سياسة

مسار مشوق لمنتخب محلي .. محاولات لجمع شمل أيت سغروشن قبليا وإداريا (ح 7)

يسر جريدة “العمق المغربي” أن تقدم لقرائها الكرام مقتطفات من كتاب “مسار منتخب. لقطات من ذاكرة آيت سغروشن” لمؤلفه الأستاذ بناصر أحوجيل. وهو كتاب غني بالمعلومات والتفاصيل عن سلسلة طويلة من الانتخابات المحلية التي خاضها الكاتب باسم عدد من الأحزاب منذ 1976. هذه اليوميات المفصلة والمعززة بعشرات الأسماء والصور تعتبر شهادة فريدة من نوعها للتاريخ وللباحثين. خاض بناصر أحوجيل تجربة رئيس جماعة في قرية صغيرة بالأطلس المتوسط هي “آيت السبع” طيلة 45 سنة قبل أن ينطلق إلى السياسة على الصعيد الوطني، وهو ما جعله يتعرف على عدة شخصيات مثل: المحجوبي أحرضان، عبد الكريم الخطيب، عبد الله القادري، إدريس البصري… وغيرهم.

الحلقة 7: محاولات لجمع شمل أيت سغروشن قبليا وإداريا.

منذ بدايتي كرئيس مجلس جماعة آيت السبع، كان لدي هاجس آخر وهو البحث عن السبل الناجعة لخلق جسور التواصل مع شباب إيموزار، قرويين وحضريين. فكانت أول مبادرة قمت بها هي تأسيس جمعية قدماء إيموزار كوسيلة لاستقطاب عدد من الشباب من داخل دائرة إيموزار ومن خارجها لتأطيرهم وتوعيتهم بأهمية العمل الجمعوي الذي هو بمثابة المدرسة الإعدادية لممارسة الشأن المحلي.
(…)

كانت كل هذه المجهودات الشخصية التي كنت أقوم بها مرهقة ومكلفة ماديا وسياسيا، وليست كافية بالقدر اللازم لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدائرة إيموزار كندر بأكملها. ولذلك حاولت البحث عن طريقة للتنسيق مع إخواننا في المجلس البلدي، وعيا مني بأن الاتحاد والتعاون بين الجماعتين سوف يكون رافعة أساسية لمواجهة كل التحديات التي قد تعرقل مسيرتنا التنموية وبالتالي تؤثر سلبا على مصيرنا المشترك. كانت علاقتي الشخصية والفكرية بالرئيس حدو شواد ممتازة؛ لكنه كان قليل الحضور بالجماعة معتمدا على نائبه الأول الذي هو أخوه لحسن شعواض، وعلى بعض الأعضاء الآخرين الذين كانوا منكمشين على أنفسهم ولا يمتلكون قوة المبادرة. فحاولت الاتصال بهم لعلني أجد فيهم الاستعداد لتكوين كتلة متراصة بين المجلسين القروي والحضري نستطيع من خلالها التغلب على مشاكلنا المشتركة.

اتصلت بالأعضاء المشكلين للأغلبية بالمجلس البلدي وفي مقدمتهم لحسن شعواض رحمه الله، فطرحت عليهم الفكرة وأبدوا كلهم موافقتهم المبدئية عليها، ثم عرضت عليهم الجلوس معي ومع باقي أغلبية المجلس القروي حول مائدة عشاء في الليلة الموالية بمنزل والدي بإيموزار لنضع اللبنات الأولى لبرنامج عملنا المشترك. وفي تلك الليلة، حضرت وحضر معي جميع أعضاء أغلبيتي وغاب عنا بدون عذر كل أعضاء المجلس البلدي باستثناء سلاك موحى وادريس رحمه الله. من هنا فهمت بأن الاستمرار في البحث عن لم شمل آيت سغروشن مضيعة للوقت ولا طائلة من ورائه.

وفي سنة1980 ، جاء قرار تقسيم جماعة آيت السبع، وإلحاق جزء مهم منها إلى إقليم إفران؛ ذلك الجزء الذي يضم الغابات الثمينة لشجرة الأرز والذي كان المورد الأساسي للجماعة الأم. حاولت بكل الوسائل المتاحة التأثير على ذلك القرار بدون جدوى، خاصة لما اغتنمت فرصة لقائي بوزير الداخلية الأسبق ادريس البصري بمناسبة تنصيب أول عامل على الإقليم الجديد إفران. كنت قد رافقت وزير النقل محند ناصر الذي جاء لحضور حفل التنصيب بوصفه نائبا برلمانيا للمنطقة. قبل الدخول إلى قاعة الاجتماعات، استأذنت وزير الداخلية بالحديث معه في الموضوع، لكنه أكد لي بأن قضية التقسيم قرار ملكي لا نقاش فيه. قلت له بأنني لست ضد التقسيم الجغرافي والترابي ولكنني غير مرتاح للتقسيم البشري. فحبذا لو تم ضم الجماعة بأكملها إلى إقليم إفران لتبقى القبيلة مجموعة. فنظر إلي بنظرته المعهودة، وقال: “وهل مجلسك كله متفق على هذه الفكرة؟ ” فأجبته :” بدون شك السيد الوزير” . ثم قال :” قوموا بعقد دورة استثنائية في هذا الشأن، وسوف نرى ماذا يمكن أن نفعله في حالة اتفاق الأغلبية على هذا الطرح ” . لما عقدنا دورتنا الاستثنائية، حصل ما لم يكن بالحسبان، وصوتت الأغلبية الساحقة ضد المقترح الذي تقدمت به للمجلس.

فماذا بقي لي أن أفهمه وأستخلصه بعد هذه العملية؟ لكنني على كل حال، لم أكن نادما على ما قمت به. لقد حاولت القيام بالواجب للتاريخ على الأقل. تم التقسيم الإداري، والتحقت ثلاثة مشيخات وخمسة دوائر انتخابية بإقليم إفران، لتحتفظ الجماعة الأم بعشرة أعضاء فقط، شكلنا من خلالهم مكتبا جديدا أصبح فيه حدو عشار نائبا أولا، ومنتصر ادريس نائبا ثانيا، وعلي رزاق نائبا ثالثا. واستمر العمل بهذه التشكيلة إلى حدود انتخابات 1983.

“مسار منتخب. لقطات من ذاكرة آيت سغروشن”. 2020. مطبعة دار القلم. الكتاب موجود في المكتبات.
يتبع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *