اقتصاد، ملف

خاص.. “العمق” تسلط الضوء على زوايا مظلمة في المشروع “الفرعوني” للربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا 

ليست هذه المرة الأولى التي يخطط فيها المغرب لإنجاز مشاريع طاقية عملاقة، بوأته مكانة الريادة على الصعيد العالمي، ومثال ذلك مشروع نور للطاقة الشمسية الأكبر في العالم، علاوة على محطات الطاقة الريحية ومختلف مشاريع الطاقة النظيفة باختلاف مصادرها، التي تدخل كلها ضمن الاستراتيجية الطاقية المغربية التي تطمح إلى بلوغ 52 في المائة من إنتاج الطاقة النظيفة في أفق 2030. وإلى الآن بلغت حصة إنتاج الطاقة النظيفة إلى 37 في المائة وهو هدف قريب جدا من الهدف المحدد في 42 في المائة بحلول سنة 2020.

وبالرغم من ذلك كله، إلا أن المشروع الأخير الذي روج له بشكل كبير ووصف بالمشروع “الفرعوني”، الذي اقترحته شركة خاصة اسمها xlinks، وهو المشروع الذي يهم الربط القاري عبر البحر لنقل وتصدير الطاقة النظيفة من المغرب نحو بريطانيا، يدفع إلى طرح الكثير من التساؤلات في ظل وجود زوايا مظلمة وفراغات كبيرة وغياب معلومات كاملة ومفصلة ولو في المراحل الأولى.

مشروع “فرعوني” وغموض كبير

خلال الأيام القليلة الماضية، أولت وسائل إعلام دولية ووطنية أهمية كبيرة لمشروع الربط القاري لنقل وتصدير الطاقة النظيفة من المغرب نحو بريطانيا. وراء هذا المشروع، شركة خاصة تدعى xlinks. ركزت خلال التسويق لهذا المشروع  على خط الربط البحري، الذي يكتسي أهمية كبرى لا شك فيها. لكن مع ذلك فإن الشركة ذاتها، لم تتحدث عن المحطة التي ستنتج الطاقة التي يمكن نقلها عبر هذا الخط البحري، بالرغم من إشارات من أن المحطة المرتقب إنجازها والتي سيتم من خلال تصدير الطاقة النظيفة ستكون في في جهة كلميم واد نون، دون تفاصيل أخرى.

وبالنظر إلى أن المشروع المعلن عنه يتطلب استثمارات ضخمة تقدر  بـ 200 مليار درهم. وموافقة البلد المصدر والبلد المستقبل والبلدان التي سيمر عبر مياهها الإقليمية، هذا الخط البحري، وهي أمور لم يتم الكشف عن تفاصيلها إلى حدود الساعة. زيادة على ذلك، تطرح أسئلة أخرى من قبيل من سيمول هذا المشروع الفرعوني؟ وما جدوى الموافقات المبدئية التي منحت له في غياب تصور متكامل وواضح مع استحضار أن السلطات البريطانية نفسها المعنية بشكل مباشر لم تحسم بعد في جدوى هذا المشروع؟ علاوة على أن القدرة الإنتاجية وفق ما أعلنت عنه من قبل الشركة الخاصة تعادل أو تقارب ما يستهلكه المغرب من الطاقة الكهربائية، كيف يمكن إنجاز محطة إنتاج هذه القدرة الإنتاجية المعلن عنها في غياب تمويل واضح وحقيقي؟

إلى جانب كل الأسئلة المطروحة والفراغات الكثيرة المرافقة للإعلان عن هذا المشروع الفرعوني، تبقى المعلومات المرتبطة به قليلة جدا، وهو ما عبرت عنه السلطات البريطانية  في تصريح لصحيفة “تايمز”، حيث قالت وزارة الخارجية والطاقة والإستراتيجية الصناعية في بريطانيا “إنها أخذت علميا بمقترح “Xlinks” وهو قيد الدراسة”، دون تفاصيل أخرى، حيث يبقى مجرد اقتراح قيد الدراسة.

وزارة الطاقة المغربية تعلق 

قبل أيام خرج وزير الطاقة والمعادن والبيئة، عزيز رباح، في تصريح لبعض وسائل الإعلام، معلقا على هذا المشروع المقترح من قبل الشركة الخاصة المسماة xlinks والتي تأسست في سنة 2019 ولم يسبق لها أن أنجزت أي مشروع في هذا المجال، ليقول إن المشروع نال موافقة مبدئية من السلطات المغربية، وينتظر أن تبدأ الدراسات التفصيلية بخصوصه.

وعلى أساس ذلك، طرحت جريدة العمق مجموعة من الأسئلة المرتبطة بالموضوع على الوزير رباح وهي كالآتي:

1- ما هي المعايير المعتمدة لمنح الموافقة المبدئية للشركة المقترحة لهذا المشروع، علما أنها شركة خاصة أحدثت في سنة 2019 ولم يسبق لها أنجزت أي مشروع في مجال اشتغالها (مجال الطاقات المتجددة) .. مع التركيز على أن هذا المشروع مشروع ضخم باستثمارات كبيرة جدا؟

2 – كيف أمكن منح الموافقة المبدئية لمشروع ما زال خاضعا للدراسة من طرف السلطات البريطانية، ولم تكن على علم أو على إطلاع بتفاصيله وفق ما نشرته جرائد دولية بصيغة “بريطانيا أخذت علما بهذا المشروع” وهو قيد الدراسة؟

