سياسة

لماذا يدافع النظام العسكري الجزائري عن الحدود التي رسمها المستعمر؟

يبدو أن المستعمر الفرنسي ليس نادما على مغادرته الجزائر بعدما ترك من يحمي له مصالحه ويدافع عنها أكثر من الفرنسيين أنفسهم، بالرغم من أن باريس وخلال الفترة الاستعمارية كانت قد عقدت العزم على ضم الجزائر نهائياً إلى فرنسا واعتبارها أرضاً فرنسية من أقاليم ما وراء البحار.

الجزائر بالرغم من معاناتها الطويلة من الاستعمار الفرنسي، استفادت من توسيع مساحتها الجغرافية من طرف فرنسا، وذلك على حساب الدول المجاورة لها، وبدرجة أكبر المغرب، الذي ظل يبحث عن تسوية لحدوده على أساس حقوقه التاريخية، بينما سعت الجزائر جاهدة إلى تكريس حدودها الحالية مستندة في ذلك على مبدأ عدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار.

فالتقسيمات الاستعمارية والخرائط الوهمية للمستعمرات لم تكن يوما لصالح الشعوب، بل كانت تهدف إلى تامين مصالح البلدان المستعمرة حتى بعد خروجها، وهي الحدود التي تدافع عنها الجزائر باستماته إلى حدود أول أمس الخميس، خلال أشغال الاجتماع الوزاري لمجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي المخصص لتقييم تنفيذ استراتيجية الاتحاد الإفريقي للإدارة المتكاملة للحدود بين الدول الأعضاء.

خلال اللقاء الذي انعقد عبر تقنية التواصل المرئي عن بعد، شدد وزير خارجية الجزائر، رمطان لعمامرة، على أهمية الالتزام الصارم بمبدأ عدم المساس بالحدود الموروثة عن الاستعمار في تسوية جميع الخلافات المتعلقة بالحدود على مستوى القارة.

وأشاد رمطان لعمامرة بتمسك الاتحاد الإفريقي وغالبية الدول الأعضاء بهذا المبدأ الذي “أرساه الآباء المؤسسون لمنظمة الوحدة الإفريقية سنة 1964 قبل أن يتم تكريسه لاحقا كمبدأ قار وأصلي في القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي”، وفق تعبير وزير خارجية الجزائر.

وأكد خلال كلمته على أن الاحتكام الصارم لهذا المبدأ يمثل الضامن الوحيد للحفاظ على السلم والأمن والاستقرار في أرجاء القارة والشرط الأساسي لنجاح مشروع الاندماج والتكامل الذي تسعى الدول الافريقية لتحقيقه عبر اتفاق منطقة التجارة الحرة القارية.

وجوابا على سؤال لجريدة “العمق” حول أسباب تبني الجزائر لهذا المبدأ الاستعماري بخصوص الحفاظ على الحدود الموروثة عن الاستعمار، قال المحلل السياسي والخبير في القانون الدولي ونزاع الصحراء صبري الحو، إن تمسك الجزائر بهذا المبدأ ودفاعها عنه والدعاية له من داخل الاتحاد الأفريقي أجهزة الاتحاد الإفريقي تحكمه غايتين اثنتين.

وأوضح المتحدث في تصريح للجريدة، إن الغاية الأولى للجزائر هي مرتبطة بإيمان حكام الجزائر أن للمغرب حقوقا في الحدود الغربية للجزائر، بالرغم من أن المغرب أنهى هذا المشكل من خلال اتفاقية حسن الجوار بإفران الموقعة بينهما سنة 1972.

وأضاف الخبير القانوني والمحامي الحو أن الجزائر اعتبرت التماطل خلال حكم الملك الراحل الحسن الثاني في عرض هذه الاتفاقية على البرلمان للمصادقة عليها تهربا من المغرب في الوفاء بالتزاماته بخصوص الاعتراف بالحدود وترسيمها، وهو استنتاج غير صحيح، حيث إن الراحل المرحوم الحسن الثاني على علم ان الاتفاقية إذا عرضت على البرلمان من أجل المصادقة، في وقت كان فيه حزب الاستقلال يتوفر على اغلبية في البرلمان آنذاك، فإنها قد لا تلقى تلك المصادقة، وبالتالي إحراجه أمام الجزائر، وفق تعبير المتحدث، والجزائر تؤمن أن للمغرب حقوقا تاريخية في الحدود الشرقية يمكن اثرتها والمطالبة بها في اي وقت، وهو سر دفاعها على هذا المبدأ.

