وجهة نظر

رسائل مفتوحة إلى مسؤولي اليوسفية مع انتهاء 2016

انتهت سنة 2016 على وقع احتقان اجتماعي استطاع أن يترجمه المواطن اليوسفي إلى أشكال احتجاجية همت الشارع والبلاغات والبيانات والاعتصامات، كما اتسمت بالطابع الاجتماعي االبعيد عن تأطير الإطارات المجتمعية الناشطة بشكل أو بآخر، أو المفروض فيها التفاعل مع نبض ساكنة المدينة، وهذا له ما يبرره على أرض واقع إقليم اليوسفية الذي يبلغ عدد سكانه قرابة 252 ألف مواطن، وعدد جمعياته وأحزابه ومنظماته الحقوقية ما يزيد على 500 إطار مجتمعي.

في الأماكن التي ترتفع فيها وثيرة الاحتجاج، يكون السبب غالبا الإحساس ب “الحكرة” الناتج عن لامبالاة المسؤولين بتطلعات وانتظارات فئة عريضة من بؤساء هذا الوطن، فمثلا هنا بإقليم اليوسفية طفت على السطح ملفات لا تزال قائمة إلى الآن وإن كان ذلك بمنسوب منخفض عن سابقه، فملف المعطلين الذي استطاع أن يفرض نفسه ويجلب إليه الأنظار بشكل غير مسبوق من خلال اعتصامات ليلية ومسيرات ووقفات، تفاعل معها مواطنون افتراضيون بحملة فايسبوكية طالبت برحيل أعلى سلطة بالإقليم، ما حدا ببعض المتتبعين إلى اعتبار ذلك مؤشرا على وجود وعي طارئ بطبيعة المرحلة الراهنة في أوساط شباب الإقليم بعيدا عن وصاية التنظيمات المحلية، الشيء الذي بدا واضحا في ملف آخر استأثر هو أيضا باهتمام المواطنين حين أوقفت شركة “أوزون” المفوت لها تدبير قطاع النظافة ستة عمال دون مراعاة حيثياتهم الأسرية، وهي التي أحدثت ضجة نوعية بالصفقة الخيالية المبرمة مع المجلس الحضري لمدينة اليوسفية البالغة مليار و190 مليون سنتيم. إضافة إلى مسيرات السير على الأقدام الذي نظمها أهالي المداشر القروية إلى مقر عمالة الإقليم للمطالبة بالماء الشروب وفك العزلة عن دواويرهم، وأيضا وقفات مطلبية تكاد دوريتها تكون شهرية أو ما يقارب ذلك، والتي تفاعلت في كثير من الأحيان مع الوضع المأساوي الذي يشهده قطاع الصحة على المستوى الإقليمي.

لا شك أن سنة 2016 سيتذكرها المواطن اليوسفي بكثير من الألم بعد فيضان الأحد الأسود الذي ضرب الإقليم مخلفا خسائر مادية وبشرية، تسببت في إحراج المؤسسات المنتخبة وأجهزة السلطة الإقليمية، بسبب هشاشة الشبكة البنيوية وغياب سدود تلية من شأنها احتواء السيول والأوحال قبل وصولها إلى المدارات الحضرية الآهلة بالسكان، وقد حذر قبل ذلك بشهور تقرير القناة الثانية بتسليطه الضوء الكاشف على الوضع البنيوي المتدهور بالإقليم، غير أن الملفت للنظر في هذا الحادث الاستثنائي هو الاستقطاب الطارئ لمشاعر عطف وحنان المسؤولين المحليين والإقليميين والجهويين تجاه المنكوبين بشكل أثار الريبة والشك في القلوب، خاصة أن إقليم اليوسفية تم إقصاؤه قبل أسابيع من الفيضان من مذكرة الاستثمار الجهوي الذي تضمنه مشروع قانون المالية لسنة 2017، إلى درجة أن الصفحات 49، 50، 51 من المذكرة ذاتها الخاصة بالجهة، لم تحمل شيئا إسمه إقليم اليوسفية، في حين أن كل من مراكش وأسفي والصويرة والحوز وقلعة السراغنة وشيشاوة والعطاوية وأيت أورير والوداية وتامنصورت استفادت من التوزيع الاستثماري على عدة مستويات وقطاعات.

في اعتقادي أن حدة الاحتجاجات ستزداد خلال السنة الجديدة، بسبب أن ملامح إصلاح الوضع العام والعمل على إيجاد حلول جذرية للملفات العالقة لم تتضح بعد، حتى إن البنك الدولي لطالما هدد بسحب مشاريعه من الإقليم جراء ما وصفه في ندوة عامة ب “البلوكاج” القائم في بعض المشاريع البنيوية، والذي مرده إلى سوء التواصل مع الفاعلين المجتمعيين من نخب مثقفة وجمعيات فاعلة ووسائل إعلام هادفة ومؤثرة. فغياب الحوار بتغييب جهات وتفضيل أخرى، يبقى في رأيي هو الحاجز الأساسي، إضافة إلى حواجز أخرى لا تقل أهمية. من هنا وفي غياب قنوات الحوار الحقيقية، بالتأكيد سيفتح الباب على مصراعيه لمزيد من الاحتقان المجتمعي المفتوح على جميع الاحتمالات، بما فيها النزول إلى الشارع للضغط أكثر على أصحاب القرار بهدف انتزاع الحقوق والتعجيل بإصلاح هو أقرب إلى السراب منه إلى الواقع الملموس.