انتخابات 2021، سياسة

ماذا يحدث بالاشتراكي الموحد؟ .. محاولة لإنقاذ الحزب من عبء الفيدرالية أم بداية لانشقاق جديد؟

الأمينة العامة للحزب الإشتراكي الموحد

تصاعدت وثيرة الخلافات داخل الاشتراكي الموحد بعد قرار فك الارتباط بفيدرالية اليسار والترشح برمز الشمعة خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، واتهام عدد من الرفاق نبيلة منيب بالانقلاب على القانون الأساسي والورقة التنظيمية للفيدرالية.

وعبر أزيد من 100 عضو بالمجلس الوطني للحزب الاشتراكي الموحد، عن رفضهم للخطوة التي أقدمت عليها زعيمة الحزب نبيلة منيب، معتبرين أن القرار الذي قُدِّمَ باسم قيادة الحزب الاشتراكي الموحد يتناقض مع التوجه الذي رسمته أرضية (الأفق الجديد) التي حازت على 80% من الأصوات في المؤتمر الأخير للحزب.

اللجنة المركزية لحركة “حشدت” التابعة لحزب منيب خرجت بدورها في بيان تقول فيه إنها انتصرت لوحدة اليسار معلنة فك ارتباطها السياسي بالحزب الاشتراكي الموحد.

الاختلافات كانت واضحة داخل الفيدرالية

وفي سياق هذه التطورات التي يشهدها الحزب، قال أستاذ العلوم السياسية في كلية الحقوق بوجدة عباس بوغالم، إن ما تعرفه الأحزاب التي كانت منضوية تحت لواء الفيدرالية من خلافات كانت موجودة في السابق التي ظهرت في كل اللقاءات والمؤتمرات التي تم عقدها في محاولة الاندماج والدخول للانتخابات بلوائح مشتركة.

وأضاف المتحدث في تصريح لجريدة “العمق”، أن “التباينات والاختلافات كانت واضحة داخل مكونات الفيدرالية والتي تعود لاعتبارات مرجعية فكرية، ومرتبطة بقراءة الواقع السياسي الذي تختلف من تيار إلى آخر”.

وقال أيضا إن هذه التباينات والاختلافات تعود في جزء منها إلى التأثير والحضور القوي لبعض الزعامات والقيادات التي لها قراءة للواقع السياسي المغربي لا زالت تمتح من مرحلة تاريخية سابقة.

وأشار بوغالم إلى أن كل التيارات المنتمية لليسار تحتاج إلى وقفة ومراجعة وإلى تبني خطوات من شأنها أن توحد الصف اليساري عموما، “وهذا هو الخيار الوحيد والأوحد الذي يمكن أن يضع لليسار المغربي موقعا ضمن الخريطة الحزبية بالمغرب، وإلا فإن هذا التشرذم سيجعل من اليسار مجرد ذكرى وفكرة سابقة ومعطى تاريخيا”.

وأضاف أستاذ العلوم السياسية أن الأزمة المرجعية الفكرية التي تعاني منها التيارات اليسارية لها جذور ممتدة في التاريخ السياسي المغربي، وأن الفكرة اليسارية موجودة ولكن من يحمل لواء هذه الفكرة غير موجود، وفق تعبيره.

وأشار في هذا السياق إلى غياب قيادة كاريزمية تملك المواصفات التي تسمح لها بلم شمل العائلة اليسارية، وهو الأمر الذي وضع اليسار أمام قيادات وسطى لا تحظى بتلك الاعتبارات القيادية التي من شأنها أن تقود التيار اليساري المغربي.

ضحية ضعف الديمقراطية الداخلية

أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض عبد الرحيم العلام اعتبر أنه “عندما نتحدث عن الاشتراكي الموحد نتحدث عن حزب له مواقف كبرى بإمكانها أن تستقطب عددا كبيرا من المواطنين والمواطنات، إلا أنه يظل حزبا صغيرا بالنظر إلى عدد أعضائه”.

وعزا عبد الرحيم العلام في تصريح مماثل لجريدة “العمق”، ذلك إلى غياب القوة التأطيرية وعدم قدرة الحزب على الانفتاح على قطاعات واسعة من المغاربة لأسباب متعددة منها الحضور الأيديولوجي القوي داخل أوراق الحزب، لأنه في النهاية حزب يساري والمغاربة ليسوا كلهم يسار.

حزب لديه شهرة خاصة مع وجود أمينة عامة على رأسه، يضيف العلام، ولكن كغيره من الأحزاب المغربية وخاصة اليسارية هو ضحية لضعف الديمقراطية الداخلية، مبرزا أنه عندما يكون هناك ضعف في الديمقراطية الداخلية فإن الذي يحدث هو الانشقاقات لأن هناك فئات تريد أن تصل إلى مستوى معين وأن تتخذ قرارات أو تحترم قرارات المؤسسات، وعندما لا يحدث هذا الأمر فهي تتوجه نحو الانشقاقات وإلى فك الارتباط.

وأشار إلى أن مسطرة تشكل الاشتراكي الموحد هي مسطرة الانشقاقات، إذ تم تشكيله من مجموعة من الأشخاص الذين غادروا أحزاب سياسية أخرى احتجاجا على ضعف الديمقراطية الداخلية بأحزابهم، ومن الصعب جدا أن يقبلوا بإطار آخر يعاني من نفس المرض.