أما الغاية الثانية وهي الأهم بالنسبة لحكام الجزائر، يؤكد المحامي بهيئة مكناس، فتتعلق بالأقاليم الصحراوية التابعة للملكة المغربية، حيث تحاول الجزائر التأسيس سياسيا من خلال الاتحاد الإفريقي على أن شرعية سيادة المغرب على هذه الأراضي غير تامة، وغير ثابتة وغير قانونية وبالتالي الدفع نحو اقرار مبدأ تقرير المصير، والمطالبة من الاتحاد الأفريقي بدعم الاستفتاء، الذي يرفضه المغرب، وتجاوزته الأمم المتحدة لصالح مقاربة سياسية، في إطار حل سياسي واقعي وعملي متوافق عليه، مع الإشادة بمبادرة المغرب بالحكم الذاتي و واقعيتها ومصداقيتها.

وأضاف صبري الحو أن الجزائر تدافع بشكل كبير على هذا المبدأ بدعوى أن الأقاليم الصحراوية كانت مستعمرة إسبانية وليست فرنسية، وبالتالي فهي غير تابعة للأراضي المغربية و للسيادة المغربية، في محاولة منها لبناء دفوعات سياسية تدعم بها موقفها ومحاولة إقناع المجتمع الدولي بتأييد مبدأ تقرير المصير لتحديد الوضع النهائي لها، ومحاولة ايجاد قاعدة سياسية من التنظيم القاري الافريقي واجهزته وخاصة مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي مازالت تسيطر عليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • غير معروف
    منذ أسبوعين

    سياسة السطو و الإستيلاء على ممتلكات الغير عند الجزائر لم يعد يقتصر فقط على الاراضي المغربية التي ورثتها من الاستعمار و التي تفتخر بها و كانها حق مشروع مع انها تعرف جيدا انها ليست ارضها و انها ارض المغرب ، لا بل تحاول السطو على ما تبقى من الصحراء المغربية تحت مظلة ما يسمى بالبوليساريو التي أوجدته خصيصا لتحقيق مآربها و التوسع على حساب المغرب، لكن حلمها يبقى حلم اما الواقع فالصحراء المغربية ستبقى مغربية إلى الأبد. دولة مسلمة تؤيد سرقة اراضي الغير و تسمى نفسها مسلمة و هي تدرك تماما أن ما بني على باطل فهو باطل و لو كان فيهم ذرة من الظمير لارجعو الحق الى اصحابه.

  • محمد أعزوز
    منذ سنتين

    من الصعب جداً أن يجد المرء نظاما وإعلاما أكثر وقاحة وحقارة ودناءة من النظام الجزائري ومن الاعلامي التابع له. ماذا يمكن للمرء أن ينتظر من نظام بنى سرديته التاريخية على الأكاذيب والادعاءات غير المسنودة بأية حقيقة تاريخية

  • محمد أعزوز
    منذ سنتين

    من الصعب جداً أن يجد المرء نظاما وإعلاما أكثر وقاحة وحقارة ودناءة من النظام الجزائري ومن الاعلامي التابع له. ماذا يمكن للمرء أن ينتظر من نظام بنى سرديته التاريخية على الأكاذيب والادعاءات غير المسنودة بأية حقيقة تاريخية

  • ولد علي
    منذ 3 سنوات

    الحقيقة والصراحة فاعلموا ان التصالح والتقارب بين الشعوب المغاربية غير ممكن مادام العسكر يسيطر على الشعب الجزائري نعم ان ستون سنة من تجربتنا مع هذه العصابة علمتنا ان عصابة المورادية قتلة فلا يمكن التصالح معهم ابدا ولا يمكن للشعوب المغابية ان ترى النور الا بعد نهاية هذه العصابة المجرمة

  • SALIME
    منذ 3 سنوات

    الحدود الموروثة عن الأستعمار ليس من اختراع الجزائر سرقة أرض الغير و المكر و الخداع سلوك المغرب منذ الأزل