منتدى العمق

موسم حج السياسيين

مدنٌ وقرى لا نعرف عنها شيئا، أو إذا أردنا أن نكون أكثر دقة، لا يعرف عنها السياسي المغربي إلا النزر القليل من المعلومات الهامشية؛ كأن يقال زاكورة مدينة التمور، أو ملتقى الثقافات، أو المدينة التي عرف سكانها بالجود والكرم.

في الدار البيضاء، والرباط، وطنجة حيثما وليت وجهك تجد عاملا، يجد ويكد من أجل قوت فلذات كبده، ولأن الظروف قاسية أرغمتهم في الكثير من الأحيان على الترفع عن التفاوض في العمل، وأجبرتهم على التنازل عن الكثير من الحقوق؛ لهذا وذاك يطيب لسكان المدن الكبرى السالفة الذكر أن يصفوهم ب ” الله يعمرها دار”.

ملحوظة هامة

الله يعمرها دار لأنهم يتنازلون عن حقوقهم، إلا أن هذا لا يلغي الصفات الحميدة التي يتميزون بها؛ ومنها روح المسؤولية.

نعود إلى البداية، تلك المدن التي لا نعرف عنها شيئا، وقد أعطيت المثال بمدينة زاكورة مسقط رأسي، زاكورة التي تجمع بين المتناقضات، قلعة المناضلين، ومقبرة المآسي وكل صنوف التهميش، تعرف في كل محطة انتخابية حجا منظما لكثير من السياسين الذين يتخلصون من رابطات العنق، من التعالي الذي يسم شخصياتهم، وينزلون إلى الميدان، فيستقبلهم المريدون بالورود في أرض متربة ذبلت فيه الأزهار، و اختُصرت الأعمار بسبب انعدام الماء وأبسط شروط الحياة.

أيها السياسيون الكسالى، إنكم تعيدون عن وعي أو عن غير وعي، إلى الأذهان، صورة التلميذ الكسول الذي يغيب طيلة السنة ثم يظهر فجأة في فترة الامتحان بمظهر التلميذ المجد غير أنه يخفي نية كبيرة في الغش من أجل النجاح في الاستحقاقات.

وأنا أتابع مواقع السوشل ميديا لفت انتباهي سياسي مغربي ينتمي إلى حزب “عريق” يستقبله وفد من تنزولين (فيلاج ينتمي إلى إقليم زاكورة) يستقبله بالورد، فاغرا فاه، تنفرج منه ابتسامة يصعب تأويلها؛ أهي صادرة عن الفرح بحفاوة الاستقبال، أم ابتسامة من الابتسامات الصفراء غير البريئة.

أبها الحجاج الأفاضل، الذين يحجون إلى زاكورة كل محطة انتخابية لغاية يعرفها القاصي والداني، كفاكم استغباءً للناس، وارحموا قليلا ذكاءنا ، فالهامش الذي بُعثنا فيه من الرماد علمنا أن نميز بين السياسي النبيل الذي يخدم الصالح العام، وبين المسترزقين بأصوات الناس بغية تحقيق مآربهم الخاصة.

رسالة أخيرة لأكبر مسؤول في البلاد : زاكورة مدينة سكانها يحبون وطنهم، أما آن الأوان أن يوفر لهم الماء، وبعض الشروط الأساسية للحياة الكريمة كي لا يتحولون إلى عصاة؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *