث سنوات، بإلغاء قانون التظاهر، باعتباره مخالفا للدستور ومكبلا لحق التعبير عن الرأي، فاجأ النظام الجميع وأصدر هذا القرار الذي يضيف مزيدا من القيود على تنظيم المظاهرات.

وأعلن مساعد وزير الداخلية لقطاع أمن القاهرة، خالد عبدالعال، أنه تم تخصيص مساحة 800 متر من جميع الاتجاهات المحيطة بالمنشآت الحيوية لتكون بمثابة حرم آمن لها، وتشمل القائمة المباني الرئاسية والنيابية، ومقرات المنظمات الدولية والبعثات الدبلوماسية الأجنبية، والمنشآت الحكومية والعسكرية والأمنية، والمنشآت القضائية، والمستشفيات والمطارات، والمنشآت البترولية، والمؤسسات التعليمية، والمتاحف والأماكن الأثرية، والمرافق العامة.

ويقول مراقبون إن القرار الأخير ألغى فعليا حق التظاهر، إذ لا يوجد شارع رئيسي في القاهرة يخلو من إحدى هذه المنشآت التي شملها القرار الأخير.

التظاهر ممنوع حتى ولو بتصريح

وكانت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة قد قضت يوم الأربعاء الماضي؛ بمنع تنظيم مظاهرة أمام مقر مجلس الوزراء، طالبت قوى سياسية بتنظيمها، احتجاجا على تنازل الحكومة عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية، وأمرت المحكمة بنقل المظاهرة إلى حديقة عامة في القاهرة.

وجاء هذا الحكم بعدما تقدمت وزارة الداخلية بدعوى تطالب فيها المحكمة بمنع التظاهرة أمام المقر الواقع بالقرب من ميدان التحرير، قائلة إن هذه المظاهرة ستؤدي إلى تعطيل حركة المرور وإثارة الفوضى في قلب العاصمة، وطالبت بنقل المظاهرة إلى حديقة الفسطاط جنوبي القاهرة.

ونقلت وكالة أنباء الأناضول التركية عن مصدر أمني تأكيده؛ أن السلطات لن تسمح بالتظاهر في المناطق المحددة في القرار، سواء حصل المنظمون للمظاهرة على تصريح بالتظاهر أم لا، مبررا ذلك بالحرص على حماية هذه المنشآت الحساسة في ظل موجات التخريب التي تشهدها البلاد، بحسب المصدر.

ووافق مجلس الوزراء المصري، في دجنبر الماضي، على تعديل المادة العاشرة من قانون التظاهر؛ التي قضت المحكمة الدستورية العليا ببطلانها لعدم دستوريتها. وألغى التعديل سلطة وزارة الداخلية على إلغاء المظاهرات، وألزمها باللجوء إلى القضاء لطلب إلغائها أو تأجيلها أو نقلها إلى مكان آخر.

“الفسطاط” مثل “هايد بارك”

من جانبه، دافع أستاذ العلوم السياسية محمد كمال؛ عن هذا القرار، قائلا إنه لا يعد منعا للتظاهر أمام المصالح الحكومية، “بل هو إجراء روتيني لتنظيم التظاهر حتى لا تتعطل حركة المرور وتتعرض مصالح المواطنين للضرر”.

وأضاف كمال لـ”عربي21″ أن محكمة الأمور المستعجلة “استخدمت حقها القانوني ورفضت التظاهر أمام مجلس الوزراء؛ لأنه طبقا المادة العاشرة من قانون التظاهر أصبح استخراج تصريح المظاهرة من المحكمة، وعلى إثره استخدمت الداخلية أيضا حقها في رفع قصية لرفض التظاهر في هذا المكان، والمحكمة اختارت مكانا بديلا وهو حديقة الفسطاط، فإذا كان هناك شباب يريد التظاهر بشكل سلمي فليذهبوا إلى الحديقة”، وفق قوله.

وقال إنه “أصبحت هناك أماكن معدة سلفا للتظاهر، بعيدا عن المؤسسات الحكومية والدبلوماسية، وأصبحت حديقة الفسطاط مكانا للتظاهر مثل “هايد بارك” في لندن، فإن كنا نتحدث عن قانون ودولة فعلينا أن نتعلم من الدول المتقدمة طريقة التظاهر الحضارية”.

منع التظاهر لن يأتي بالأمن

لكن محمد زارع، مدير مركز القاهرة لحقوق الإنسان، أكد من جهته؛ أن “الداخلية تتعنت كثيرا ضد أي مظاهرة تنظمها القوى السياسية، على الرغم من أن التظاهر حق كفله القانون والدستور في أي مكان؛ طالما كان سلميا ولا يتضمن أي نوع من العنف أو التخريب”.

وأضاف زارع لـ”عربي21″: “الداخلية ومعها محكمة الأمور المستعجلة تضرب بالدستور والقانون عرض الحائط”، مشددا على أنه “من حق الناس أن تتظاهر في أي مكان للتعبير عن رأيهم”.

وأوضح أنه “حتى قانون التظاهر المعيب لا يمنع التظاهر أمام المؤسسات الحكومية والدبلوماسية، لكن في ظل حالة القمع التي تمارسها الأجهزة الأمنية وتردي أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، اضطرت وزارة الداخلية إلى إصدار قراراها الأخير الغريب والمتعنت بسبب خوفها من تبعات هذه المظاهرة”، على حد قوله.

كما حذر عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان (جهة حكومية)، الحكومة من هذا القرار، قائلا، في تصريحات صحفية مساء الخميس، إن منع التظاهر السلمي لن يأتي بالأمن.

من جانبه، أعلن جورج إسحاق، عضو المجلس، رفضه للحكم القضائي بنقل المظاهرة إلى حديقة الفسطاط، وتعهد بمواصلة النضال لإسقاط القوانين المكبلة للحريات، ومن بينها قانون التظاهر.

وأضاف إسحاق، عبر “فيسبوك”: “كنا نرغب في التظاهر أمام مجلس الوزراء لتوجيه رسالة سياسية واضحة للجهة التي وقعت على اتفاقية التفريط في التراب الوطني، وندعو كل المدافعين عن مصرية تيران وصنافير للاحتشاد يوم الاثنين المقبل لحضور جلسة مجلس الدولة التي ستنظر القضية”.

عربي 21