مجتمع

محمد أمين عبدوني.. قصة مستثمر شاب قادته رحلة إنجاز مشروع بالحسيمة إلى السجن

يحكي الشاب محمد أمين عبدوني، بحرقة شديدة، كيف تحول حلمه بإنجاز مشروع استثماري بالمغرب، اختار أن تكون انطلاقته من مدينة الحسيمة مسقط رأسه، إلى جحيم، فما هي إلا شهور على مباشرته للإجراءات المسطرية حتى تطورت القصة بشكل درامي، ووجد الشاب نفسه داخل أسوار السجن المحلي لمدينة الحسيمة.

من هولندا إلى الحسيمة

اشتغل محمد أمين عبدوني لسنوات في هولندا، حيث راكم تجربة في ميدان الوجبات السريعة، لكنه في أواخر سنة 2019 قرر الدخول بشكل نهائي إلى المغرب وإنجاز مشروع عبارة عن سلسلة مطاعم للوجبات السريعة بالمغرب، تكون بدايته من الحسيمة، بعدما أمضى 3 سنوات في التخطيط له.

باشر عبدوني منذ بداية 2020 الإجراءات القانونية والمسطرية لإنجاز المشروع الذي يحلم به، حيث توجه في البداية لرئيس المجلس الجماعي للحسيمة، “التقيت به وطرحت عليه فكرة المشروع، وأخبرته أنني مستعد للمغامرة والاستثمار بالمدينة رغم الركود الاقتصادي الذي تعرفه”.

وقال المتحدث إن رئيس المجلس البلدي أحاله على المدير العام للمصالح الجماعية بالجماعة، الذي سلمه “ملفا متكاملا” حول المشروع عوض إيداعه بمكتب الضبط وأخذ توصيل يثبت ذلك، “بعد 20 يوما من الانتظار اكتشفت أن الملف اختفى ولم يعد له أثر”، يقول عبدوني.

اضطر الشاب العائد من هولندا إلى إعداد ملفه من جديد، قدمه هذه المرة إلى رئيس المجلس البلدي، فأخبره هذا الأخير بصعوبة الترخيص لهذا المشروع، بحجة أن هناك “مقررا” يمنع الترخيص للأكشاك واستغلال الملك العام، لكن عبدوني شدد على أن مشروعه ليس كشكا، “بل هو مقعى ومطعم بمواصفات عالمية يبنى بمواد خفيفة قابلة للتفكيك”.

استمات محمد أمين في الدفاع عن مشروعه أمام رئيس المجلس البلدي، فدعاه الأخير إلى تقديم مشروعه لولاية جهة طنجة تطوان الحسيمة، “توجهت إلى ولاية الجهة طرحت فكرة المشروع، ثم توجت إلى عامل الإقليم ودافعت عنه، إلى أن أدرج في إطار برنامج الشباب حاملي المشاريع”.

في غشت من العام الماضي، راسل رئيس مركز الاستثمار بمدينة الحسيمة، رئيس المجلس البلدي بالمدينة ذاتها، وأحال عليه محضر اجتماع اللجنة الإقليمية لمواكبة الشباب حاملي المشاريع بخصوص طلب عبدوني، مرفقا بنسخ من الطلب الذي تقدم به الشاب وبطاقته الوطنية والبطاقة التقنية لمشروعه.

وجاء في محضر المنصة الإقليمية، الذي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه، أن اللجنة “وقفت على أهمية المشروع وآثاره الاقتصادية واستحضار المساطر الإقليمية المتعلقة بالاحتلال المؤقت للملك الجماعي”.

مشروع عبدوني يتمثل في إقامة مطعم للوجبات السريعة بمواد خفيفة قابلة للتفكيك، لذلك أحالته المنصة الإقليمية على رئيس المجلس البلدي للحسيمة بحكم اختصاصه فيما يتعلق بالاحتلال المؤقت للملك العمومي، قصد مباشرة مسطرة الترخيص، مشيرة إلى أنها “لا ترى مانعا في الاستجابة لطلب محمد أمين عبدوني”.

بعد هذه الإحالة، يحكي عبدوني، لـ”العمق”، أنه واجه تماطلا من مسيري المجلس البلدي، “رغم أنني تلقيت وعودا من الرئيس بأن المشروع سيدرج في دورة المجلس لشهر شتنبر، إلا أن ذلك لم يتم”.

يوضح الشاب الثلاثيني أن موافقة مركز الاستثمار، ثم الموافقة المبدئية فيما بعد لرئيس المجلس الجماعي، أوهماه بأن الطريق سالكة لإنجاز مشروعه، وهو ما دفعه لاقتناء عدد من المعدات يقدر ثمنا بـ80 مليون سنتيم.

