مزعج أنت يا حامي الدين

حاكمناك، واتهمناك بالقتل. نِلتَ عقوبة أصدرها القضاء، لكنها لم تشفي الغليل، ولم تكن في مستوى ما ننتظره نحن المتربصين. جاءت المصالحة ونِلتَ من الإنصاف ما أثار حفيظتنا، وجَعلَنا لم نُصدق ما يقع. كيف يحدث هذا ونحن نُمسك خيوط اللعبة ونتحكم في رقعة الشطرنج. لا وألف لا، لن نُسامحك على ما تسببتَ فيه من إزعاج لنا يا حامي الدين، ولن نجعلك تضعنا في سلة الإحراج، عاجزين عن إعطاء الجواب، لمن يسألنا عن هذه الأحداث، التي تصنعها أنت يا حامي الدين.
أدركنا سبب تفوقك، وعرفنا الطريق الذي سلكته لتتسبب في إحراجنا وإزعاجنا. إنه طريق المنهجية الديمقراطية الذي أصبحت تسير فيه البلاد. لقد استفدتَ يا حامي الدين من هذه الطريق، ومن الديمقراطية التي جعلتك تنال الإنصاف في زمن المصالحة. لكن الطريق الذي أنصفك فيه منعرجات وموعدنا يا حامي الدين في أول منعرج يقود إلى النكوص الديمقراطي، ويترك جانبا مسار التطوير الديمقراطي.
ألم نقل لك يا حامي الدين أن موعدنا في منعرج النكوص الديمقراطي؟ فها هي الجموع خرجت في مسيرة بدون عنوان، وتجمَّعت من غير تنسيق ولا سابق اجتماع. لا نعرف من سماها مسيرة ولد زروال. لكننا نعرف جيدا أننا سلمنا لا فتات لمن لا نعرفهم ولا يعرفوننا، بل لا يعرفون حتى ما هو مكتوب في القماش الذي يحملونه.
كتبنا في اللافتة أنك قاتل ووضعنا صورتك بارزة للعيان. نقول لك بصراحة الثعلب للغراب، أن حاملي اللافتة لا يعرفون من هو الشخص الموجود في الصورة، ولا يعرفون شيئا عن مصطلح “القاتل”، لكننا ببراعتنا أوصلنا الرسالة وانتقمنا من إحراجك لنا.
مُزعج أنت يا حامي الدين. كل ما قمنا به لم يؤثر فيك، ولا زِلت على رأيك وعلى قناعاتك. فانتظرنا في المنعرج القادم، منعرج النكوص الديمقراطي، يا حامي الدين المزعج صاحب مقولة النضال الديمقراطي.
قمنا نحن المتربصين بك، بتطوير “قوة الشيء المقضي به”، وجعلنا منها سلسلة محاكمات لا تنتهي لا بحكم ولا ببراءة ولا بإدانة. أنت العارف بفصول القانون، ومُشرِّع القوانين في مجلس المستشارين، أَبْرِزْ لنا كفاءتك في القوانين وأوضح لنا معنى المحاكمة التي لا تنتهي لا بحكم ولا ببراءة ولا بإدانة. ألم نقل لك موعدنا في منعرج النكوص الديمقراطي يا حامي الدين المزعج.
نعترف لك بصمودك، وصلابة جأشك في مواجهة سلسلة لا تنتهي من المحاكمات. لكنك ضالع في القوانين ومتشبع بروح الديمقراطية والحقوق. إلا أننا نعرف جيدا أنك ضعيف في النكوص الديمقراطي وفي التراجع عن الحريات، وهنا تكمن قوتنا وتفوقنا عنك يا حامي الدين. إنك ترى أن غاية المشرع ليس هو التشطيب بهدف منع المواطنين من ممارسة حقوقهم الدستورية، لكننا نرى أن التشطيب هو آلة تشريعية لإبعادك يا حامي الدين، وإسكات صوت الإزعاج وإبعاد وضع الإحراج عنا. تفوقتَ علينا بالمنهجية الديمقراطية، وتفوقنا عليك بمنهجية النكوص الديمقراطي. إنه التدافع يا حامي الدين في زمن الانتخابات، تدافع بين منهجيتين: المسار الديمقراطي والنكوص الديمقراطي. وكلا المنهجان يحملان روح الديمقراطية وإن بأساليب مختلفة.
لك الكلمة يا حامي الدين، فنحن لا زلنا متربصين، ننافح عن كل المنافسين.
اترك تعليقاً