2- كيف يمكن إعطاء الأولية لخط الربط البحري المتعلق بهذا المشروع دون إنجاز محطة أو محطات إنتاج الطاقة التي سينقلها هذا الخط؟

3- ما موقع الدول التي سيمر خط الربط بمياهها الإقليمية وهل تمت الاستشارة معها وهل أبدت موافقتها في حال سيتم إنجاز هذا المشروع؟

وزير الطاقة والمعادن والبيئة، عزيز رباح، اكتفى جوابا على هذه الأسئلة،  في تصريح مقتضب ومكتوب لجريدة “العمق”، بقوله إن “عددا من الشركات الدولية حصلت على الموافقة المبدئية للقيام بمشاريع الطاقات المتجددة والهيدورجين خاصة في المناطق الجنوبية وذلك من أجل التصدير، ومنها هذا المشروع المندمج الذي تتبناه شركة خاصة بريطانية  xlinks لإنتاج الكهرباء من الطاقات المتجددة لتصديره إلى بريطانيا. دائما بعد الموافقة المبدئية تبدأ الدراسات التفصيلية التقنية والاقتصادية. وتعتبر الطاقات المتجددة من أهم القطاعات ذات الأولوية التي ستعزز الشراكة الاستراتيجية بين المملكة المتحدة والمملكة المغربية”.

تخوفات قائمة

إلى ذلك، أكد خبير في مجال الطاقات المتجددة، أن مسألة الربط البحري القاري ليست مسألة جديدة بالنسبة للمغرب، ولا حتى تصدير الطاقة إلى الخارج. وأوضح الخبير الذي فصل عدم ذكر اسمه، أن المغرب خلال السنة الماضية صدر الطاقة الكهربائية إلى اسبانيا، بعد أن كان في صف المستوردين فقط.

وأضاف الخبير نفسه، أن خبرة المغرب في مجال الربط القاري البحري خبرة قائمة وله تجارب كثيرة في هذا المجال. غير أنه في الوقت نفسه، استحضر عوائق هذا المشروع المعلن عنه بخصوص الخط القاري بين المغرب وبريطانيا، بحكم ما يلزمه من استثمارات ضخمة وموافقات قانونية وفقا للقوانين الدولية واستغلال المياه الإقليمية للدول التي سيمر منها هذا الخط في حال ما تم إنجازه.

وأشار الخبير نفسه، إلى أن الشركة المقترحة للمشروع، شركة خاصة حديثة النشأة (2019)، ولم يسبق لها أن أنشأت أو أنجزت مشروعا ما في مجال الطاقات المتجددة، وهو ما يطرح إشكالات أخرى تتعلق بمدى الثقة في المقترح من المستثمرين المحتملين، خواص كانوا أم عموميين. هذا الواقع يدفع إلى التخوف من قدرة هذه الشركة على إنجاز هذا المشروع من دونه، خاصة أنه مشروع يتطلب استثمارات ضخمة وقدرات وإمكانيات هائلة، وخبرة ميدانية متكاملة، وهي المواصفات التي لا تتوفر في الشركة التي اقترحت هذا المشروع.

مشروع ضخم تقوده شركة حديثة لم تنجز مشروعا قط

لم يسبق لشركة xlinks التي تأسست حديثا، وتحديدا في سنة 2019 والتي تقود هذا المشروع، أن أنجزت مشروعا في مجال الطاقات المتجددة، وحتى في موقعها الرسمي تتحدث فقط عن آفاق هذا المشروع الفرعوني في حال ما تم إنجازه وتعدد مزاياه الكثيرة.

وخلال تصفح الموقع الرسمي للشركة، تظهر السير الذاتية للمؤسسين والمدراء العاملين بها فقط، دون أي إشارة إلى أي مشروع سابق تم إنشاؤه.

فالشركة، وفق ما نشرته تقارير إعلامية، تأسست من طرف سيمون موريش سنة 2019، الذي يشغل منصب الرئيس المدير العام بها، بعد أن قضى 17 سنة في مجموعة “Ground Control Ltd”،  وشغل من قبل مستشارا في مكتب الدراسات الدولي “ماكنزي”، وحاصل على درجة الماجستير في الاقتصاد والهندسة والإدارة من جامعة أوكسفورد، ودرجة الماجستير في إدارة الأعمال من كلية هارفارد للأعمال. ثم المدير التنفيذي للشركة، ديف لويس، الذي شغل منصب الرئيس المدير العام لشركة “تيسكو” في السابق، والتي هي شركة بريطانية متعددة الجنسيات متخصصة في متاجر التجزئة، وأمضى 27 سنة في شركة “Unilever” حيث تولى مناصب مختلفة. إلى جانب نائب المدير التنفيذي بادي بادمانتان، الذي شغل من قبل منصب الرئيس المدير العام لشركة “أكوا باور”، الفاعلة في توليد الطاقة وتحلية المياه، وهي مجموعة تتوفر على استثمارات في أضخم مشاريع الطاقة الشمسية في المغرب وهو مركب نور ورزازات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

تعليقات الزوار

  • محمد عبد المنعم عبد المجيد مرزوق
    منذ 3 سنوات

    استرعي انتباهي وصف المشروع بأنه " فرعوني " ولم يفسر المقال العلاقة بين المشروع وفراعنة مصر القدامي ، حيث أنه لا يوجد فراعنة في العالم القديم والحديث سوي في مصر ؟