وردا على اتهامه بعرقلة المشروع الاستثماري لعبدوني، أوضح رئيس المجلس الجماعي لمدينة الحسيمة محمد بودرا أن هذا الأمر “غير صحيح” وأنه “لا يوجد أي قرار رسمي بالرفض”.

وقال بودرا في بيان نشره على “فيسبوك”، “بل على العكس حاولت مساعدة المعني بالأمر، حسب صلاحياتي القانونية، لأن ملفه في شقه المتعلق بالبلدية، يتعلق بِاحتلال الملك العام، لتشييد مطعم بالساحة المجاورة للمسرح الجديد، قرب الملعب البلدي شيبولا، وهذا الأمر يتنافى مع مقرر للمجلس البلدي، يقضي بمنع الترخيص للأكشاك داخل المدينة، خاصة المتعلقة باحتلال الملك العام”.

واسترسل “لذلك قمت بإدراج هذا الطلب في دورة أكتوبر، وقد تمت الموافقة المبدئية، على أن تتكلف لجنة المرافق العمومية، بدراسة الأماكن الممكنة لترخيص المشاريع المقدمة من طرف شباب الحسيمة دون أي تمييز بينهم”.

بعد هذا المسلسل من الإجراءات، قرر عبدوني تنظيم وقفة احتجاجية أمام المجلس البلدي، وفتح باب التوقيع على عريضة تضامنية معه، حيث تجاوز عدد الموقعين عليها 2000، حيث يتهم مسيري الجماعة بعرقلة إنجاز مشروعه الاستثماري.

يقول إنه كان في سيارة يكتريها، وكان بصدد تصوير مقطع فيديو حول بناية في ملكية أحد نواب رئيس جماعة الحسيمة، قبل أن يفاجئه الأخير ويهجم عليه ويعنفه، لكن نائب رئيس البلدية نفى هذه الواقعة في مقطع فيديو نشره على حسابه بموقع “فيسبوك”.

غضب واعتقال

بعد هذه الحادثة، يحكي عبدوني أنه دخل في حالة غضب شديد بعدما أحس بأنه تعرض للظلم، فامتطى سيارته وصدم بابين لفندق يعود إلى ملكية نائب رئيس الجماعة المذكور، وهو ما نتج عنه تكسير البابين، لتتم متابعته في حالة اعتقال بتهم تتعلق بتخريب ممتلكات الغير.

مباشرة بعد دخوله للسجن دخل عبدوني في إضراب عن الطعام دام 9 أيام، “توقفت عن الإضراب عن الطعام كتعبير مني عن حسن نيتي، على أمل إنصافي مما تعرضت له أنا وعائلتي”، قبل أن يعاود إضرابا عن الطعام دام 21 يوما بالتزامن مع إدخاله للزنزانة الانفرادية.

عبدوني الذي غادر السجن المحلي لمدينة الحسيمة بعد تمتيعه بالسراح المؤقت، أصبح مثقلا بتقرير طبي مسلم من المستشفى الإقليمي للحسيمة، بعدما أحيل عليه محمد أمين من طبيبة السجن، يقول إنه مصاب منذ 2020 بـ”اضطراب الفصام الوجداني”.

ويقول أمين لـ”العمق” إنه أحيل في بداية الأمر على طبيبة السجن بسبب ألم في الرأس، معتبرا أن استصدار هذا الملف الطبي بهذا الشكل يراد منه “التخلص منه”، قائلا “بغاو يرجعوني حمق باش يتفكو مني”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • كمال
    منذ 3 سنوات

    قصة هذا "المستثمر" غير منطقية بالمرة ! كيف له أن يشتري معدات ب 80 مليون سنتيم ولا يستطيع كراء محل يغنيه عن الدخول في سجال مع المسؤولين عن حماية الملك العام؟ هناك الكثير من الأمور الغريبة في عذا الموضوع من بدايتها لنهايتها، لذلك تصديق كل هذا أمر

  • الدكتور عبدالرزاق
    منذ 3 سنوات

    واش عندك الفلوس ...سير ابحث عن عقار خاص تقوم بشرائه ...وابتعد عن الملك العمومي فهو لجيع المواطنين المغاربة... غريب... مستثمر يريد الاستثمار في الملك الجماعي العمومي أي في أرصفة الطرق لا وألف لا ...شوارع المغرب ضاقت بسبب المقاهي والمطاعم