وقال إن الصفة المشتركة بين أعضاء الاشتراكي الموحد هي التمرد ومواجهة أي ضعف في الديمقراطية الداخلية، وليست لديهم أي مشكلة في الإعلان عن الانشقاق، لأن تاريخ جزء من البروفايلات المشكلة للحزب مرتبط برفض اللاديمقراطية الداخلية.

وقال إن الاشتراكي الموحد مأسس التيارات خوفا من الانشقاق، وما حصل مؤخرا أظهر أن التيارات ليست عاصمة من الانشقاقات، مضيفا أن غياب الديمقراطية الداخلية سيمزق هذا الحزب الصغير أصلا.

ورجح المتحدث ألا يحصل الاشتراكي الموحد على أي مقعد برلماني خلال الانتخابات المقبلة، بعد أن تنسب إليه تهمة غياب الديمقراطية الداخلية، لأن الأمينة العامة قامت بأشياء لم تستشر فيها حتى نائبها، وفق تعبير العلام.

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن المواطنين سيتساءلون كيف لأمينة عامة أن تطالب بالديمقراطية على مستوى الوطن وهي لم تحترم الديمقراطية داخل حزبها.

وفي تعليقه على موقف شبيبة الحزب، قال إنها ليست في المستوى الذي كنا نتوقع كمراقبين، فالشبيبة ليست فيها بروفايلات معروفة وليس لها تأثير أكاديمي أو نضالي، وبالتالي فإننا نتحدث عن شبيبة محدودة العدد والتأثير، وفق تعبيره.

الاشتراكي الموحد لا يستفيد من باقي مكونات الفيدرالية

أما أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة سيدي محمد بن عبدالله فاس أمين السعيد فقد علق على ما يحدث داخل الاشتراكي الموحد بالقول إن “سحب الأمينة العامة للحزب الاشتراكي الموحد نبيلة منيب توقيعها من التصريح المشترك المحال إلى وزارة الداخلية المتعلق بالترشيح المشترك الذي يضم ثلاثة أحزاب (حزب الاشتراكي الموحد، حزب الطليعة الديمقراطي، حزب المؤتمر الوطني الاتحادي)، قد خلق نقاشا واسعا تجاوز نطاقه القواعد الملتئمة تحت التحالف الثلاثي”.

وفي هذا الإطار، يضيف المتحدث، “ودون الدخول في الحيثيات التنظيمية المتعلقة بمدى انسجام وانضباط هذا القرار للأنظمة الأساسية للأحزاب الثلاث أو مسايرته لمخرجات دورات المجالس الوطنية والبرامج التعاقدية الداخلية التي تهم الأمينة العامة بقواعد الحزب، يمكن مقاربة هذا التوجه من زاوية التحليل العقلاني المبني على الربح والخسارة ومن زاوية الفلسفة النفعية المنفلتة من العواطف والمشاعر”.

وأضاف أستاذ القانون الدستوري والعلوم السياسية أن التقييم العام لتجربة فيدرالية اليسار منذ خمسة عشرة سنة، وأثرها على المشهد السياسي تظهر الدور البارز للحزب الاشتراكي الموحد وأمينته العامة، وهو ما يفيد أن التراكم والاشعاع والتدافع الذي حققته فيدرالية اليسار، يعود لجزء منه للحزب الاشتراكي الموحد، ذلك أن منطق الخيارات العقلانية ومعجم البيانات الحسابية يبين أن حزبي الطليعة الديمقراطي وحزب المؤتمر الوطني الاتحادي يستفيدان من الحزب الاشتراكي الموحد أكثر مما يستفيد هذا الأخير من الحزبين.

وأشار إلى أنه من هذا المنطلق، يمكن العودة إلى محاضر المحطات الانتخابية السالفة، وتحليل مدى مساهمة كل حزب في الأداء الانتخابي سواء فيما يتعلق بالترشيحات، أو الحملة الانتخابية، أو حصد النتائج، حيث برز بشكل واضح أداء الحزب ونوابه وأمينته العامة في الخمس السنوات الأخيرة.

ولفت إلى أن بعض التصريحات والمواقف التي أدلت بها الأمينة العامة خلفت بعض الانتقادات سواء من قبل المجتمع المدني أو الفاعلين السياسيين، وهذا ما يعني أن تكلفة الأخطاء السياسية يتحملها حزب الاشتراكي الموحد وأمينته العامة، دون أن يمتد إلى حزبي الطليعية الديمقراطي وحزب المؤتمر الاتحادي، لذلك تتوارى قيادات الأحزاب الأخرى في الدفاع عن الهفوات التي يقع فيها الحزب الاشتراكي الموحد وأمينته العامة.

وختم أمين السعيد تصريحه بالقول “بالعودة إلى قواعد فيدرالية اليسار، يتضح أن التوجه العام ظل رهن الحلم الكبير المتمثل في المشروع الاندماجي، غير أن هذا التوجه لا ينتبه إلى التحولات السياسية الحزبية خلال مرحلة ما بعد حكومة التناوب وما عرفه الحقل الحزبي في سياق ما عرف بالربيع العربي، ذلك أن قوة اليسار لا تقاس في اندماجه أو وحدته وإنما تقاس بنمط علاقته بالدينامية الشعبية وبالتعاطف الذي يحدثه داخل القوى المجتمعية”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *