منتدى العمق

الشواطىء ملك للجميع : هل هذا صحيح؟

سعدت حين تدخلت بعض السلطات المحلية و حررت الشوارع و الشواطىء لتمكن المواطن من حقه في المجال و تحميه من تصرفات عدوانية صادرة عن شبه مافيات سوف تكبر و تزيد خطورتها إذا غاب الفعل و تطبيق القانون. سعد الكثير من أصحاب السيارات بعد أن تحركت بعض آليات ضبط أمكنة المساحات المخصصة لوقوف سياراتهم.

و لن ننسى أن جرائم ارتكبت من طرف شبيحة الشارع في حق من أراد التوقف لقضاء حاجة و لم تسعفه إمكانياته لدفع ما يطلبه ممتهنوا السيطرة على فضاءات عامة مخصصة لركن السيارات. و صفق كثير من المواطنين للجرأة و الحزم التي إبان عنها بعض رجال السلطة حين طردوا بعض أولئك الذين يحتلون الشواطىء و يفرضون على المواطنين أداء مبالغ للتمكن من الجلوس أمام شاطىء في أمن و أمان. نعم هذا شيء جميل و دور حضاري للسلطة في بلد له دستور يضمن حقوقا كبيرة و يحمي المواطن من الشطط مهما كان مصدره.

و لا يمكن أن نظل حبيسين لما أمكن من ضبطه و السيطرة عليه أمام واقع ذو حجم كبير . صحيح أن ما تم القيام به مهم و لكن نجاح بعض عمليات إرجاع الحق إلى أهله كانت ضد أشخاص جلهم ممن يعيشون وضعية هشاشة و من يريدون إستغلال غياب الرقابة لتحصيل أكبر دخل ممكن و لو تخطى هذا الدخل مرحليا دخل الكثير من الموظفين .الدولة يمكن أن تستخدم جميع الوسائل القانونية المشروعة لفرض النظام العام و لكن عملها سيظل ضعيفا إذا توقفت سلطتها على عتبة أصحاب المصالح الكبيرة.

شهدنا في ما مضى من السنين أن القانون قد تم تفعيله ضد شخصيات كبرى و مصالح أكبر و خصوصا في مجالات العقار و السياحة. و كانت قرارات ملك البلاد حاسمة في هذا المضمار حيث تم إيقاف مشاريع عقارية و سياحية و تجارية كانت ستؤثر سلبا على مخططات عمرانية و تلحق الضرر ببنيات النقل و توازنات البيئة.

و الآن أصبح من الضروري القضاء نهائيا على تعدي بعض الفنادق الكبرى و المشاريع العقارية الممتلكة من طرف من يعتبرون أنفسهم من علية القوم و ذوو حظوة و تأثير على أجزاء كبيرة من شواطىء البحر و خصوصا في شمال البلاد تحرم على المواطنين لفائدة أقلية غير ذات وزن عددي.

و كلما حاول المواطن المرور أو الجلوس في الشاطىء الموجود قبالة بعض الفنادق يهجم عليه موظفو شركات الحراسة الخاصة لإجباره على مغادرة المكان بكل عدم الإحترام اتجاهه. و قد عانى المواطنون من هذه الظاهرة في شاطىء الصخيرات لكن الأمر تغير و اكتفى أصحاب الفندق المطل على البحر بجزء محدود ملتصق به كمكان مخصص لنزلاءه. أما في شمال المملكة و خصوصا في المنطقة الممتدة من منتجع كابيلا و ريستنغا ووصولا إلي منطقة القريبة من الفنيدق فهناك العديد من التجاوزات التي يتم تسجيلها يوميا من طرف إدارة تلك الفنادق الفاخرة جدا جدا و التي تستهدف فئة قليلة جدا جدا.

فالمرور بجانبها أو محاولة الجلوس على رمالها أو السباحة قبالتها تدخل في دائرة التحريم الذي لا أساس له من الناحية القانونية. فما الفرق بين من يجبر المواطن على أداء مبالغ مظلة و كرسيين في عين الذئاب أو أصيلا و من يحرم عليهم الجلوس على رمال شاطىء هو ملك لجميع المواطنين. لا يمكن لعاقل أن يرفض الامتثال لقواعد ذات طابع أمني في أي مكان من الأماكن العامة ولكنه سيشعر بكثير من الغبن حين يتم حرمانه من فضاء عام لأنه ليس نزيل فندق كبير أو إقامة فاخرة. حرمان بطعم عنصري يساهم في خلق نوع من الحقد الإجتماعي. فندق في شمال المملكة تم بناؤه من طرف مؤسسة مالية عمومية على شكل فيلات قليلة بأسعار كبيرة يستولي على مساحات كبيرة من الشاطيء بدون وجه حق.

وجب على سلطات تطوان إيقاف الاستيلاء على حق المواطن في شواطءه. منذ سنوات ناضلت جمعيات المجتمع المدني في تطوان لإجبار السلطات المحلية على فتح مداخل حتى لا نقول معابر إلى الشواطىء و أصبح بالإمكان أن تتمتع طبقات إجتماعية وسطى من شواطىء بلادها و لكن ردة فعل من تعودوا على استصغار الحقوق و الواجبات تعتمد على الحيل ذات النفس الطويل لكي ترسم حدودا عدوانية في كثير من المجالات البحرية. فالمداخل و الأماكن و حتى الرمال مخصصة للمقيمين و الملاك و محرمة على من يمول بدفعه اليومي للضريبة لكل التجهيزات الأساسية التي تم تسخيرها لجذب الإستثمار العقاري و السياحي.

إن المواطن الذي يتمتع بخيرات بلده هو الذي يسارع للإدلاء بصوته في الانتخابات و يتجند للدفاع عن حرمة مؤسساته. و غير هذا يقوي جبهة تجار الريع و الانتهازيين الذين ينعتون أبناء جلدتهم “ب كحل الراس” و ينسون من يرابط على حدود البلاد و مدى حبه لوطنه و مشروعية تمتعه بخيراته.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *